شفق نيوز/ تباينت آراء المحللين السياسيين حول القصد من وراء دعوة زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة نهاية العام الحالي، بين من اعتبرها قطعاً للطريق أمام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للولاية الثانية، وبين من رآها تنفيذاً للاتفاق السياسي الذي أفضى إلى تشكيل حكومة السوداني، مستبعداً أن تكون الدعوة نتيجة خلاف مع السوداني ولسحب البساط من تحته.

ودعا زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي أول أمس الأربعاء، إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة نهاية العام 2024، وقال إن حكومة السوداني ملزمة بالانتخابات المبكرة باعتبار أنها فقرة في البرنامج الحكومي، مشدداً على ضرورة منع المسؤولين الحكوميين من المشاركة فيها إلا في حال استقالاتهم من مناصبهم.

 

غير واجبة

في هذا الصدد، رأى الباحث في الشأن السياسي، وائل الركابي، أن "دعوة المالكي لانتخابات مبكرة ليس القصد منها الدعوة إلى عدم الاستقرار، بل إن المالكي والإطار التنسيقي بشكل عام هو الداعم لهذه الحكومة التي هي نتاج الإطار".

وأوضح الركابي، لوكالة شفق نيوز، أن "المالكي كان يقصد في دعوته أن هناك اتفاقاً سياسياً في البرنامج الحكومي وهذا الاتفاق ينص على إجراء انتخابات مبكرة، لذلك كانت الدعوة من باب تنفيذ ما جاء في التوافق السياسي لائتلاف (إدارة الدولة) الذي تشكلت على ضوئه الحكومة الحالية".

وأضاف الركابي في تحليله، أن المالكي قصد في دعوته أن الانتخابات المبكرة قد تزيد من رغبة الأطراف السياسية الأخرى بضمنها المنسحبة، وتناغم رغبة الجمهور الذين عزفوا عن المشاركة بدخولهم مرة أخرى في الانتخابات، معتبراً ذلك "لا بأس به وليس فيه إشكالاً قانونياً أو دستورياً".

ونوّه الركابي إلى أن "المالكي لم يدعُ بشكل مباشر إلى إجراء انتخابات مبكرة، لذلك تبقى مجرد دعوة وليس بالضرورة أن يؤخذ بها وتنفذ، بل يمكن أن يتفق الجميع على أن الوضع مستقر وأن تستمر هذه الحكومة بشكل طبيعي لحين انتهاء عمرها، وتكون الانتخابات عام 2025".

وأكد، أن "المالكي من دعاة الاستقرار والاستحقاقات السياسية، أما ما يحاول البعض ترويجه بأن الدعوة جاءت نتيجة خلاف مع السوداني أو أنها دعوة لسحب البساط من تحته فهذا غير وارد، بل الجميع متفق على دعم هذه الحكومة واستقرار الوضع أكثر".

 

سحب البساط

لكن وفي تناقض حاد عن الرأي الأول، رأى الباحث بالشأن السياسي، صفاء البغدادي، أن دعوة المالكي لإجراء انتخابات مبكرة جاءت لأن الأخير "لا يريد أن يعطي مجالاً أكثر للسوداني ليكون المنافس الأكبر في الانتخابات المقبلة"، في وقت يسعى فيه المالكي لولاية ثالثة".

وذكر البغدادي، خلال حديثه للوكالة أن "ما يشاع من إنجازات للسوداني لا تصب في مصلحة المالكي، لذا يريد الأخير انتخابات مبكرة حتى يقطع الطريق على السوداني"، لافتاً إلى أن "هناك انشقاقات من المالكي بجهة السوداني وبجهة أخرى وباقي الإطار بجهة ثالثة، فهم قلوبهم متفرقة، كما هناك سيطرة من قبل الفصائل على الحكومة وهي مساندة للسوداني، وهذا قلق كبير للمالكي".

 

رغبة مُبكرة

من جهته، قال النائب عن "اشراقة كانون"، زهير الفتلاوي، إن "الدعوات إلى إجراء انتخابات مبكرة مجرد كلام يطرح بين الحين والآخر والغرض منه تقويض وتهوين بعض الإنجازات الخدمية التي حصلت في بغداد وبعض المحافظات من مشاريع بنى تحتية وغيرها، مع استقرار أمني ملحوظ في جميع المحافظات".

وأكد الفتلاوي، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "جميع الكتل السياسية لا ترغب بإجراء انتخابات مبكرة خاصة وقد تم إجراؤها قبل عامين، علماً لم يتبقَ من عمر الحكومة إلا أقل من ذلك الزمن، ناهيك عن عدم إدراج أي مخصصات مالية في قانون الموازنة العامة الاتحادية للمفوضية المستقلة للانتخابات لإجراء انتخابات مبكرة".

وأوضح، أن "في الفصل التشريعي الماضي كان هناك حراك برلماني داخل اللجنة القانونية وغيرها من اللجان المعينة لتغيير قانون الانتخابات من جديد والذي من المفترض أن يعود إلى الدوائر المتعددة في المحافظات مع بقاء قانون سانت ليغو على سبيل التجربة".

وطالب الفتلاوي في نهاية حديثه، الكتل السياسية بـ"التفكير في خدمة المواطن واحترام الدستور العراقي وترك هذه الهواجس الحزبية والفئوية البغيضة"، على حد وصفه.

 

ولدت ميتة

وكان تيار الحكمة، بزعامة عمار الحكيم، ردّ أمس الخميس، على دعوة زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة نهاية العام الحالي وقال إنها "ولدت ميتة" ولا يمكن تطبيقها.

وأوضح القيادي في التيار رحيم العبودي، لوكالة شفق نيوز، ان "دعوة زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة نهاية العام الحالي تمثل وجهة نطره ورغبته الشخصية، وهذه الفكرة لم تطرح او تناقش ما بين قوى الاطار التنسيقي، كما ان فكرة الانتخابات المبكرة مرفوضة من قبل الإطار التنسيقي".

وأضاف العبودي أن "رفض فكرة الانتخابات المبكرة من قبل الاطار التنسيقي، هي لادامة الاستقرار السياسي ولاكمال الحكومة العراقية المشاريع وخططها في ظل الرضى الحاصل عنها سياسيا وشعبياً، ولهذا لا توجد أي مبررات لاجراء هكذا انتخابات، ولهذا نعتقد ان دعوة المالكي ولدت ميتة ولا يمكن تنفيذها".

وتولى السوداني منصب رئاسة الوزراء في تشرين الأول أكتوبر 2022 مدعوماً من قبل الإطار التنسيقي، بالإضافة إلى تحالف سياسي جمع قوى كوردية وسنية.

وبحسب معلومات تحصلت عليها وكالة شفق نيوز، فإن السوداني، على الرغم من توليه منصب رئيس الوزراء بدعم من الإطار التنسيقي الشيعي، إلا أنه لديه بعض الخلافات مع نوري المالكي، رئيس الوزراء السابق وأحد الشخصيات البارزة في الإطار، نتيجة اختلاف في الرؤى السياسية والإدارية بينهما.

من جهة أخرى، يحظى السوداني بدعم من قبل عصائب أهل الحق، التي أصبحت قوة سياسية مؤثرة في العراق.

ويقول مسؤول حكومي لشفق نيوز، إن "هذا الدعم يعكس توازن القوى في الساحة السياسية العراقية، حيث يعتمد السوداني على تأييد هذه الفصائل لضمان استقرار حكومته ومواجهة التحديات السياسية والأمنية في البلاد، ولا يعني تدخلها بصنع القرار بشكل مباشر".