شفق نيوز/ بشار حنا، العراقي الذي هاجر من وطنه منذ سنوات بسبب الحرب، اختار الموسيقى وشكّل جوقة غنائية تضم آخرين مثله هاجروا من أوطانهم، لعله يساهم في تطبيب جروحهم النفسية والروحية ومعاناتهم من الحروب والنزاعات والنزوح والوباء.
قصة بشار حنا عرضها موقع "SBS" الاسترالي وترجمتها وكالة شفق نيوز، حيث تناول حياة استاذ الموسيقى العامل الان في مدينة سيدني، ورصدته وهو يعلم رولا سالمو وهي تعزف بعذوبة على الغيتار وتدندن بأغنية عربية حول "أمنا الأرض" التي تصف كلماتها العيش بسلام بلا حروب، كلمات لها صداها عند الأستاذ والتلميذة على السواء، وهما الهاربان من بغداد كلاجئين، وما زالت ذكريات النزاع تلاحقهما.
وفرت رولا وهي في عمر المراهقة مع عائلتها الى الاردن بعد تعرض أفراد عائلتها للخطف من أجل المال. وبرغم ان شقيقها نجح في الفرار، الا جدها ظل محتجزا. وقالت رولا التي تبلغ من العمر 30 سنة الان، "لقد كان شعورا فظيعا لاننا لم نكن نعلم ماذا سيحدث مع جدي الذي احتجز لتسعة ايام. عائلتي اضطرت لبيع مصنعين تمتلكهما من اجل دفع الفدية لاسترجاع جدي".
وتقول رولا انه في المرحلة الحالية بسبب اجراءات الاغلاق العام والتباعد الاجتماعي بسبب جائحة كورونا، فان ذكريات هذه الصدمات طفت على السطح مجددا. واضافت "انه وقت عصيب. الناس تبدأ بالتفكير بطريقة سلبية. ماذا سيحدث لنا؟ هل سنخسر وظائفنا؟".
وجاء بشار حنا ورولا الى استراليا كمهاجرين يتمتعان بحرفة. وتعمل رولا الان كأستاذة للرياضيات في مدرسة ثانوية، وهي صارت من ضمن ال500 شخص، غالبيتهم من المهاجرين الذين فروا من مناطق الحروب، وتتلمذوا على يدي بشار حنا خلال الاعوام ال17 الماضية.
ويدرك بشار حنا تماما معنى ان تحيا في منطقة حرب، فقد ترعرع في بغداد خلال الحرب العراقية-الايرانية في ثمانينيات القرن الماضي. ويقول بشار "الطائرات الحربية كانت في كل مكان، والقذائف في كل مكان، واي شخص يمكن ان يقتل بأية لحظة".
وبعدما استقر في استراليا، فإن هذا المهندس تعلم مهارات العمل في مجال بيع العقارات قبل ان ينضم كمنسق الى "برنامج اي اتش اس اس" الممول من وزارة الهجرة، حيث واجه التعامل مع التحديات التي يعيشها اللاجئون الجدد.
وأسس بشار حنا عدة مجموعات علاجية تعتمد على الفنون، من بينها "جوقة الحب"، بالتعاون مع هيئة اعادة تأهيل الناجين من التعذيب والصدمات. وقال بشار انه يأمل ان يعمل الناس المهاجرين الانكليزية من خلال الغناء من اجل الشفاء، "فالموسيقى من وجهة نظري، اداة فعالة جدا، انها لغة".
وقال بشار "الموسيقى يمكنها زرع بعض الايجابية في حياة الناس، وبامكانها ان تغير طريقتهم في التعامل مع الامور".
وفي الشهر المقبل، تأمل "جوقة الحب" ان تظهر على المسرح للمرة الاولى من اجل تقديم حفل فني امام الناس. وتقول رولا "انني متحمسة جدا، سيكون شيئا رائعا ان نتواصل مع الناس مجددا".
واشار بشار الى انه خلال السنة الماضية، استفاد كثيرون من تعلم الموسيقى وادائها. واوضح ان "كوفيد19 اثار عند العديد من الناس اضطراب توتر ما بعد الصدمة، والكثير من اللاجئين هم من مناطق الحرب ولديهم ذكريات مؤلمة فعلا. الصدمة التي مروا بها، تحتاج الى دفعة صغيرة لتعود".
وتقول كلمات احدى الاغنيات "لنبني عالما جديدا يبتغي الفرح، وهذا الحلم ليس بعيد المنال".
وقال بشار "أملي ان اساعد الناس الذين يجيئون الى استراليا من خلف البحار. هؤلاء الذين يقومون بهذه الرحلة الطويلة، هم ناجون. يحبون الحياة ويقدرونها. انا واحد منهم".