شفق نيوز/ حذر "معهد واشنطن" الأمريكي للأبحاث من أن مواقع ومخيمات الاحتجاز أو الإيواء في كل من العراق وسوريا، ما زالت عرضة للهجمات من جانب تنظيم داعش، وهو ما يثير مخاوف اقليمية ويفرض على واشنطن وحلفائها العمل على وضع استراتيجيات من أجل احتواء المخاطر المحتملة.
وأشار التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ الى ان محاولة الهجوم الانتحاري على مخيم الهول مؤخرا تسلط الضوء على استمرار المخاطر التي يشكلها الاحتجاز المستمر للاجانب المرتبطين بتنظيم داعش، متحدثا بذلك عن الخلية التابعة للتنظيم التي حاولت في 20 سبتمبر/ أيلول، مهاجمة مخيم الهول في شمال شرق سوريا.
ولفت التقرير إلى أنه برغم على الرغم من خسائر التنظيم لسيطرته على الأرض، فإن داعش ما يزال يطمح بشكل كبير للعودة الى السلطة في جميع انحاء العراق وسوريا.
واعتبر التقرير؛ أن ذلك يستلزم من داعش تشجيع اعضائه دائما على مهاجمة السجون والمخيمات في جميع أنحاء المنطقة من اجل "تحرير" الرجال والنساء والأطفال المرتبطين بالتنظيم، حيث انه ينظر الى المعتقلين والمحتجزين على انهم يشكلون عنصرا حيويا من اجل نشر ايديولوجية داعش، وتعزيز النجاح للعمليات، وتسهيل احياء التنظيم في المستقبل.
الوضع الحالي
وذكر التقرير؛ أنه في ظل تعداد سكاني يقارب 55 ألف شخص، فإن مخيم الهول يقع في صلب المناقشات المتعلقة بسياسة الاحتجاز اللانهائية التي تم تطبيقها على هذه المخيمات ومراكز الاحتجاز، مشيرا الى ان هذه المناقشات أكدت على دور النساء والأطفال القصر المرتبطين بداعش حيث تشكل النساء غالبية سكان المخيم البالغين، فيما تقدر الولايات المتحدة أن نحو نصف الأفراد المحتجزين هناك، تقل أعمارهم عن 12 سنة.
وفيما يتعلق بأصول هؤلاء، لفت التقرير إلى أن النساء والاطفال العراقيين يمثلون أكبر مجموعة من الأجانب المحتجزين في المخيم، ويقدر عددهم بنحو 25 ألف شخص. وبالاضافة الى ذلك، يوجد في الهول حوالي ألفي امرأة و 8 آلاف قاصر من 57 دولة اخرى، بينما يعتبر الباقون من أصول سورية.
أما في المعسكرات والسجون الاخرى في جميع انحاء سوريا والعراق، فهناك نحو 10 آلاف أجنبي. وفيما يشمل مخيم الهول ايضا، فان ذلك يعني أن حوالي 43 الف اجنبي من المنتسبين الى داعش ما زالوا موجودين في هذه المنشآت، وهم ينتمون الى نحو 60 دولة بما في ذلك العراق. وتابع التقرير ان غالبية هؤلاء الأشخاص هم من النساء والأطفال القصر.
تهديدات أمنية
وذكّر التقرير بحادثة مهاجمة سجن غويران في أوائل العام 2022 بهدف تحرير معتقلين مرتبطين بداعش. وذكر التقرير أيضا بتصريحات مسؤول مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية ايان موس في يوليو /تموز الماضي عندما قال ان الهجوم أظهر "اننا لا نستطيع أن نفصل بشكل مصطنع بين قلقنا إزاء قضايا التهجير والاحتجاز، عن السياق السياسي الاشمل للوضع في شمال شرق سوريا، وذلك بسبب حقيقة بسيطة تتمثل في أنه كلما ازدادت الموارد المالية وفرص العمل التي تتاح للتنظيم، فكلما تزايدت تعقيدات جهودهم وتكررها بهدف الإفراج عن المحتجزين وعمليات التجنيد في مخيمات النازحين".
ولفت التقرير الى ان ادلة الفيديو التي تم التقاطها خلال الهجوم أظهرت أن الأطفال القصر الذكور كانوا محتجزين في مناطق من السجن بجانب الرجال البالغين، مما يعني ان فرص التجنيد والاستغلال قد ازدادت.
