شفق نيوز/ التصريحات التي ادلى بها وزير المالية العراقي علي عبد الأمير علاوي، والتي كشف خلالها توقعات عما سيواجه الاقتصاد المحلي في السنوات المقبلة جراء اعتماد العراق الكلي على النفط وتوجه العالم نحو الطاقة النظيفة، أثارت الكثير من ردود الافعال الرافضة والمنتقدة لما آلت اليها الامور بسبب سياسات الحكومات العراقية الحالية وماسبقها.
وكان وزير المالية قد صرح خلال الملتقى الوزاري لآفاق طاقة المستقبل، بأن الهيكلية المالية العراقية جامدة وفي حال انهيار الإيرادات سيكون نتيجتها تسريح اعداد كبيرة من الموظفين او تراكم المتأخرات، وبالتالي ستودي الى ضغوطات على الدولة، مبينا أن الالتزامات التقاعدية ستكون خلال الخمس سنوات المقبلة الى 25 ترليون دينار.
تصريحات سياسية غير موفقة
ويقول الخبير الاقتصادي هلال الطحان لوكالة شفق نيوز، إن "وزير المالية لم يكن موفقاً في تصريحاته حول الاقتصاد العراقي"، مبيناً أن "العراق من الدول الريعية منذ سبعينات القرن الماضي، سيما منذ تأميم النفط عام 1972".
ويضيف الحان، أن "ما صرح به وزير المالية لم يأتي بشيء جديد حيث أن العراق يعتمد على الايرادات النفطية باكثر من 90 بالمئة، والايرادات غير النفطية هي ما بين 7 الى 10 بالمئة، كما أن موظفي الدولة لا يشكلون اعداداً كبيرة حيث أن عدد موظفي الدولة هم مليونين و900 الف موظف وتم تسريح 6 مواليد من الموظفين في ظل عدم وجود تعيينات والاحالة على التقاعد بموجب قانون التقاعد الاجباري".
ويرى الطحان أن "العراق لا يصل الى مرحلة الافلاس، كما يقول وزير المالية نتيجة وجود الموظفين، حيث انه في ظل عدم وجود تعيينات وفي ظل ارتفاع اسعار النفط والذي يباع باكثر من 70 دولار تعتبر من المسائل الطبيعية في اي اقتصاد نفطي"، لافتاً إلى أن "الخبراء يؤكدون ان النفط لا ينضب خلال عشر سنوات كما ان العراق يمتلك اكبر احتياطي في العالم وهو الثاني بعد السعودية".
ويشير الطحان إلى أن "ما جاء به وزير المالية من تحذيرات تعتبر سياسية اكثر من هي اقتصادية، ولا يمكن رمي اللوم على الموظفين في تدهور الاقتصاد"، مؤكداً أن "تنشيط القطاع الزراعي والصناعي والسياحي وتشغيل الاف المعامل المتوقفة وتشغيل الطاقة الكهربائية حلول لاي ازمة اقتصادية يمكن ان تقال".
لم يأتِ بشيء جديد
وزير المالية لم يأت بشي جديد، هو ما تحدث به أيضاً الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي لوكالة شفق نيوز، معتبراً أن "الخلل مشخص منذ اكثر من عشر سنوات وهو الاكتفاء بالايراد النفطي المرتبط بالسوق العالمية وعدم وجود تنمية محلية يولد سوق عمل حكومية مترهلة تستنزف الايرادات، وطبقات غير منتجة تحصل على رواتب مثل رفحاء والفضائيين وغيرهم من المشمولين بقوانين العدالة الانتقالية والمسؤولين السابقين".
ويشير إلى أن "طرح المشاكل دون الدعوة بقوة لتطوير قطاعات السياحة والاستثمار ورفع يد السياسة عنها والاسراع بتنفيذ ميناء الفاو والقناة الجافة وتطوير تقنيات الري المقنن ودعم الصناعة بقروض تنموية هي اشبه بمن يذكر مريض بمرضه دون صرف الدواء وهذا ما جعل وزير المالية تحت دائرة النقد، فهو دوماً يذكر بالمشكلة ولا يطرح معالجات واقعية".
تصريحات خالية من الحنكة
ويقول الكاتب والمفكر غالب الشابندر في تغريدة له على مواقع التواصل الاجتماعي، إن "تصريح وزير المالية لا يدل على حنكة سياسية"، واصفاً تصريحاته بـ"المؤسفة "، مبيناً أن "افضل علاج لحالة العراق حالياَ هو تطوير ميناء الفاو بأسرع وقت ممكن وربطه بطريق الحرير" .
وطالب الشابندر الشعب "بالضغط على الحكومة لتطوير واكمال ميناء الفاو لان اصبح حياة المواطنين مستقبلا".
تصريحات تغاضت عن الرواتب "الفلكية"
ويقول الموظف الحكومي حامد عبد الحميد لوكالة شفق نيوز، إن "ما طرحته الحكومة العراقية من اصلاحات والتي تبناها وزير المالية بما يعرف بالورقة البيضاء حبر على ورق، ولم يعرف منها الا الامور السلبية برفع سعر صرف الدولار والغاء فرص العمل"، مبينا ان "الحكومة ومنذ اكثر من عام كامل لم نشهد اي اصلاح او فتح لاي معمل او مصنع".
ويضيف عبد الحميد أن "اي ازمة تواجهها الحكومة تقوم مباشرة بالقاء اللوم على الموظف والمواطن البسيط وتسعى الى محاربة الموظف من خلال تقليص الرواتب ورفع الدعم، متغافلة عن الفساد المستشري في الدولة ".
من جانبه يقول الموظف الحكومي، اياد حميد لوكالة شفق نيوز، إن "وزير المالية حذر من امور حقيقية من الممكن ان تحدث مستقبلاً وخاصة اذا ما عرفنا أن العراق من الدول الريعية"، مستدركاً في الوقت نفسه أن "السياسات الخاطئة طيلة السنوات السابقة من قبل الحكومات هي التي من اوصلت بالعراق لهذا الامر من البوس".
ويرى حميد أن "وزير المالية تغاضى عن الرواتب الفلكية التي يتقاضاها المسؤولين والوزراء والدرجات الخاصة واكتفى بالتلويح والتحذير براتب الموظف البسيط الذي يكاد لا يسد رمق عيشه"، مطالباً وزير المالية "بخفض راتبه واقرانه كبداية حسن نية لتصحيح مسار الاقتصاد العراقي اولاً ومن ثم القول ما يقول حول الاقتصاد العراقي".