شفق نيوز/ ذكرت صحيفة "بوليتيكو" الاميركية ان الرئيس الاميركي جو بايدن "متعب من التعامل مع الشرق الاوسط"، بما في ذلك من العراق، برغم انه لم يمض سوى شهر واحد تقريبا في البيت الابيض.
وفيما اشار مستشارون للرئيس الاميركي الى أن علامات هذا التعب ليست سرية، ذكرت الصحيفة الاميركية ان بايدن اجرى مكالمة هاتفية وحيدة لاحد زعماء منطقة الشرق الاوسط وهو رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي هو ايضا انتظر ثلاثة اسابيع لكي يتصل به بايدن الذي فضل التواصل الهاتفي مع زعماء دول حليفة بل حتى خصوم مثل روسيا والصين.
وذكرت الصحيفة الاميركية في تقريرها الذي ترجمته وكالة شفق نيوز ان بايدن اعلن خلال اول اسبوعين له في البيت الابيض، انهاء الدعم الاميركي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، وهي خطوة سبقها قرار بتجميد بيع اسلحة الى دول في المنطقة. كما ان ادارة بايدن "جلست في المقاعد الخلفية" في ردها على الهجوم الصاروخي الذي استهدف اربيل واصاب قاعدة عسكرية لقوات التحالف التي تقودها واشنطن.
وقال مسؤول بارز سابق في مجلس الامن القومي الاميركي، ومستشار مقرب من بايدن حاليا، "اذا كنت ستضع لائحة بالمناطق التي ينظر اليها بايدن على انها اولوية، فان الشرق الاوسط ليس بين الاولويات الثلاثة الاولى".
واضاف المستشار ان الاولويات هي منطقة آسيا- المحيط الهادئ، واوروبا ثم نصف الكرة الارضية الغربي، وهو ما يحظى باجماع الحزبين الديمقراطي والجمهوري بان القضايا التي تتطلب الاهتمام الاميركي تغيرت مع صعود المنافسة من قوى كبرى (الصين وروسيا).
وقال مستشار غير رسمي آخر لبايدن، يحدد المسألة بشكل اكثر وضوحا بقوله "انهم يستهدفون بوضوح الا يتم جرهم الى الشرق الاوسط".
واوضحت الصحيفة الاميركية ان تحول الاوضاع في ما يتعلق بالطاقة والموارد بعيدا عن المنطقة، يعكس ما يصفه المستشارون بانه جهد متعمد لتفضيل ما يرونه قضايا اكثر الحاحا. وحاول رؤساء سبقوا بايدن اعتماد هذه المقاربة بأنفسهم، وغالبا من دون ان يحققوا نجاحا. واضافت ان في قلب هذا التحول شعور بالسخط حول فكرة ان واشنطن انغمست كثيرا بمسائل الخليج.
واشارت الى ان هذه الحقيقة تنطبق ايضا على بايدن بشكل خاص، فهو له تاريخ طويل ومعاناة مع الشرق الاوسط، فقد صوت ضد حرب الخليج الاولى العام 1991، والتي فازت فيها الولايات المتحدة بشكل سريع. وبصفته كان عضوا في لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، فانه ايد قرارا للجنة من اجل تفويض الرئيس الاسبق جورج بوش غزو العراق العام 2003، وهو تصويت قال لاحقا انه يندم عليه.
وفي العام 2007، عندما كان يتنافس من اجل الرئاسة، اقترح بايدن خطة لتقسيم العراق الى ثلاثة اقاليم، وتعرضت لانتقادات واسعة من خبراء الشرق الاوسط والمحللين الذين اعتبروا انها ستقود الى المزيد من سفك الدماء.
وامضى بايدن سنوات يزرو الشرق الاوسط متعاملا مع ملف العراق بتفويض من الرئيس السابق باراك اوباما، كما خاض معركة لوحده من معترض على خطة اميركية لزيادة كبرى في حجم القوات الاميركية في افغانستان، وتعامل مع الحرب الاهلية السورية، ومع قضية صعود داعش.
ثم في العام 2014، هاجم دولا حليفة محملا اياها مسؤولية صعود الارهاب. وقال امام طلاب من جامعة هارفارد إن "الاتراك، السعوديين، الاماراتيين وغيرهم ماذا كانوا يفعلون؟ كانوا شديدي التصميم على اسقاط (الرئيس السوري بشار) الاسد، وادى ذلك الى حرب سنية-شيعية بالوكالة، فماذا فعلوا؟ انفقوا مئات ملايين الدولارات والاف الاطنان من الاسلحة الى اي احد كان مستعدا لمحاربة الاسد".
غضب الحلفاء، وبايدن، سارع الى الاعتذار، بحسب الصحيفة.
والان يتحتم على بايدن التعامل مع بعض هذه المسائل الشائكة مجددا. ولقد اعطى القليل من المؤشرات عما اذا كان يعتزم استكمال الانسحاب من افغانستان في ايار المقبل. لكن وزير دفاعه لويد اوستن المح الاسبوع الماضي، الى ان واشنطن قد لا تواصل تنفيذ خطط الانسحاب.
وقالت الصحيفة ان اوستن نفسه يبدو حريصا على الا يتعثر بالشرق الاوسط مجددا، وهو اطلق مؤخرا مراجعة لانتشار القوات الاميركية حول العالم والتي يفترض ان تطال القوات الاميركية في منقطة الخليج، لكن من غير المرجح ان تؤدي الى تقليص حجم القوات الاميركية المنتشرة في مناطق آسيا-المحيط الهادئ.
كما ان اوستن المح الى ان الشرق الاوسط ليس بين اولوياته الاساسية عندما عين ثلاثة مستشارين له حول الصين ووباء كورونا والتغير المناخي. وتعتبر النائبتان له كاثلين هيكس وكيلي ماغسيمان، من الخبراء في الملف الصيني.
ولا يقتصر هذا التغيير في الاولويات على البنتاغون وحده. ففي مجلس الامن القومي، فان المستشار جاك سوليفان قلص عدد اعضاء الفريق المخصص للشرق الاوسط، وعزز في المقابل الفريق الذي ينسق السياسات الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ.
واعتبرت ان الاختبار الاهم الذي يواجهه يتعلق بما اذا كان سيتراجع عن قرار سلفه دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران، وكيف سيفعل ذلك، مضيفة ان هذا القرار هو الذي سيحدد ما اذا كانت سياسته بالتراجع عن الاهتمام بالشرق الاوسط، ستنجح او لا.
لكم سوليفان يقول ان هدف الادارة الاميركية "العودة الى الديبلوماسية" مع ايران، ووضع برنامجها النووي "في الصندوق" حتى يتم التعامل مع التهديدات الاخرى التي تشكلها ايران، من جانب الولايات المتحدة والحلفاء.
وبحسب الصحيفة، فانه بعد هجوم اربيل، هناك مؤشر اضافي على ان الادارة الاميركية، تريد تخليص نفسها من هذه المنطقة الشائكة، اذ ان المسؤولين الاميركيين يقولون ان الاستخبارات لم تحدد حتى الان الجهة المتورطة في الهجوم بشكل واضح، ويشيرون الى انهم سيتركون للعراقيين ان يقودوا التحقيقات واي رد عسكري على ذلك.
وذكرت الصحيفة كيف ان بايدن دخل الى البيت الابيض بخطة عمل توسعية تتضمن مواجهة كورونا، واعادة صياغة التعافي الاقتصادي، واصلاح السياسة المناخية، واعادة النظر في السياسات المتعلقة بقوة الشركات التكنولوجية.