واعتبر التقرير؛ أن قدرة داعش على العمل تتجلى في مراكز الاحتجاز بأفضل صورها في مخيم الهول الذي أصبح مرتعا لنشاطه، حيث يدير محاكم دينية ويراقب النساء والأطفال ويقوم بنشر أفكاره بين ابناء الجيل الجديد. وبالاضافة الى ذلك، فإن النشاط الإجرامي يتفشى حيث تقدر منظمة الصحة العالمية وجود 85 جريمة قتل في الهول خلال العام الماضي.
وبعدما أشار الى المداهمات التي تقوم بها قوات سوريا الديمقراطية كالتي نفذتها في آذار / مارس 2021، ذكر التقرير أنه في حين ان هذا الجهد ادى الى تراجع فوري في نشاط داعش في المخيم، إلا أن التنظيم استطاع منذ ذلك الوقت من استعادة موطئ قدمه.
ولفت الى ان قوات سوريا الديمقراطية تتحدث عن قيام عناصر داعش ومجموعات تابعة له بقتل 44 شخصا من السكان والعاملين في المجال الإنساني هذا العام وحده، بينهم 14 امرأة وطفلين.
تداعيات على السياسة الأمريكية
وذكر التقرير ان الادارات الامريكية المتعاقبة كانت واضحة في الدعوة الى اعادة الاشخاص المرتبطين بداعش الى دولهم الاصلية، وان الولايات المتحدة نفسها، أعادت حتى يوليو / تموز الماضي، 39 شخصا. وبينما أقرت فرنسا بخطورة الوضع الحالي خلال الصيف الحالي باعادتها 51 امراة وطفلا قاصرا، وهي أكبر خطوة في هذا السياق منذ العام 2019، إلا أن باريس و شركاء أوروبيين آخرين ما زالوا مترددين في إعادة مواطنيهم، حيث لا تزال العملية تشكل تحديا مستمرا.
واعتبر التقرير الأمريكي "ان التردد الأوروبي ليس سوى جزء من المشكلة، حيث ان الغالبية الكبرى من الأفراد الباقين في الهول هم من السوريين والعراقيين". واوضح انه بينما لا تزال القضية السورية بلا حلول في ظل الجمود السياسي في البلد، فان الحكومة العراقية تعمل بنشاط لاعادة مواطنيها منذ ايار/مايو العام 2021.
الا ان رئيس القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا قال في 12 سبتمبر/أيلول الحالي، أن الوتيرة الحالية لعودة هؤلاء إلى أوطانهم، بطيئة للغاية وستستغرق أربع سنوات لكي تكتمل.
ولفت التقرير إلى أن بغداد تعمل على تكثيف جهودها، الا ان هناك عقبات، بما فيها المخاوف الامنية، وتحديات التدقيق.
ولهذا، دعا التقرير واشنطن بالاضافة الى تقديم الدعم للعراق والدول الأخرى التي تتعامل مع قضية استعادة مواطنيها، الى مضاعفة جهودها من أجل حشد التعاون الدولي حول هذه القضية من أجل تجنب التداعيات الوخيمة على الدول الحليفة.
واشار التقرير إلى أنه بينما تركز الادعاءات المطالبة بإعادة هؤلاء الى أوطانهم، على الجانب الإنساني بشكل غالب، الا ان دورة العنف الحالية من هجمات داعش وعمليات قوات سوريا الديمقراطية، تؤكد على ان تداعيات الامنية حافلة بالمخاطر إذا ظل الوضع متروكا دون رادع.
وتابع التقرير؛ أن تنظيم داعش سيستمر في استهداف مواقع الاحتجاز في جميع أنحاء العراق وسوريا فقط ، باعتبار ان تحرير المنتمين اليه لا يزال يشكل هدفا محوريا في خططه للعودة إلى الظهور من جديد.
وخلص التقرير الى القول ان على واشنطن التأكيد على أن الحقائق القائمة على الأرض تظهر بدون شك ما كان يحذر منه النشطاء والعاملون في المجال الانساني والاكاديميون منذ سنوات، وهي ان سياسة الأمر الواقع المتمثلة في الاحتجاز لأجل لانهائي تخلق تهديدا أمنيا كبيرا للولايات المتحدة وغيرها من دول حول العالم.
واعتبر التقرير ان "الاستراتيجية الاستباقية والمخططة جيدا ستساهم في التخفيف من المخاطر المتعلقة بعودة هؤلاء إلى أوطانهم، وتتيح للدول مراقبة التهديدات المحتملة بدلا من جعلها تتخطى حدودها من دون أن يتم اكتشافها".
ترجمة: وكالة شفق نيوز