شفق نيوز/ رأى تقرير لمجلة "ناشيونال انترست" الأمريكية تحت عنوان "صراع العروش- Game of Thrones في اقليم كوردستان"، إن وجود واستقرار الإقليم يعتمد على العلاقة بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني والذي منذ غياب "زعيمه الكاريزمي، تفككت سلطة الاتحاد ووقع الحزب في حالة فوضى".
وذكر التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، انه في ظل وجود القوات الأمريكية في العراق متمركزة في اقليم كوردستان، فإن وجود الاتحاد الوطني الكردستاني المزعزع للاستقرار سيتسبب ايضا بزعزعة استقرار إقليم كوردستان، وهو وضع لا تسعى اليه لا الولايات المتحدة ولا اي قوة اقليمية اخرى، مضيفا انه من اجل ذلك، تدخلت كل من الولايات المتحدة وإيران للتوسط في الوضع المتأزم.
وفي ظل هذه الفوضى برز لاهور طالباني كزعيم بحكم الأمر الواقع للاتحاد الوطني الكوردستاني بسياساته الشخصية القائمة على الكراهية تجاه الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وهو ما يهدد وحدة اقليم كوردستان، مضيفا ان ابن عمه بافل طالباني، أطاح به فجأة، وهو ما وصفه لاهور بأنه "انقلاب" انخرطت فيه قوى إقليمية، وبسبب الخلافات داخل الأوساط الموالية للاهور، نجحت عملية اقصائه، وتمت السيطرة على وسائل إعلام وشركات تابعة له في ظل اتهامات بسوء استخدام سلطته.
وتحدث التقرير عن صراع على السلطة داخل الاتحاد الوطني الكردستاني الذي دخل في حالة من الفوضى وفشل في انتخاب زعيم منذ وفاة زعيمه جلال طالباني، والد بافل، في بداية العام 2017.
وبرغم تماسك الحزب بسبب توازن القوى القائم بين الفصائل المسلحة المختلفة داخله، الا ان السلطة المركزية للحزب انهارت، وتدهورت معظم مؤسسات الاتحاد الوطني الكوردستاني، في حين ان أجهزته العسكرية والاستخباراتية الرئيسية ظلت متماسكة، وأصبحت بمثابة الرافعة لقوة الاتحاد الوطني الكوردستاني.
وتناول التقرير الهيكلية الامنية في الاتحاد الوطني، مشيرا الى ان مجموعة مكافحة الإرهاب، التي تعتبر قوة النخبة في الحزب، تأسست في العام 2003 بمساعدة امريكية، واصبحت القوة الأكثر شعبية في المناطق التي يديرها الاتحاد الوطني الكوردستاني، او ما يطلق عليها اسم المنطقة الخضراء، على اسم لون علم الاتحاد. وتابع ان مكتب مكافحة الإرهاب ووحدة المعلومات، اي جهاز استخبارات الحزب، سيطرا على بقية الاتحاد الوطني الكوردستاني.
واشار التقرير الى ان مقر قوة مكافحة الارهاب يقع في قلعة جولان، بالقرب من السليمانية التي تعتبر "العاصمة السياسية" للاتحاد الوطني الكوردستاني مما يجعلها ذات أهمية قصوى لسيطرة الاتحاد الوطني الكوردستاني. وتابع انه في المرحلة الاولى من قوة مكافحة الارهاب، كان لاهور وشقيقه بولاد من الشخصيات الأساسية في القوة وذلك بسبب روابطهم بجلال طالباني. وتابع انه عندما تولى لاهور رئاسة وحدة المعلومات، قام بدمج قوة مكافحة الارهاب مع وحدة المعلومات على الرغم من ان قوة مكافحة الارهاب يفترض انها خاضعة لسلطة وحدة المعلومات، إلا أن قوة مكافحة الارهاب اصبحت تسيطر على وحدة المعلومات بسبب قوتها العسكرية وافتقار الاتحاد الوطني الكوردستاني لسلطة مركزية.
