شفق نيوز/ تسببت حملات الترويج الإنتخابي التي انطلقت منذ نحو اسبوعين متتاليين في الأنبار غربي العراق، بزيادة حدة التوتر بين مرشحي المحافظة، وسط تحذيرات من استغلال "المال العام" بترويج الدعايات الانتخابية لسياسيين متنفذين.
ويشير مراقبون، إلى أن بقاء المسؤولين المرشحين بمناصبهم ساعد الغالبية منهم على شن حملات ترويج إنتخابي بشكل يفوق بقية المرشحين المستقلين.
وتؤكد مجريات الأيام الماضية اتساع رقعة التنافس الانتخابي بين المرشحين، وذلك من خلال عقد اجتماعات وندوات مع شيوخ ووجهاء العشائر في الأنبار، وتقديم الوعود والكشف عن البرامج الانتخابية للمرشحين، وسط مخاوف من استغلال المال السياسي، وما تعانيه المحافظة من ملفات أبرزها المغيبين والنازحين.
ويرى الأكاديمي والمراقب لشؤون الانتخابات في الأنبار، جاسم الراشد، أن "من المتعارف عليه في القانون، أن يتخلى كل مسؤول عن منصبه ثم يمارس حقه في الدعاية الانتخابية"، مشيراً إلى أن "ممارسة حقه الانتخابي من موقعه كمسؤول سيولد ضغطاً على الجمهور واستغلالاً للمال العام والوظيفة او المنصب، وأدوات وإمكانيات الدولة، ما يجعل من المرشح المسؤول متفوق على المرشحين المستقلين".
وأضاف الراشد، لوكالة شفق نيوز، أن "الغلبة ستكون لأصحاب المال السياسي، ومستغلي المال العام بالدعاية الانتخابية، كونهم أصحاب سلطة وجاه وقوة، بالإضافة إلى استغلال موارد الدولة"، مبيناً أن "هذا ما يساعد المرشح المسؤول، بالتفوق على غيره من المستقلين، وما يولد في ذات الوقت إحباطاً لدى الناخبين من المشاركة في الانتخابات ونتائجها".
وشدد الراشد، ضرورة "تطبيق القانون وخروج المسؤول الذي صادقت عليه المفوضية العليا للانتخابات من منصبه ليتم استبداله قبل أن يمارس الدعاية الانتخابية، حتى يتساوى مع المرشح المستقل".
من ناحيته يقول المرشح عن الأنبار، أياد عراك الدليمي، لوكالة شفق نيوز، إنه "كان من المفترض على المفوضية العليا للإنتخابات أن تحقق الحد الأدنى من تكافئ الفرص، وأن يكونوا صمام أمان العملية الانتخابية"، متسائلا ً "كيف لي انا كمرشح مستقل أن اتنافس مع مرشح يملك السلطة والمال؟".
وأوضح عراك، أن "على المسؤول أن يتنحى عن المنصب قبل الترشيح للانتخابات، لكن من الذي يطبق هذا الأمر؟"، مضيفاً "لا أعتقد بأننا نملك اي فرصة للفوز بوجود أصحاب السلطة والنفوذ والمال، وكان على المفوضية أن تطالب المسؤولين بالتنحي ثم الترشيح".
وطالب عراك، "المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي والامم المتحدة، بوضع خطة لتنفيذ رقابة دولية صارمة على العملية الانتخابية، وتحديد نسبة لا تقل عن 25 % من مقاعد البرلمان للمرشحين المستقلين، كون الأحزاب السياسية التي تسنمت السلطة منذ عام 2003 وحتى الآن، لم تنجح بإدارة البلد".
من جهة أخرى، علق نائب محافظ الأنبار الإداري مصطفى العرسان، بالقول "لا يوجد قانون يمنع ترشيح اي مسؤول باقٍ في السلطة او الإدارة المحلية بالمحافظة، باستثناء المرشحين من الأجهزة الأمنية، حيث أنهم عليهم تقديم الاستقالة قبل الترشيح"، لافتاً إلى أن "المناصب الأخرى سواء كان محافظ، برلماني او وزير، يسمح له بالترشيح وهو في السلطة".
وأضاف العرسان، لوكالة شفق نيوز، وهو مرشح ضمن قائمة حزب تقدم الذي يتزعمه رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، قائلاً "لا أعتقد بأن هذا الأمر سيؤثر على المال العام، فهو منصب إداري تسنمه صاحبه قبل سنوات، والقانون لن يحدد استقالة المسؤول من منصبة حتى يمكنه الترشيح للانتخابات".
وأكد العرسان، أنه "لا يوجد هناك أي تغييرات في مناصب وإدارات دوائر الأنبار"، لافتاً إلى أن "الإدارة متواجدة وتمارس عملها وحياتها السياسية بشكل طبيعي، وهذا على مستوى كافة المرشحين، سواء كان مستقلاً او صاحب منصب في اي كتلة او حزب سياسي، فالجميع يعمل على برنامجه الانتخابي الديمقراطي، بشكل طبيعي".
بدوره يؤكد الخبير في الشأن القانوني، طارق حرب، أن "بقاء مرشحين في السلطة أمر غير قانوني، ولكنه الواقع الذي يجري الآن"، مشدداً على أن "القانون يحاسب على مثل هذا الأمر، كونه يعد استغلالاً للمال العام والسيارات الحكومية ووسائل الإعلام الحكومية".
ولفت حرب عبر حديثه الى وكالة شفق نيوز، إلى أن "هذه تعد جريمة انتخابية، وقانون الانتخابات يعاقب عليها"، مستدركاً أن "القانون شيء وتطبيقه شيء آخر".
وأشار حرب، ساخراً، إلى أن "مفوضية الانتخابات لم تتخذ أي إجراء قانوني بحق المرشحين العسكريين، فكيف إذن والمدنيين!"، مضيفاً "نعتمد على ما ورد بتوصيات مجلس الأمن الدولي التي صدرت بشأن الانتخابات العراقية والمراقبة عليها".
وتابع حرب، أن "كل من في السلطة ملطخ بالفساد المالي والإداري، ورغم هذا فإن المجتمع العراقي، عادة يميل إلى انتخاب من هم في السلطة، حيث أن الدورة الماضية تم خلالها انتخاب ثمانية محافظين، وهذا يعني أن الناخب العراقي يميل إلى من في السلطة والجاه" وفق رأيه.