شفق نيوز/ دخلت المحافظات الجنوبية (البصرة، ذي قار، وميسان) مرحلة كبيرة من الصراع الانتخابي، فيما يتوقع مراقبون صداماً مسلحا في ثغر العراق الاقتصادي، يأتي هذا التشنج في وقت يعاني منه معظم مواطني تلك المحافظات من تردي الواقع الخدمي والمعيشي.
في محافظة البصرة، أكد مواطنون أنهم مع العملية الانتخابية على الرغم من اليأس الذي يمرون به، إلا أنهم يأملون أن تنجح هذه الانتخابات بتكملة المشاريع المتلكئة وغيرها خصوصاً أن انتخابات مجالس المحافظة تمس حياة المواطن البصري.
أولئك المواطنون، تحدثوا لوكالة شفق نيوز، عن مخاوف من صدام مسلح بين التيار الصدري وعدد من قوى الإطار التنسيقي في الانتخابات أو بعد إعلان نتائجها، كون جماهير الإطار في البصرة الغنية بالنفط، يروجون بأن مرشح تحالف "نبني" لكتلة "صادقون" التابعة لعصائب أهل الحق عدي عواد سيكون الأوفر حظاً لتولي منصب المحافظ"، لافتين إلى أن "العصائب تريد عواد أن يكون محافظاً، لكن غالبية البصرة تؤيد بقاء أسعد العيداني".
وأضاف أحد المتحدثين: "إن جاء عواد، ستحدث أزمة أمنية وفوضى خصوصاً بين التيار الصدري والعصائب، لأن من المستحيل على التيار الصدري أن يتقبل محافظاً بصرياً ينتمي إلى العصائب،،خصوصاً بعد الأزمات الأخيرة بين هذين القطبين".
الحارس القديم
بدوره، قال الناشط المدني في البصرة عمار الحلفي، للوكالة: "في بداية الأمر أنا رافض لعودة مجالس المحافظات كونها حلقة معطلة لعمل المحافظين، وهي حلقات زائدة و أسألوا المحافظات التي شهدت عمليات إعمار على ذلك"، مضيفاً: "لا ننكر أن هناك تمسكاً بالقرار الفردي من قبل بعض المحافظين، ولكن هذا الأمر أدى لأعمار تلك المحافظات".
ورأى الحلفي، أن "قضية التنافس اليوم في محافظة البصرة على منصب المحافظ هي بين أسعد العيداني وتحالف (نبني) الذي رشح عدي عواد، وبالنسبة للعيداني هو شخصية عنيدة، لن يعطي المنصب بسهولة، وهو يحاول الحصول على أكثر من 12 مقعداً، لأن عدم حصوله على هذا الرقم من المقاعد يعني أن هناك اتفاقاً سيكون ضده و سيتزعمه دولة القانون ويتضمن عدم تجديد الولاية له مجددا".
وأشار الناشط البصري، إلى أن "عدي عواد موقفه بالحصول على منصب المحافظ أيضاً صعب جدا بسبب التشنجات والصراعات المسلحة بين العصائب والتيار الصدري"، مردفاً بالقول: "لا اعتقد الصدريين سيوافقون على تسلم عواد منصب المحافظ، إلا إذا حصل اتفاق مع التيار الصدري لكونه أحد المنتمين للخط الصدري سابقا".
وتابع الحلفي: "لن يكون هناك استقرار أمني في البصرة اذا تسلم عدي عواد منصب المحافظ، ولم تكون هناك اتفاقات بين جميع الأطراف حوله، وربما نشهد انهياراً أمنياً يستمر لسنوات في المحافظة، وهذا الانهيار ربما يؤدي إلى انهيار اقتصادي لواجهة العراق الاقتصادية".
وزاد بالقول: "المرحلة المقبلة هي مرحلة مجهولة ونحن كبصريين متخوفون من القادم حتى وإن بقي العيداني في منصبه، لأن مجلس المحافظة سيكون ضده وسيعمل على تدمير ما بني في المرحلة الماضية".
صراع قوي
وفي ميسان، هناك مرشحون عدة وسط محافظة منكوبة من شمالها إلى شرقها إلى جنوبها وغربها، خدمات رديئة وكثافة سكانية عالية وأزمات وصراعات عشائرية وأمنية، وأحزاب تحاول أن تسيطر وتكون أقوى من الدولة.