وادى ذلك على المدى الطويل الى تحول قوة مكافحة الارهاب الى قوة سياسية تتمتع بالموظفين المدنيين والصحافة الخاصة ووسائل اعلامها.
وتزامن صعود قوة مكافحة الارهاب مع حرب داعش في كل من العراق وسوريا. وبرغم ان كل القوى المسلحة في اقليم كوردستان شاركت في تأمين الاقليم ضد داعش، فإن قوة مكافحة الارهاب، وخاصة لاهور وشقيقه بولاد، نسب اليهم الفضل الاكبر بذلك، ووصفت قوة مكافحة الارهاب بانها حامية الكورد عندما ارسلت لتحرير مدينة كوباني في سوريا من قبضة داعش.
واشار التقرير الى ان لاهور اصبح مديرا لجهاز وحدة المعلومات في ظروف غريبة في العام 2013، مضيفا انه بدأ لاحقا بالتدخل في الشؤون السياسية للحزب واقليم كوردستان، في حين ان التقليد الذي كان سائدا من قبل، هو ان مدير الجهاز ينأى بنفسه عن الظهور ويتجنب السياسة.
ونقل التقرير عن أحد أعضاء قيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني قوله ان "لاهور عزل أعضاء الاتحاد الوطني الكوردستاني ووضع أعضاء من جهة وحدة المعلومات ومكافحة الارهاب، مكانهم".
وحول مسيرة لاهور ذكر التقرير ايضا انه راح في العام 2017 يعزز سلطته ويدعو الى انعقاد مؤتمر للحزب انتخاب زعيم جديد للاتحاد الوطني الكوردستاني. واشار الى ان في مناطق سيطرة الاتحاد الوطني الكوردستاني فإن الشخصيات المقربة من لاهور، كانت تصف الحزب الديمقراطي الكوردستاني بانه "خائن"، وحملته وحده مسؤولية كل الازمات التي تواجه الكورد. كما انها غرست بذور انعدام الثقة بين الحزبين الكورديين، وهو ما ادى بحسب التقرير الى "تحويل اقليم كوردستان إلى منطقة مواجهة بين خصوم مسلحين".
كما اشار الى ان لاهور ارتبط بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة ونأى بنفسه ظاهريا عن إيران.
وفي هذا السياق، اشار التقرير الى تكهنات بأن قوة مكافحة الارهاب متورطة باغتيال قاسم سليماني، مضيفا ان لاهور كان الزعيم الوحيد في الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي لم يشارك في جنازة سليماني.
الا ان لاهور لم يتمكن من ان يركز كل السلطات داخل الاتحاد الوطني الكوردستاني.
وبحسب التقرير الامريكي فان بافل طالباني كان يشكل "تهديدا لسلطة لاهور، لان الاخير يفتقر الى شيء يملكه بافل، وهو شرعية والده". كما ان هناك "خلافات جوهرية" بين لاهور وبافل، فالاول، كان له عمله التجاري الخاص ويتمتع بالقليل من خبرة التدريب العسكري، واقام حول نفسه فكرة عبادة الشخصية، مستبعدا العديد من القيادات التقليدية القديمة في الاتحاد الوطني الكوردستاني. وللان افكاره السياسية تكونت من خلال عمله داخل أجهزة الامن والاستخبارات التابعة للاتحاد الوطني الكوردستاني، فإن ذلك جعله يساوي بين التسوية والفشل، مما جعل التقارب مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني خطوة لا يمكن تصورها، وان التسوية مع الحزب "هي انتحار سياسي بالنسبة الى لاهور".
وفي المقابل، فإن بافل يمثل تيارا مختلفا من التفكير السياسي، وهو تلقى تدريبا عسكريا والتحق بقوة مكافحة الارهاب منذ ايامها الاولى، ولديه علاقات قوية مع مؤسسات الاتحاد الوطني الكوردستاني، وهو يفضل الابتعاد عن الأضواء، ويحظى في الوقت نفسه بعلاقات جيدة مع واشنطن وطهران وبغداد والحزب الديمقراطي الكوردستاني.
