شفق نيوز/ وجَّهت السلطات السويسرية اتهامات خطيرة لغولنارا كريموفا، المليارديرة وابنة الديكتاتور الأوزبكي السابق إسلام كريموف، تركزت حول قيادتها لعصابة إجرامية دولية، تعرف باسم "المكتب"، تتألَّف من عشرات الأفراد وأكثر من 100 شركة منفصلة، تعمل سراً بصورة منسقة من أجل إخفاء الأموال المسروقة وإثراء أعضائها.
وقالت صحيفة The Financial Times البريطانية إن كريموفا (51 عاماً)، المسجونة في "طشقند"، عاصمة أوزبكستان، منذ عام 2014، تواجه تهماً عدة.
وبحسب الصحيفة البريطانية فإن التهم تتركز حول نهب مئات الملايين من الدولارات من أوزبكستان، إضافة إلى تقديم رشى للمديرين التنفيذيين والمسؤولين الحكوميين حول العالم بصورة ممنهجة.
كما تواجه تهماً بغسل مكاسب غير مشروعة من خلال مجموعة من الشركات والحسابات المصرفية المتركزة في سويسرا.
تهم تلاحق المليارديرة
ورفع المدعون السويسريون قضية ضد كريموفا -التي طافت العالم طوال سنوات بصفتها دبلوماسية بالأمم المتحدة، وتمتَّعت بالحصانة من الملاحقة القضائية، من أجل الترويج لعلامتها التجارية في مجال الأزياء ومخالطة المشاهير- في المحكمة الجنائية الفيدرالية السويسرية في مدينة بيلينزونا.
فيما تتهمها القضية بتزعُّم منظمة إجرامية تُعرَف باسم "المكتب"، تتألَّف من عشرات الأفراد وأكثر من 100 شركة منفصلة، وهي المنظمة التي تعمل سراً بصورة منسقة من أجل إخفاء الأموال المسروقة وإثراء أعضائها.
إذ قال غريغور مانغيت، محامي كريموفا في جنيف، إنَّها "تطعن في جميع الاتهامات وستناضل من أجل تبرئة نفسها".
وأضاف: "نطعن تماماً في نظرية المنظمة الإجرامية، لقد اخترعها المدعون السويسريون قبل عام فقط، أي بعد 10 سنوات من بدء التحقيق"،
وتابع: "موكلتنا غولنارا كريموفا محتجزة تعسفياً منذ ما يقارب 10 سنوات. ولا تعلم إلى متى ستبقى بالسجن في أوزبكستان".
وبعد فترة قصيرة من تقديم لائحة الاتهام، قال الادعاء الفيدرالي السويسري: "مارس (المكتب) أنشطته الإجرامية كعمل تجاري احترافي، فكان هنالك امتثال للقواعد التنظيمية الإلزامية والتزام بتخصيص صارم للمهام، مع اللجوء أيضاً للعنف والترهيب".
زُعِمَ أنَّ مركز "المكتب" هو شركة Zeromax السويسرية، التي انهارت عام 2010 لتصبح ثاني أكبر شركة تعلن إفلاسها في سويسرا على الإطلاق.
وبسبب قوانين الإفصاح المبهمة في سويسرا، لم يلفت انهيار الشركة انتباهاً كبيراً طوال أكثر من عقد من الزمن.
وكانت ملايين قد أُنفِقَت على المجوهرات، والعلاجات الطبية الفاخرة، والممتلكات التي لا علاقة لها على ما يبدو بالأنشطة الرسمية للشركة باعتبارها الشركة القابضة للموارد الطبيعية ومشروعات البناء في أوزبكستان.
"أميرة أوزبكستان"
وتذكر لائحة الاتهامات التي قُدِّمَت الخميس ضد كريموفا، التي كانت تُسمَّى "أميرة أوزبكستان" بسبب نمط حياتها المترف، أيضاً أنَّ هنالك تحقيقاً جنائياً "جارياً" بخصوص واحدٍ من أبرز البنوك الخاصة في سويسرا، بنك Lombard Odier (لومبارد أودييه)، على صلة بالقضية.
وقد استخدمت كريموفا صناديق الودائع الآمنة لتخزين ألماس وأحجار كريمة أخرى تبلغ قيمتها ملايين الفرنكات السويسرية. ولا يزال أكثر من 400 مليون فرنك سويسري (439.65 مليون دولار) من الأصول السائلة مُجمَّدة في البنك في حسابات باسم كريموفا.
وتجنَّبت كريموفا التحقيق في سويسرا لسنوات بفضل الحصانة الدبلوماسية التي منحتها لها المناصب التي تولتها في الأمم المتحدة بجنيف.
لكن مع تدهور صحة والدها إسلام كريموفا ووفاته -وقد حكم أوزبكستان كرئيس مستبد منذ عام 1991 حتى عام 2016- فقدت كريموفا حمايتها السياسية القوية. وفي عام 2014، وسط تغيُّر شهدته السلطة السياسية في طشقند، وُضِعَت قيد الإقامة الجبرية، وأُدينَت في 2017 بالاختلاس في أوزبكستان.
وادَّعى ممثلوها القانونيون أنَّها تعرَّضت منذ ذلك الحين للتعذيب والحرمان من حقوق الإنسان الأساسية، ويقول المدعون السويسريون إنَّ "المكتب" بدأ عملياته في سويسرا عام 2005، واستخدم البلاد طوال العقد التالي للمساعدة في حفظ الأموال المسروقة.
ويُزعَم أنَّ المصدر الأساسي، والرئيسي، لمكاسب المنظمة كانت الرشى التي دفعتها شركات الاتصالات الغربية من أجل تطوير شبكة الاتصالات الأوزبكية في أوائل العقد الأول من القرن الحالي. ومن تلك النقطة نمت طموحات المنظمة ونطاقها.
وفي برقية دبلوماسية مسربة من عام 2010، وصفتها وزارة الخارجية الأمريكية بأنَّها "بارونة لصة"، وأشارت إلى أنَّها "شقت طريقها بالقوة للحصول على شريحة من كل الأعمال المربحة تقريباً" في أوزبكستان من خلال استغلال سلطة والدها.
وقال مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة في المملكة المتحدة في أغسطس/آب الماضي إنَّه تولَّى السيطرة على ممتلكات تبلغ قيمتها أكثر من 20 مليون جنيه إسترليني (24.5 مليون دولار تقريباً) كانت تملكها كريموفا.