ماذا سيُميّز السفر في عام 2026؟
تشير بيانات من كبرى مجموعات الفنادق وشركات السفر ومتنبئي الاتجاهات العالمية، إلى أن عام 2026 سيكون عام الملاذات الهادئة، والرحلات التي تُصمِّمها تقنيات الذكاء الاصطناعي، والمنتجعات التي توفّر تجارب مخصصة للأفراد، والعودة إلى سفر أبطأ وأكثر وعياً.
وقد قام خبراء الأرقام والسلوكيات وشركات السفر بجمع بياناتهم على مدار الأشهر القليلة الماضية لتقييم توقعاتهم بشأن مستقبل قطاع السفر.
وغالباً ما تأتي اتجاهات السفر السنوية بكلمات مركبة غريبة، وتعكس دائماً تقريباً أسلوب حياتنا، أو ما نرغب في العيش به، سواء من "coolcations" بمعنى عُطلات التبريد، وهي كلمة رائجة ظهرت قبل بضع سنوات لتصبح من كلمات قاموس كولينز الأكثر رواجاً لهذا العام، إلى "flashpacking" بمعنى الرحّالة الفاخرين، وهو مصطلح يُستخدم للدلالة على رحلات السفر الفاخرة.
لقد استعرضنا أفضل توقعات السفر لهذا العام، بما فيها من كلمات مُبتكرة. إليكم أبرز الاتجاهات المتوقعة لعام 2026.
- "أسعد" خمس مدن في العالم لعام 2025
- ما هي مخاطر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في التخطيط لرحلتك القادمة؟
1. الهدوء فوق كل شيء
ومن المتوقع أن يهيمن اتجاه واحد على العام المقبل؛ "الهدوء في أماكن الإقامة". وتُعرف هذه الحركة أيضاً باسم "Hushpitality" وهي كلمة مركبة من "هَش" "Hush" بمعنى الصمت و"Hospitality" بمعنى حسن الضيافة. وتتمحور حول الراحة والصمت وإيجاد طريقة للهروب من ضغوط الحياة العصرية المتراكمة.
مع اصطدام ثقافتنا الرقمية الدائمة بالأحداث العالمية المتواصلة التي تصلنا فوراً، ليس من المستغرب أن يسعى الكثير منا إلى الانفصال عن العالم الرقمي.
ويراقب هيكتور هيوز، المؤسس المشارك لسلسلة "Unplugged"، وهي سلسلة كبائن للتخلص من السموم الرقمية في المملكة المتحدة، هذا التوجه وهو يتبلور.
ويقول: "عندما بدأنا السلسلة في عام 2020، كان التخلص من التكنولوجيا والعيش بأسلوب غير رقمي أمراً غير مألوف تقريباً. أمّا الآن، فأكثر من نصف ضيوفنا يشيرون إلى الإنهاك الرقمي وإجهاد الشاشة كدافعهم الرئيسي للحجز".
هذا التوجه واضح في كل مكان. زوروا خريطة "سكينز" للهدوء، وهي شبكة من الأماكن المصنفة حسب مستوى الصوت في جنوب السويد، لتستمتعوا بالسكينة والهدوء؛ بينما في منتجعات "سكاي كيف" في أوريغون، يمكث الضيوف ثلاثة أيام في كبائن مظلمة تماماً.
2. الجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي بدل الإجراءات الإدارية
وسنشهد بلا شك دمجاً أكبر للذكاء الاصطناعي في قطاع السفر عام 2026. ووفقاً لبحث أجرته شركة "أماديوس"، فإن أعداداً متزايدة من المسافرين يستخدمون بالفعل الذكاء الاصطناعي للتخطيط والحجز.
ومع دمج شركات رائدة مثل "إكسبيديا" و"بوكينج" أدوات الذكاء الاصطناعي مثل "تشات جي بي تي"، أصبح تخطيط عطلتك بالنيابة عنك أسهل من أي وقت مضى من قِبل الروبوتات. ومع إضافة الترجمة الفورية وتسجيل الوصول الرقمي عبر الهاتف المحمول، تُلغي التكنولوجيا تدريجياً جزءاً كبيراً من الإجراءات الإدارية التي كانت تُحدد الرحلة.
لكن صعود الذكاء الاصطناعي يأتي مع تعقيدات، إذ يحذر خبراء الاستدامة من أن هذه التوصيات قد تُغذي السياحة المفرطة، مما يُوجّه المسافرين إلى وجهات محدودة، كما أنها تُسهم في تزايد عمليات الاحتيال في السفر، لذا من المفيد استخدام هذه الأدوات بعناية.