وخلال المؤتمر الرابع للاتحاد الوطني الكوردستاني في العام 2019، تم اعتماد نظام رئاسي مشترك على الرغم من اختلاف وجهات نظر بافل ولاهور حول شؤون العالم، وتمكن لاهور من حصد غالبية الاصوات وأصبح هو وبافل رئيسين مشاركين. واشار التقرير الى ان معارضي لاهور، بما في ذلك معظم اعضاء الاتحاد الوطني الكردستاني، أعتبروا ان المؤتمر "غير شرعي".
وتابع ان لاهور قام بتهميش عدد كبير من اعضاء الاتحاد الوطني الكوردستاني، وهو ما تسبب في انقسام الحزب الى فصيلين متخاصمين برغم ان لاهور يسيطر على الجزء الاكبر من الحزب. واضاف ان عددا كبيرا من الشخصيات داخل الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي رفضت الاعتراف بشرعية لاهور الذي رأى مناصروه في المقابل، انه اصلاحي، لانه أدخل وجوها جديدة الى الحزب.
واعتبر التقرير ان الأعضاء المحرومين في الحزب، وجدوا ملجأ لهم مع بافل برغم انه لم يكن يتمتع بسلطة كبيرة.
كما اشار الى انه في احد المرات، اشتكى قوباد طالباني، وهو شقيق بافل الذي يشغل منصب نائب رئيس الوزراء في اقليم كوردستان، من ان أشخاصا كرجالات عصابات المافيا، يعرقلون عمله.
وتابع ان كثيرين يعتبرون ان بافل وقوباد، اللذان يطلق عليهما معا "بيت الطالباني"، هما بمثابة الورثة الشرعيين للاتحاد الوطني الكوردستاني. واضاف انه "عندما بدا لاهور قويا جدا، تم تجريده من صلاحياته".
واشار الى ان الاخوين لاهور وبولاد كانا عاجزين عندما قام الاخوين بافل وقوباد بتغيير مديري كل جهازي المعلومات ومكافحة الارهاب. وبذلك، اصبح لاهور لا يتمتع بأي قوة حيث ان قادة البيشمركة كانوا متحالفين مع بافل.
ونقل التقرير عن احد قادة مكافحة الارهاب قوله ان "سبب الإطاحة بلاهور هو انتهاكه للسلطة. جهاز المعلومات تم استخدامه للقيام بعمليات تنصب واسعة وحاول تسميم الرئيس المشترك بافل". واضاف ان جاسوسا يعمل لصالح جهاز المعلومات تم اعتقاله في منزل بافل.
كما اشار التقرير الى ان فصيل لاهور كان محكوما بالخوف بعدما اصبحت الولاءات الايديولوجية والتاريخية هي الحاسمة داخل الاتحاد الوطني الكوردستاني، واعتماده على جهازي مكافحة الارهاب والمعلومات.
ونقل التقرير عن رجل اعمال في السليمانية شكواه من "اننا واجهنا الوضع نفسه في عهد صدام حسين الديكتاتوري".
وبالاضافة الى ذلك، فان هذا الفصيل الموالي للاهور سيطر احتكاريا على السوق وقام بعمليات تهريب من خلال مناطق سيطرة الحزب على الحدود مع ايران.
وتابع ان فصيل لاهور اتهم بافل بتنفيذ انقلاب، كما اتهم تركيا والقوى الاقليمية بالتآمر ضدهم. واشار الى ان أنقرة لا تملك نفوذا حقيقيا في "المنطقة الخضراء" الخاضعة لسيطرة الاتحاد الوطني الكوردستاني، مضيفا ان "أنقرة سعيدة برحيل لاهور بسبب دعمه لحزب العمال الكوردستاني".
