شفق نيوز/ شكلت زيارة الزعيم الكوردي مسعود بارزاني إلى العاصمة بغداد، نقلة نوعية وعاملاً مساعداً لحسم اختيار رئيس مجلس النواب العراقي، حيث جمعت الأضداد من الأطراف السياسية السنية - لما يتمتع به من علاقات جيدة مع الجميع - وهذا أمر جيد لإنهاء الخلافات السنية المستمرة منذ إنهاء عضوية محمد الحلبوسي قبل ثمانية أشهر.

ووصل مسعود بارزاني، أول أمس الأربعاء، الى العاصمة الاتحادية بغداد، والتقى كبار القادة السياسيين والمسؤولين الحكوميين، وأكد في تصريحات أطلقها أثناء الزيارة أنه وجد "حسن نية" من قبل الأطراف السياسية لحلّ الخلافات القائمة منذ سنوات بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية.

وضمن التحركات الإيجابية التي يجريها مسعود بارزاني في بغداد، أفاد مصدر مطلع، أمس الخميس، بأن اجتماعاً "مهماً" ضم جميع قيادات القوى السياسية السنية عقد في مكتب رئيس تحالف "السيادة" خميس الخنجر، في بغداد، بهدف التوصل لحلول وحسم أزمة انتخاب رئيس مجلس النواب العراقي، والخروج باتفاق يدعم ترشيح شخصية واحدة تمثل جميع الأطراف السنية لهذا المنصب.

ويشهد البيت السياسي السني تنافساً حاداً على خلافة محمّد الحلبوسي الذي ألغيت عضويته من مجلس النواب بحكم قضائي، فيما يصر حزبه "تقدم" على الاحتفاظ بالمنصب باعتبار أنه يمتلك الأغلبية البرلمانية ضمن المكوّن السني.

 

"اتفاق شبه مؤكد"

وفي هذا السياق، أكد العضو في حزب "تقدم"، عبد العزيز المعماري، أن "زيارة الزعيم مسعود بارزاني إلى بغداد لها أهمية كبيرة وحملت رسائل دولية إلى قوى الإطار، فضلاً عن أنها ذوبت الجليد بين بغداد وأربيل بعد قطيعة دامت 6 سنوات، كما لها إيجابية بملف حسم رئاسة البرلمان، حيث جمعت الأضداد السنة وهناك اتفاق شبه مؤكد على الخروج بمرشح واحد لملف رئاسة البرلمان تقدمه (تقدم) متفق عليه من الجميع لحلحلة الانسداد".

وبحسب المعماري، الذي تحدث لوكالة شفق نيوز، فإن "أي طرف سيخرق هذا الاتفاق، ستقاطع الكتل البقية الجلسة وتعيد الأمور إلى نصابها العكسي، مما يؤثر سلباً على اتفاق تحالف إدارة الدولة، كما ستتحمل الجهة التي تخرق الاتفاق أزمة قادمة أشد ضراوة على العملية السياسية".

وأشار إلى أن "زيارة كاك مسعود الخاصة إلى منزل الرئيس الحلبوسي هي رسالة للآخرين باحترام أحقية الأغلبية في رئاسة البرلمان وفيها دبلوماسية عالية لشرعية التمثيل السني".

وكان الزعيم الكوردي مسعود بارزاني بحث، أمس الخميس، مع رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي، في بغداد تطورات الوضع السياسي في العراق ومسألة تعيين رئيس مجلس النواب، فضلاً عن تنفيذ والتزام الأطراف باتفاق ائتلاف إدارة الدولة.

وفي الملف نفسه، التقى بارزاني، أمس الخميس، رئيس مجلس النواب العراقي بالوكالة محسن المندلاوي في العاصمة بغداد، وناقش اللقاء انتخاب رئيس مجلس النواب العراقي ومواضيع أخرى.

 

"الحسم خلال أيام"

من جهته، قال عضو تحالف "الأنبار هويتنا"، عبد الله الجغيفي، إن "زيارة الرئيس بارزاني إلى بغداد جاءت بهدف تفعيل الاتفاقيات وتعزيز التعاون وتوحيد الرؤى بين أطراف العملية السياسية.

ورأى الجغيفي، خلال حديثه للوكالة، أن "بارزاني شخصية وطنية بارزة، وزيارته إلى بغداد مهمة جداً، ويؤسس لخريطة طريق لمعالجة الملفات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كوردستان".

ولفت إلى أن بارزاني لديه علاقات متينة وقوية مع شخصيات وطنية عراقية ودولية كبيرة على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وزيارته لم تستثنِ أحداً بل على العكس شملت الجميع من كلا المكونين السني والشيعي.

وبشأن انتخاب رئيس للبرلمان العراقي، فإن الأطراف السياسية السنية جميعها لديها علاقات جيدة مع مسعود برزاني وهذا أمر جيد لإنهاء هذا الانسداد والتناحر، وفقاً للجغيفي، الذي قال: "نتوسم خيراً من هذه الزيارة، ونعتقد سيتم انتخاب رئيس للبرلمان خلال الأيام المقبلة".

 

 

ثمار الزيارة

بدوره، أكد المحلل السياسي، عبد السلام برواري، أن "مسعود بارزاني شخصية لها وزنها ومكانتها في إقليم كوردستان والعراق والمنطقة، فله خبرة طويلة في الإدارة والقيادة وله علاقات جيدة مع مختلف أطياف النخب السياسية في العراق منذ السبعينيات وثمانينات القرن الماضي، وشارك بقوة في جمع شمل أطراف المعارضة قبل عام 2003.

وتابع برواري: "نجح مسعود بارزاني، في إيصال الأمور إلى مؤتمر لندن في نهاية عام 2002، وكذلك في مؤتمر صلاح الدين مطلع عام 2003، وحتى في مرحلة بناء العراق الجديد وكتابة الدستور، فقد كان له دور كبير عندما كان عضواً في مجلس الحكم ورئيس المجلس لفترة إعداد الدستور".

وبين برواري، خلال حديثه للوكالة، أن "وفي الآونة الأخيرة ومنذ تولي محمد شياع السوداني رئاسة الوزراء، حدث تغير نوعي في العلاقة بين بغداد وأربيل، حيث كان هناك سعي لإيجاد نقاط مشتركة والتوصل إلى حلول ترضي الطرفين، وأن هذه الأجواء جاءت نتيجة العمل الدؤوب والاستعداد من قبل الحكومة في بغداد".

ورأى أن "الزيارات الأخيرة التي قام بها رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني ورئيس الوزراء مسرور بارزاني وكذلك النجاحات التي حققتها الوفود في مسألة المالية ومسألة المنافذ الحدودية وغيرها، كلها مهدت الطريق ليقوم الرئيس بارزاني بعد 6 سنوات من زيارة بغداد، وأن هذا الاهتمام الكبير واللقاءات المكثفة دليل على تقدير الآخرين لمكانة مسعود بارزاني".

واختتم برواري حديثه بالقول: "لا يمكن إيجاد حل جذري لكل الأمور في لمح البصر، لكن بحكم طبيعة وخصوصيات الرئيس بارزاني فهو صريح ويطرح الأمور مباشرة ويعرض الحلول التي يمكن للطرف الآخر أن يتقبلها أو يستعد لمناقشتها، لذلك نأمل أن نرى في المستقبل القريب بوادر تدل على النتائج الإيجابية لهذه الزيارة".