وتقول ياسمين بينا، المتخصصة في الاتجاهات الثقافية والرئيسة التنفيذية لشركة "كونسبت"، إن جيل الذكاء الاصطناعي يُغيّر طريقة التعبير عن رغباتنا، ولكنه لا يُغيّر سبب سفرنا في المقام الأول.
وتضيف: "قد ترغب في السفر إلى منتجع للتعافي من الإرهاق، ولكن الآن، بدلاً من مجرد البحث عن المنتجعات على تيك توك، ستستخدم تشات جي بي تي لتحديد نوع الإرهاق الذي تعاني منه، والطقوس أو المُدخلات الحسية التي تستجيب لها، والوجهة التي تُعبّر عن حالتك الداخلية على أفضل وجه".
3. الثقة على الاختيار
وسواء أكان ذلك إرهاقاً من اتخاذ القرارات، أم كسلاً، أم متعة في ترك القرار لشخص آخر؛ هناك ارتفاع واضح في تجارب السفر التي لا يضطر فيها المسافر إلى اتخاذ أي قرارات على الإطلاق.
وفي جزر فارو، يتم تقليل خيارات السائقين تحت اسم الاستدامة من خلال مبادرة السيارات ذاتية القيادة الجديدة؛ بينما في أجزاء أخرى من العالم، يُستخدم الذكاء الاصطناعي للمساعدة في خلق عطلات حقيقية مليئة بالراحة والاسترخاء.
أما في مندوزا بالأرجنتين، فقد أطلق فندق "واينمايكر هاوس آند سبا سويتس" لسوزانا بالبوا خياراً للسفر الغامض مصمماً للتخلص من ضغوط الحجز وتقديم مفاجآت مُعدّة خصيصاً للضيف؛ بينما في قطاع الرحلات البحرية، تزداد شعبية الرحلات البحرية الغامضة، حيث يصعد الركاب دون معرفة مسار الرحلة.
ويشير تقرير اتجاهات أصدرته شركة العلاقات العامة في مجال السفر "ليمون غراس" إلى أن هذه الأنواع من الرحلات المنظمة تعكس التعب المتزايد الناتج عن اتخاذ القرارات والعبء الناتج عن اتخاذ قرارات صغيرة مستمرة، سواء في موطنك أو خارجه.
4. الطرق فوق المدرجات
وفقاً لبحث أجرته مجموعة "هيلتون"، سنستمتع برحلاتنا البرية في عام 2026. وتشير إلى أن وسم #رحلة_طريق قد حصد أكثر من ٥.٩ مليون مشاركة عالمياً، حيث يُعيد المسافرون اكتشاف جاذبية الطرق المفتوحة.
وبينما يُعيد هانتر موس، خبير عطلات القيادة، تصور رحلات الطريق الكلاسيكية كتجربة فاخرة تجمع بين تناول الطعام الحائز على نجمة ميشلان ومحطات مميزة تُناسب نمط الحياة، يختار العديد من المسافرين القيادة لسبب مختلف تماماً: التكلفة.
ووفقاً لبحث أجرته هيلتون، يقول 60 في المئة من البريطانيين إنهم سيقودون سياراتهم إلى وجهات لتوفير المال.
ترى ميلينا نيكولوفا، كبيرة مسؤولي السلوك في "BehaviorSMART"، المتخصصة في فهم كيفية وأسباب السفر، أن ازدهار رحلات الطريق له طابع أمريكي مميز.
وتقول: "طبيعة العلاقة بين الإنسان والسيارة في أمريكا الشمالية وأوروبا مختلفة تماماً، مما يمنحهم موقفاً مختلفاً تجاه القيادة للترفيه".
5. تخصيص فائق بدل الحلول الموحدة للجميع
وقد ولّت أيام حجز الرحلات نفسها مع الجميع، فقطاع السفر يتجه نحو الفردية المفرطة على نطاق واسع. وقد ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية جولات متخصصة تخدم مراحل ومواقف حياتية محددة، بدءاً من الطلاق والحزن، وصولاً إلى رحلات انقطاع الطمث، ورحلات الزواج، وحتى رحلات متخصصة مثل رحلات رياضة المضرب ورحلات محبي الحشرات.
وبالنسبة إلى بينا، يعكس هذا التحول كيف نختبر الزمن الآن. وتقول: "أصبحت الحياة رحلة لا نهائية، مع عادات وتقاليد أقل".
وتضيف: "أشياء مثل رحلات الطلاق والحزن ورحلات انقطاع الطمث تدور حول خلق مساحة زمنية مقدسة تتمحور حول مشاعر قوية. هذه هي عتباتنا الجديدة. يرغب الناس في تجاوزها والخروج منها وقد تغيروا. إنها فرصة عظيمة لقطاع السفر لتقديم معنى وتجربة على مستوى مختلف تماماً".