وذكر ان "بيت الطالباني" كان ينادي تقليديا بوحدة اقليم كوردستان للحد من التدخل الخارجي.
واوضح التقرير ان بالنسبة الى العلاقات بين الاتحاد الوطني الكوردستاني وحزب العمال الكوردستاني فانها تعود الى الثمانينيات من القرن الماضي، ولم تبدأ مع لاهور، وقد اصبح حزب الاتحاد حليفا طبيعيا لحزب العمال بسبب علاقته القريبة من ايران والتوترات مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني. وتابع انه من خلال مساعدة حزب العمال الكوردستاني، فان الاتحاد الوطني يتمكن من تحقيق توازن مع الحزب الديمقراطي ويوقف التوسع التركي جنوبا.
وبالاضافة الى ذلك، اعتبر التقرير ان اكتساب القوة لاقليم كوردستان تأتي من خلال الوحدة بين قوات الأمن في الاقليم، وان معارضة لاهور للحزب الديمقراطي الكوردستاني، جعلت هذه المسألة مستحيلة.
واوضح التقرير ان قيام البيشمركة الموحدة للحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، "هي مفتاح قوة اقليم كوردستان".
وتابع انه برغم ان ايران وتركيا تعارضان وجود زعزعة لاستقرار اقليم كوردستان، الا انهما لن تكونا معجبتين بفكرة قيام جيش موحد من الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني ومجلس أمن خاص باقليم كوردستان.
واشار ايضا الى ان لاهور قام بعزل جهازي مكافحة الارهاب والمعلومات عن ادارة اقليم كوردستان، مضيفا انه من شأن توحيد اقليم كوردستان والبيشمركة ان يجعل الإقليم "اكثر قوة ويمكن أن يضمن موقف الولايات المتحدة في اربيل بينما يعتمد اقليم كوردستان على الوجود الامريكي لتأمين نفسه".
وبالاضافة الى ذلك، تحدث التقرير الامريكي عن ان قوة مكافحة الارهاب ووحدة المعلومات والتي ساهمت في سقوط لاهور، كان قد تم "تطهيرها" بالفعل من الأعضاء المؤيدين للحزب الديمقراطي الكوردستاني تحت حكم لاهور. واشار الى ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني سيطر على جميع المناصب الرئيسية داخل حكومة اقليم كوردستان بسبب الفوضى داخل الاتحاد الوطني الكوردستاني.
لكن التقرير اعتبر ان "وجود كل من الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني كدويلتين صغيرتين، يعتمد على موقف اقليم كوردستان الذي يفرض عليهما ان يتعاونا سوية".
وخلص التقرير الى القول انه من اجل ان يستضيف اقليم كوردستان القوات الامريكية التي تعتمد عليها اربيل بأمنها، يتحتم على الاقليم ان "يوازن العلاقات بين الولايات المتحدة وايران لا ان يقوم باستعداء احدهما على حساب الاخر". واضاف ان "سياسات لاهور هددت الوجود الكوردستاني والامريكي في المنطقة".
وختم التقرير بالقول ان "بيت الطالباني تعهد باعادة العلاقات واحياء اقليم كوردستان"، مضيفا ان بافل يسعى الى "وقف التهريب والابتزاز والتهديد والتجسس"، بينما يحذر قوباد مسؤولي الأمن من التدخل في السياسة.
وعلى غرار امور كانت بين "الأخوين كاسترو" في كوبا، ذكر التقرير ان بافل وقوباد تقاسما سلطتهما حتى الآن، حيث عمل قوباد تقليديا داخل الحكومة بينما عمل بافل داخل الحزب.
ومهما يكن، فان "وجود لاهور يشكل خطرا على بافل قد يطيل أمد الصراع على السلطة". واضاف انه برغم ان لاهور رفض مغادرة الاتحاد الوطني الكوردستاني، "الا انه عاجز في الوقت الحالي، لان كلا من قوة مكافحة الارهاب ووحدة المعلومات، موالون الآن لبيت الطالباني".