شفق نيوز / في الأنبار، حيث معقل رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، "زعيم السنة" كما وصفته أوساط سياسية وشعبية مؤخراً، لا سيما بعد قيادته جمعاً من زعامات المكون في مختلف محافظات البلاد، ثمة بوادر فتنة يقودها جمع من المعارضين لسياساته تجاه "المناطق المحررة" هذه المعارضة لا جذور سابقة لها، سوى التوجه السياسي الذي بات عليه بعد انتخابات تشرين 2021.
وفي مضايف الانباريين، تلك الأروقة التي لم تعد خالية من حديث السياسية منذ إعلان تحريرها من قبضة داعش، تتصاعد حدة الخلاف بشأن قيادة الحلبوسي، خصوصاً بعد عودة أو إعادة بعض من معارضيه إلى المحافظة، الأمر الذي أثار المخاوف من إمكانية أن يؤدي ذلك الخلاف إلى ولادة فتنة تسعد الخصوم السياسيين في تحالفات منافسة.
وتشكل عودة علي حاتم سليمان، ومن قبله رافع العيساوي، ودعم سطام أبو ريشة، إرباكاً سياسياً لاستقرار الأنبار، لاسيما مع وجود انقسامات بين الجماهير بين مؤيد ومعارض لكلا الطرفين.
مخطط سياسي
ووصف سياسيون، ظهور معارضين للحلبوسي، بشكلٍ مفاجئ بـ"مخطط"، تسعى له قوى الإطار التنسيقي، لمناكفة رئيس البرلمان، من خلال إعادة قيادات سابقة بمعقله التقليدي، رداً على تحالفه مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
لكن فهد الراشد، النائب في البرلمان، عن حزب تقدم الذي يتزعمه الحلبوسي، أشار إلى أن "الدستور يكفل حرية الرأي والتعبير، وتشكيل الكتل السياسية والأحزاب، لكن بما يخص سليمان وسطام أبو ريشة وآخرين، فهم ليسوا حزباً أو كتلة سياسية، حتى يتم التحالف معهم".
وأضاف الراشد، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "سليمان وأبو ريشة، هم أبناء عمومة وجزء من المجتمع، وبالتأكيد لديهم ملاحظاتهم وقد يكون لهم الحق في بعض القضايا المطروحة"، مردفاً بالقول: "نحن كتحالف شخصنا هذه المشكلات وفي طريقها للحل".
جبهة معارضة
في المقابل، تعمل شخصيات معارضة للحلبوسي وكيانه السياسي، على إعلان تشكيل جبهة معارضة داخل محافظة الأنبار، خلال الأيام القليلة القادمة، غرضها "رفض سياسة الحلبوسي، من استبداد وتكميم أفواه أبناء المحافظة، منذ دخوله العملية السياسية"، بحسب مصطفى الدليمي، المنسحب مؤخراً من تحالف المعارضة، بقيادة علي حاتم سليمان لـ"أسباب خاصة"، وفق قوله.
ونوه الدليمي، خلال حديثه للوكالة، إلى عدم وجود أي عداء شخصي مع الحلبوسي، لكن "اعتراضه ورفاقه على أداءه داخل المحافظة، كونه "لا يقوم بعمله وفق السياق القانوني والدستوري"، على حد تعبيره، لافتاً إلى أن "المرحلة القادمة ستظهر أكثر من جهة معارضة لسياسة الحلبوسي، وقريباً سيعقد مؤتمر داخل المحافظة حول سياسته ونهجه المتبع تجاه الأنبار".
وتابع: "نحن اليوم كمعارضة، نريد أن نساعد ببناء حكومة رصينة، لا أن نتزاحم على كرسي أو منصب، ولو كان أداؤهم صحيح لكنا داعمين لهم"، مشيراً إلى أن "الحلبوسي نسي أن يقدم ما يمليه عليه واجبه، ويوجه انظاره لكل المحافظات العراقية، وهو ليس ممثل عن المحافظات السنية فقط، بل هو ممثل عن الشعب".
توازن مفقود
من جانبه، رأى الباحث بالشأن السياسي العراقي، زياد العرار، عدم وجود أي خلاف حقيقي أو مشكلة بين الحلبوسي والمعترضين، لأن "عملية التوازن بين الطرفين غير موجودة بالأساس، وليس هنالك قيمة سياسية للسليمان أو سطام أبو ريشة، مقارنة بالكتلة التي يتزعمها رئيس مجلس النواب".
وقال العرار، لوكالة شفق نيوز، إن "ما يتحدث عنه السليمان أو سطام هو رؤية سياسية، لكن لا توجد مقارنة، حتى نقول يؤثر الخلاف على مستقبل الأنبار، ولكن نقول يؤثر على النسيج المجتمعي ويسمح للآخرين أن يتدخلوا بالشأن الأنباري".
وبين أن "هناك محاولات حقيقية من بعض الأطراف والقوى السياسية في المشهد العراقي، تحاول التدخل والضغط على تحالف السيادة أو تحديداً تقدم، من خلال بعض الفواعل السياسية في الأنبار، لكسب المشهد العام في بغداد، وبالتالي لا وجود لخلاف سياسي ذو قيمة ووزن بين الجهات المذكورة".
وحذر العرار، من "تحول هذه الخلافات إلى فتنة"، داعياً المختلفين سياسياً، إلى "مراعاة مصلحة المحافظة أولاً، وذلك لا يعني أن يكون هناك رضى تام على حزب تقدم، بل يوجد خلاف وعدم رضى، وليس فتنة".
وخلص الباحث في الشأن السياسي العراقي، إلى القول: "المعارضة حالة صحية حية، لكن أن تتحول لشخصيات تقود مشاريع سياسية تهدف لإرضاء آخرين، أو زرع الخلاف، قد يؤدي إلى خراب المحافظة".