6. السفر بعيداً عن الصخب بدل الأساليب التقليدية والمجربة
ويقول نيك بولي، مؤسس شركة تنظيم الرحلات السياحية "سيليكتيف آسيا": "يتزايد عدد مسافرينا، وخاصة أولئك الذين يعارضون مواقع التواصل، الذين يبتعدون عن الأماكن السياحية المزدحمة التي نادراً ما تُضاهي صورتهم الإلكترونية المُفرطة في التصفية والوضوح".
والنتيجة هي ازدياد الإقبال على الوجهات البعيدة عن صخب الحياة اليومية، مع تزايد الاهتمام بأماكن مثل توليدو في إسبانيا، وبراندنبورغ في ألمانيا، والعراق، لمن يُحبون المغامرة. في المملكة المتحدة، يُؤدي هذا التوجه إلى ابتعاد الناس عن المناطق السياحية الرئيسية مثل كوتسوولدز وكورنوال، نحو مناطق أقل زيارةً مثل نورثمبرلاند وويلز وسومرست، وفقاً لتقرير صادر عن "ليمونغراس".
كما يُشير بحث هيلتون حول الاتجاهات إلى ارتفاع في السفر بدافع الفضول، مُشيراً إلى أن البريطانيين تحديداً يسعون إلى النمو الشخصي والاستكشاف، حتى على حساب العمل. وهناك رغبة متزايدة للمغامرة، سواء كان ذلك البحث عن أماكن إقامة منزلية أصلية في نيبال، أو زيارة مناطق أقل شهرة في إيطاليا أو ببساطة أي منطقة غير مزدحمة بالسياح وتمتاز بهويتها المميزة.
بالنسبة لنيكولوفا، يعكس هذا التحول كيف تُصبح التجارب الآن بمثابة عملة اجتماعية.
وتقول: "اليوم، مع وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت التجارب ملموسة أكثر بكثير، ويمكن أن تُشكل دليلاً على المكانة الاجتماعية لفترة طويلة، مع جمهور أوسع".
وتضيف: "يأتي جزء من هذه المكانة أيضاً مع حقيقة أن رحلات المغامرات تُعتبر أيضاً نموذجية للأشخاص ذوي الخبرات الواسعة في مجال السفر، والذين تجاوزوا التجارب النمطية والجماهيرية".
7. الثقافة فوق المتعة
بفضل حملة "#بوكتوك"، من المتوقع أن يستمر نمو السفر الأدبي في عام 2026، إلى جانب "السفر المستوحى من التلفزيون والأفلام".
وتنضم الفنادق حول العالم، حتى في الوجهات المعروفة بحياتها الليلية، إلى هذا التوجه.
فمن إيبيزا إلى مدريد، يمكن لنزلاء الفنادق توقع كل شيء، من الكتب النادرة ورحلات القراءة إلى المكتبات بجانب حمامات السباحة والإقامات ذات الطابع الخاص.
ومن المتوقع أن تتصدر عدة وجهات قائمة الكتب الأكثر مبيعاً العام المقبل؛ كورنوال، حيث يُصوَّر حالياً مسلسل هاري بوتر التلفزيوني الجديد؛ ومرتفعات يوركشاير، خلفية فيلم "مرتفعات ويذرينغ" القادم لإيميرالد فينيل؛ واليونان، بفضل فيلم كريستوفر نولان المقتبس عن رواية "الأوديسة".
وترى بينا أن هذا التوجه شكل عصري من أشكال الهروب.
وتقول: "في أوقات التغيير السريع أو الأزمات، نلجأ إلى الخيال لاستكشاف مخاوفنا ورغباتنا، ولهذا السبب ازدهر أدب الفانتازيا في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، عندما كان العالم في حالة حرب. واكتسب الخيال العلمي شعبيةً في ستينيات القرن الماضي، خلال حقبة سباق الفضاء والثقافة المضادة؛ ويشهد الخيال الأسطوري والتأملي صعوداً الآن مع سعينا لفهم انهيار الأنظمة القديمة وانبعاثها من جديد. السفر الأدبي أشبه بتنفيس عن المشاعر، فهو يساعدك على التعمق أكثر في عالم الخيال، عقلياً وجسدياً".
- تفاصيل مذهلة عن فندق فاخر عمره 300 عام في النمسا يعمل بالطاقة المولدة من الأشجار
- ما هي حقوق المسافرين مع تعطل الرحلات أو إلغائها؟
- لماذا أثارت إيرباص قلق شركات الطيران؟