شفق نيوز/ سلطت قناة "فرانس 24" الفرنسية، الضوء على مسلسل "عالم الست وهيبة" العراقي الذي يعرض خلال شهر رمضان، والذي قالت انه كان محظورا في عهد رئيس النظام السابق صدام حسين لأنه كان يصور بشكل جريء الحياة في ظل العقوبات، والآن يصور زعماء المخدرات الذين يزدادون ازدهاراً، ويركز مثل العديد من المسلسلات الأخرى، على القضايا الاجتماعية مثل إدمان المخدرات والجريمة والطلاق والبطالة.
الست وهيبة
وفي أثناء ترجمة التقرير الفرنسي من قبل وكالة شفق نيوز، أصدر القضاء العراقي، أمراً ولائياً بإيقاف مسلسل "عالم الست وهيبة" الجزء الثاني الذي تبثه فضائية "utv"، بناءً على دعوى سبقت عرضه، تقدم بها مؤلف الجزء الأول منه (صباح عطوان).
ولفت التقرير الذي نشرته القناة الفرنسية، ووكالة "أ.ف.ب"، إلى أن نسبة مشاهدة التلفزيون في الشرق الأوسط تصل الى ذروتها تقليدياً خلال شهر رمضان، حيث بتابع الناس برامجهم المفضلة بعد الإفطار عند غروب الشمس، بينما نقل التقرير عن مخرج المسلسل سامر حكمت قوله انه يتناول "القضايا التي تؤرق مجتمعنا نتيجة الحرب والفوضى".
وأوضح تقرير القناة الفرنسية، أن "العراقيين عانوا من عقود من الاضطرابات منذ الحرب العراقية الإيرانية خلال الثمانينيات ثم غزو الدكتاتور السابق صدام حسين للكويت في العام 1990، مما أدى إلى تطبيق عقوبات اقتصادية قاسية، مضيفا انه جاء بعد ذلك، الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لاحقا في العام 2003 والاقتتال الأهلي والعنف الطائفي وظهور تنظيم داعش الذي لم تلحق به الهزيمة سوى في أواخر العام 2017.
وتابع التقرير، أن العراق الغني بالنفط الذي يبلغ عدد سكانه 43 مليون نسمة، ما يزال يتعافى من تلك الصراعات، ويعاني حالياً من الفساد المتفشي والمحسوبية، والاقتصاد الهش، وتردي الخدمات العامة، ومعدلات البطالة المرتفعة.
وفي إشارة الى تجار المخدرات والأثرياء الجدد، نقل التقرير عن حكمت قوله إن الاضطرابات التي استمرت لعقود، خلقت "طبقة من الناس استفادت من الفوضى"، مبيناً ان "الشباب يقعون ضحية هذا الطريق المظلم".
وذكر التقرير أن العراق، الذي يعتبر بلد عبور للمخدرات، يشهد تزايدا كبيرا في تعاطي المخدرات في السنوات الاخيرة، وخصوصا الكبتاغون.
ونوه التقرير الفرنسي، الى الأجزاء الأولى من مسلسل "عالم الست وهيبة"، الذي جرى إنتاجه في العام 1997، تحكي عن قصة وهيبة، وهي ممرضة تكافح من اجل مساعدة جيرانها في ظل العقوبات الدولية الخانقة التي اوقعت العديد من العراقيين في الفقر والجريمة.
وبين التقرير أنه بعد مرور 17 دقيقة من بدء بث الحلقة الاولى من المسلسل، حظرته السلطات العراقية وقتها، خشية ان يساهم في تحريض الناس ضد النظام، إلا أنه بعد مرور عام نال البرنامج جائزة اقليمية فسمحت السلطات ببثه، وإنما فقط في منتصف النهار، وهو ما يعتبر فترة زمنية تتدنى فيها نسبة المشاهدة.
وتابع ان قناة "UTV" العراقية الخاصة بدأت بث المسلسل منذ اليوم الأول من شهر رمضان الحالي وخلال وقت الذروة.
ولفت التقرير الى وفاة العديد من الممثلين الأوائل في المسلسل خلال فترة التوقف الطويلة، الا ان العديد من الممثلين الآخرين أعادوا تقديم أدوارهم، مضيفاً انه في الحلقات الجديدة، تؤدي وهيبة دورا مساندا لحفيدتها التي تحمل الاسم نفسه، وهي طبيبة نفسية، باعتبارها الشخصية الرئيسية.
وتناول التقرير مشهدا من مسلسل يجري تصويره في منطقة صناعية مكتظة في وسط بغداد، حيث انه في نفس المرآب الذي تم فيه تصوير مشاهد المسلسل الأول، يقوم المخرج حكمت بتصوير مشهد يهدد فيه تاجر المخدرات علاء بقطع رأس أحد أفراد عصابته.
ونقل التقرير عن الممثل زهير رشيد، الذي يؤدي دور تاجر المخدرات علاء، قوله أن المسلسل يظهر الوقائع المريرة لظاهرة "الثروة التي تغذيها المخدرات وتداعياتها ونهاياتها المأساوية".
كسر المحرمات
إلى ذلك، ذكر التقرير أن صناعة الترفيه المنهكة في العراق لا تزال بعيدة عن اكتساب الاعتراف بها في هذه المنطقة التي احتلت فيها المسلسلات السورية والمصرية الصدارة منذ فترة طويلة.
واشار التقرير الى ان المسلسلات الدرامية العراقية التي تعرض فقط على شاشات التلفزيون المحلية، ركزت بعد صعود تنظيم داعش على سرد قصص الحكم الوحشي للمتطرفين والحرب من اجل هزيمتهم.
ونقل التقرير عن الناقد الفني مهدي عباس إشارته إلى وجود اتجاه لافت خلال شهر رمضان الحالي حيث تتناول غالبية المسلسلات "قضايا تشكل تهديدا للمجتمع".
وذكر التقرير ان هناك مسلسلا آخر يعرض تحت اسم "ناي" يتناول ظاهرة البطالة، خصوصا بين طلاب الفنون، والفجوة المتزايدة بين الاغنياء والفقراء.
ونقل التقرير عن الممثلة سوزان صالحي، التي تؤدي دور البطولة في هذا المسلسل، انه يحكي عن "الشباب التواقين لنيل الفرصة".
وبحسب التقرير، هناك أيضا مسلسل "انفصال" الذي يستند إلى قصص طلاق حقيقية تابعها الكاتب حسب الله يحيى في المحاكم، مما يعكس ارتفاع معدلات الطلاق في العراق، مضيفا ان المسلسل يتناول أيضا قضية زواج الاطفال، وهي ظاهرة منتشرة في العراق، خصوصا في المناطق الريفية، حيث ان السن القانوني للزواج هو 18 عاما، الا انه بالامكان تخفيضه الى 15 عاما في حالات موافقة الوالدين او جهة قضائية.
وختم التقرير، بالإشارة إلى قول الكاتب يحيى إن "الناس عادة ما يتجنبون القضايا الحساسة.. ونحن نحاول ان نكسر المحرمات".