الناشط الميساني، كرار البديري، أشار إلى وجود صراع قوي يتصدر المشهد السياسي في ميسان قبيل الانتخابات، والفرق المتنافسة والأحزاب تسعى إلى أن تكون صاحبة المركز الأول من أجل السيطرة على منصب المحافظ الذي كان وما يزال حكرا على لتيار الصدري منذ سنوات عدة.
ولم يخفِ البديري، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، مخاوفه وأقرانه من إجراء الانتخابات في موعدها المحدد في المحافظة، لافتاً إلى أن "الدعاية الانتخابية مستمرة وتسري بشكل طبيعي".
وأضاف، أن "التيار الصدري موجود بقوة في الشارع الميساني ويعدونه ثقلا كبيرا في المحافظة، لكن الأحزاب المشاركة في الانتخابات تعمل بشكل طبيعي للفوز بمقعد في مجلس المحافظة المقبل"، موضحاً أن "مخاوف كبيرة لدى أهل ميسان لعدم وضوح الرؤية بشأن المشاركين في الانتخابات والمقاطعين لها".
وواصل حديثه قائلاً: إن "الطرف الأول والذي يمثله تحالف (نبني) ودولة القانون وبقية القوائم يسعون للسيطرة على منصب الطرف الثاني (المحافظ) التابع للتيار الصدري خلال فترة ما بعد الانتخابات، حيث اننا نخشى من حصول صدام مسلح بين الطرفين".
لا هدوء في الناصرية
تمثل الناصرية مركز محافظة ذي قار، مركزاً احتجاجياً كبيراً وهي لا تعرف الهدوء ولا الاستقرار الأمني منذ تشرين الأول العام 2019 انطلاق التظاهرات الكبرى في العراق.
المواطن محمود الأسدي، أكد أن "هذه الأزمات لن تنتهي في الناصرية ولا في أقضيتها، حيث هناك جهات تدعم متظاهرين لحرق الإطارات في الطرق وتسقيط خصومهم، وجهات أخرى تحاول بطريقة أو أخرى أن تحث الناس إلى عدم المشاركة في الانتخابات، وهنالك مرشحون مقربون من أحزاب يدّعون أنهم مستقلون".
وذكر الأسدي، خلال حديثه للوكالة، أن "الناصرية لا يوجد فيها أي مقر لحزب جميعها مغلقه، بسبب ما حصل فيها من أحداث خلال السنوات الثلاث الماضية، والتي تدفع بعض المتظاهرين إلى حرق هذه المقرات إلا المقرات التابعة (لسرايا السلام)" الجناح العسكري للتيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.
من جانبه، رأى المحلل السياسي نجم عبد طارش من ذي قار، أن "تنسيقاً مسبقاً بين المشاركين في الانتخابات سيكون خلال الفترة المقبلة، والقرار في النهاية سيكون للطرف الحاكم في الوقت الحالي، و(تشرين) ستكون صاحبة تمثيل في الحكومات المحلية المقبلة وخاصة في ذي قار".
وذكر طارش، للوكالة، أن "المشكلة تكمن في قضية واحدة هو غياب التيار الصدري وهذا التيار لا يستطيع أحد التنبؤ بما سيفعله نتيجة مركزية قراره وهي بيد الصدر، وغياب التيار من الممكن أن يخلق نوعاً من التوتر لدى المشاركين ليس في ذي قار بل في عموم البلاد".
وتابع: "لكن هذه التوترات هل ستكون في الانتخابات؟ بالتأكيد لا، بل ستكون بعد ظهور نتائج الانتخابات، وما سيرافقها من اعتراضات ربما على النتائج او غيرها من الأمور التي تُستَغل لإثارة الرأي العام".
وزاد طارش بالقول: "ما دام التيار سيكون غائباً عن الساحة السياسية، فسيكون هناك اتفاق على اختيار للمحافظ المقبل من الإطار أو دولة القانون او غيرها من الكتل الأخرى المشاركة انتخابيا".
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد دعا، يوم الإثنين الـ13 من شهر تشرين الثاني الماضي، انصاره الى مقاطعة انتخابات مجالس المحافظات، وعدّ ذلك بأنه سيقلل من شرعيتها خارجياً وداخلياً.
وقال الصدر في رده على سؤال من انصاره حول المشاركة في الانتخابات، إن "مشاركتكم للفاسدين تحزنني كثيراً .. ومقاطعتكم للإنتخابات أمر يفرحني ويغيض العدا ... ويقلل من شرعية الانتخابات دولياً وداخلياً ويقلص من هيمنة الفاسدين والتبعيين على عراقنا الحبيب حماه الله تعالى من كل سوء ومن كل فاسد وظالم".