شفق نيوز/ ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية ان شباب العراق يكافحون من أجل مستقبل أكثر سعادة، برغم انهم جيل نشأ ولا يعرف سوى الحرب، وفي ظل الحياة الصعبة، فإنهم يسعون الى تحقيق طموحاتهم.
وقالت الصحيفة البريطانية في تقرير مصور لها عن حياة الشباب في العراق، ان بغداد عادت مرة أخرى إلى الحياة بأسواقها وشوارعها الملونة والمزدحمة ومقاهيها المكتظة بحشود الشباب ورائحة الهيل التي تفوح في الهواء.
وبعدما أشار التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ الى ما مر به العراق من حروب خلال الأعوام الـ20 الماضية، قال إن وجه بغداد يتغير باستمرار حيث تتساقط الجدران الخرسانية، وتظهر مساحات عمل مشتركة جديدة، ويتم تطوير ضفاف نهر دجلة، فيما هناك طفرة في عمليات البناء، بينما حول الشباب الجدران الرمادية إلى جداريات ملونة، والمباني الفارغة الى مطاعم، واصفا هذا الجيل، في أواخر سن المراهقة وأوائل العشرينات، بأنه الجيل الذي تعلق عليه الكثير من الآمال.
وتابع التقرير: انهم طلاب ومدربو باليه وفنانون واشخاص فقدوا اطرافهم خلال سنوات الحروب، وهم واصحاب اعمال، والعديد منهم ولدوا خلال الحرب، والآن هم ضائعون بين خيارين. وينقل التقرير عن أنوار أحمد (23 سنة)، وهي ناشطة بيئية، "يريد أبناء جيلي اما مغادرة العراق والبدء من جديد في مكان اخر، او البقاء هنا والاستثمار واعادة البناء والمضي قدما في وطننا".
وتتابع أنوار أحمد "اعتقد ان بغداد بحاجة اليَّ، وحتى عندما لا يكون الامر سهلا دائما، اعتقد انني ايضا أحتاج اليها".
ولفت التقرير الى ان اكثر من نصف سكان العراق البالغ عددهم 42 مليون نسمة هم دون عمر الـ25، وفقا للبنك الدولي، وهم بالتالي احد اصغر السكان سنا في العالم، في حين أن العديد من الشباب حافل بالطموح وبمشاعر القيادة، برغم وجود اليأس بالقدر نفسه.
واضاف ان معدل البطالة يصل الى نحو 14٪، والفساد في الحكوم منتشر، وهناك ظاهرة شائعة تتمثل بالعنف ضد النساء، بينما لم تحدث عملية إصلاح النظام السياسي الطائفي منذ الغزو الأمريكي.
ولهذه الأسباب كلها، قال التقرير إن التظاهرات اندلعت في أنحاء العراق في العام 2019، وكان الشباب في طليعة هذه الاحتجاجات. وبحسب أنوار أحمد التي تقول "نحن من نحدد مستقبل بغداد، والعراق، ليس من الممكن تجاهل ذلك".
وتنخرط أنوار في العديد من المجالات، فهي فنانة وموسيقية، ولكن الأهم من ذلك أنها ناشطة مناخية تعمل بدوام كامل مع مجموعة دعم محلية هدفها حماية نهر دجلة، المصدر الرئيسي للمياه في العراق.
وتقول أنوار ان "جيلنا واعي للغاية عندما يتعلق الموضوع بالتغيير المناخي لأننا نعيش في واحدة من أكثر الدول تضررا في العالم"، مضيفة "هناك جفاف متكرر وشح مياه وعواصف رملية، وهذا هو مستقبلنا للاسف".
وتابع التقرير انه لطالما دعمت عائلة احمد طموحاتها ، لكنها تعلم ان هذا ليس بالضرورة أمر مفروغ منه - خاصة بالنسبة للشابات.
وبينما تحظى طموحات أنوار احمد بدعم عائلتها، ينقل التقرير عن ليزان سلام (26 سنة)، وهي أول مدربة باليه مرخصة في بغداد، قولها إن "العديد من العائلات وبدرجة ما المجتمع ككل، لديها تقاليد محافظة، وقد يكون هذا صعبا بشكل خاص على الشابات".
وواجهت سلام، برغم دعم عائلتها لها، سنوات من المضايقات والانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كان البعض يعتبر عملها "قذرا وممنوعا".
والان، تدرب سلام 45 طالبا في بغداد، لكنها تقر بأن الأمور ليست سهلة، وتقول انها "في حيرة من أمرها، فجزء منها يريد البقاء في بغداد، وجزء آخر يريد الرحيل". وتقول سلام "لا أرى نفسي جزءا من هذا المجتمع ما لم يتغير، ولكن في الوقت نفسه، ربما احتاج الى ان اكون هنا لأؤدي دوري وأساعد في إحداث هذا التغيير".
وبالنسبة إلى مصطفى الرحمن (26 عاما)، فان التغيير جاء بطريقة لم تكن متوقعة وايضا لم يكن يرغب بها، إذ عندما كان يبلغ من العمر 10 سنوات غامر هو وامه بالخروج إلى السوق المحلي في مسقط راسه، ابو غريب، حيث قام انتحاري بتفجير نفسه، ما تسبب بمقتل العشرات، وخسر هو ساقه، وعاش بعدها سنوات من الألم والاكتئاب الى ان حل العام الماضي عندما التحق بفريق لكرة القدم لمبتوري الأطراف، وتمكن من المضي في طريقه، وصار يتدرب الان ثلاث مرات أسبوعيا، آملا ان ينضم الى المنتخب العراقي.
ونقل التقرير عن مصطفى قوله وهو يأخذ قسطا من الراحة في ملعب لكرة القدم خلال التدريب، "هناك شيء واحد أدركته، وهي أن ندوب الحرب في كل مكان، وليس بإمكاننا تجاهل ذلك، إلا أنه علينا التعايش معها والاستفادة منها بأفضل طريقة. علينا ان نمضي قدما".
ترجمة: وكالة شفق نيوز