بعد "المزاد العلني" للمحاصصة.. أمل ضئيل بتغيير حقيقي للنظام العراقي

بعد "المزاد العلني" للمحاصصة.. أمل ضئيل بتغيير حقيقي للنظام العراقي
2022-11-16T14:29:29+00:00

شفق نيوز/ اعتبر معهد دول "الخليج العربي" في واشنطن، يوم الاربعاء، ان الامل ضئيل في حدوث تغيير سياسي حقيقي واصلاح جدي للنظام السياسي في العراق مع تشكيل الحكومة الجديدة وفق نظام المحاصصة العرقية والطائفية القائمة.

وذكر التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، ان الانقسامات الكبيرة في المجتمع العراقي ساهمت في ترسيخ النظام المتسم بالقصور والفساد والمحاصصة، بطريقة تجعل من الصعب اصلاحه.

واشار الى انه بعد اكثر من عام من المواجهات السياسية، فإن العراق شكل حكومة جديدة في 27 تشرين الاول/ اكتوبر الماضي، حيث تفاوضت الاحزاب السياسية حول من يتولى الوزارات الاكثر اهمية بالنسبة اليها.

"مزاد المساومات"

ووصف التقرير ما جرى بين الاحزاب خلال مفاوضات تشكيل الحكومة بأنها بمثابة مزاد علني من المساومات.

وعاد التقرير الى مرحلة ظهور نظام المحاصصة قائلا انه كان بمثابة فكرة نشأت في اوائل تسعينيات القرن الماضي من قبل شخصيات سياسية معارضة في المنفى لتقاسم المواقع السياسية بناء على احصاء تقديري للشيعة والكورد والسنة لتأمين تمثيل لهذه الجماعات في الحكومة العراقية.

ولفت التقرير الى ان هذه الخطة كانت بمثابة خريطة طريق بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في العام 2003 لتشكيل مجلس الحكم العراقي الذي ضم 7 من الاحزاب السياسية الرئيسية التي شاركت في الاتفاقية الاولية في العام 1992.

وبرغم ان الدستور الذي تمت الموافقة عليه لاحقا، يحظر الطائفية ولا يشير الى توزيع المناصب السياسية على اساس الطائفة او العرق، الا ان توزيع الوزارات في نظام المحاصصة يتم وفق اتفاق ضمني بين اللاعبين السياسيين.

والى جانب تقاسم مناصب رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة مجلس النواب، بين الكورد والشيعة والسنة على التوالي، يتم ايضا تقاسم الوزارات والوظائف البيروقراطية بنفس الطريقة وفق نظام الكوتا هذا.

وتابع قائلا ان النظام القائم وفق هذا التقاسم للقوى السياسية والديموغرافية للجماعات العرقية والطائفية، والهادف الى تحقيق التناغم السياسي، يساهم حتما في تسهيل الفساد، لان الوزارة المخصصة لحزب سياسي معين يتم التعامل معها كمجال خاص به ويجري استغلاله لصالح الحزب وليس للبلد.

رجال أعمال الأحزاب

وكمثال على ما يجري في عملية الفساد هذه، اوضح التقرير ان رجال الاعمال المقربين من الحزب السياسي الذي يتولى الوزارة، يتلقون العقود، ويضخمون تكاليف التنفيذ، ثم يتقاسمون الارباح مع الحزب.

واعطى التقرير مثالا على هذه الالية مشيرا الى وزارة الصحة التي هيمن عليها انصار رجل الدين مقتدى الصدر لعدد من السنوات، فيما تدهور النظام الصحي بسبب الفساد المتوافق عليه بين جميع الاحزاب ضمنيا وتتورط فيه.

وتابع قائلا انه برغم ان الفساد العلني وتردي الخدمات، فإن السياسيين الاخرين يغضون النظر عن الفساد في الوزارات الاخرى، فيما يمثل "فسادا طائفيا" حيث يطال مناصب تتضمن سفراء وقادة عسكريين ونواب الوزراء، والمتعارف عليها باسم "الدرجات الخاصة".

واوضح ان الاحزاب تعين اعضاء موالين للحزب كسفراء من دون الاخذ بالاعتبار الخبرة وعدم استيفائهم للمتطلبات القانونية، مضيفا ان هذه المناصب الخمسة الاف تكون عادة مرغوبة اكثر من منصب الوزير، لان فترة الخدمة فيها اكثر طولا.

الناخبون والمحاصصة

وبحسب التقرير، فإن نظام المحاصصة يولد الاعتماد من جانب الناخبين على الاحزاب بسبب تحكمها بالمكآفات والعقوبات، مشيرا الى ان لدى العراق قطاع عام متضخم في مقابل قطاع خاص هش، وهو ما يمنح الاحزاب النفوذ.

واضاف انه بالنظر الى ان الحكومة توظف 40% من القوة العاملة، فإنه يتحتم على الموظفين، سواء كانوا في مناصب عليا او وظائف روتينية اكثر، ان ينالوا دعما سياسيا من اجل الحفاظ على وظائفهم داخل النظام البيروقراطي.

وذكر التقرير بأن هناك "مزايا" اخرى، اذ ان وزيرا سابقا للمالية قال في العام 2021، ان العديد من الاعضاء الموالين لاحزاب، يحصلون على رواتب بلا عمل، وان هناك 300 الف موظف في القطاع العام يمثلون "الموظفين الاشباح"، وهناك اكثر من 400 امراة متقاعدة، من صاحبات الرتب العسكرية العالية، لكنهن لم يخدمن في الجيش من قبل.

الوزارات الحزبية

ولهذا، يعتبر التقرير ان سلطة الحكم، برئاسة رئيس الوزراء تعاني من حالة شلل لان الوزارات تخضع لاملاءات الاحزاب المسيطرة، بدلا من المراسيم الصادرة من اعلى السلم الحكومي او انظمة العمل الوزارية.

وبرغم ان الهدف المفترض من نظام الكوتا، تأليف حكومة تمثل الجميع من الخلفيات كافة، الا ان النظام اصبح يتسم بعدم الكفاءة، ويساهم في تعزيز المحسوبية والفساد، بينما تتراجع ثقة العراقيين بالحكومة وصناع القرار.

ولهذا، يتابع التقرير ان نظام المحاصصة اصبح احد المعوقات امام الاصلاح في العراق حاليا، وهو يضعف ايضا الهوية الوطنية العراقية.

واشار الى انه برغم وجود محاولات لاصلاح النظام السياسي، الا انه تم خنق هذه الجهود بعدما توحدت الاطراف المتنافسة داخل الحكومة في هدفها المتمثل بحماية الوضع الراهن.

وختم التقرير الامريكي بالقول انه بينما تمثل الحكومة الجديدة استمرارا لهذا الوضع، وهو ما يعني ضآلة الامل بإحداث تغيير سياسي له قيمة. وخلص الى تحديد مفارقة متمثلة بان هذا النظام برغم كلفته الاقتصادية والسياسية العالية، الا انه ساهم "في منع السقوط بصراع اهلي عرقي طائفي".

ودعا الى تقديم رؤية مقنعة واصلاحات جدية لدفع النظام قدما وانما من دون تعريض الامن الداخلي الذي وفره النظام الحالي للمجتمع العراقي، للخطر.

ترجمة وكالة شفق نيوز

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon