شفق نيوز/ روت مجلة "ايل" العالمية المتخصصة بالشؤون الترفيهية قصة العراقية لميس ابراهيم التي غادرت بلادها في سبعينيات القرن الماضي، واصدرت بعد تقاعدها الان من مهنة الطب، أول كتاب في العالم مخصص للاطعمة العراقية النباتية.
وفي نسختها الكندية، تحدثت المجلة الفرنسية في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز عن الدكتورة لميس ابراهيم الطبيبة المتقاعدة (الحاصلة على درجة الدكتوراه في علم الامراض) والتي تعيد بناء عراق طفولتها، من خلال كتاب طبخ.
وكانت لميس ابراهيم غادرت بغداد في السبعينيات لدراسة علم الامراض في كينغ كوليدج في لندن، لكنها لم تكن تتصور ابدا ان العراق سيصبح غير مستقر سياسيا لدرجة تمنعها من العودة ، كما انها لم تعتقد انها ستصل الى مرحلة اصدار كتاب طبخ مرتين.
ونقلت المجلة عن لميس قولها "كان ابي يقول دائما، هذا بناء مهم نقوم باعماره سوية، كل واحد منا يضبف لبنة، وهو يسمى العراق. جئت الى بريطانيا للحصول على شهادة عليا، ثم اعود لافيد بلدي. لم أتمكن من القيام بذلك، لهذا قررت ان اقوم بذلك من مسافة بعيدة".
وفي العام 2009، نشرت لميس "كتاب الطبخ العراقي" باعتباره رسالة حب كاملة، والآن، تم نشر "كتاب الطبخ النباتي العراقي" في محاولة منها للمساهمة في اعادة بناء بلدها بلمسة اضافية.
ويتألف "كتاب الطبخ النباتي العراقي" من 132 وصفة نباتية من كل العراق وفيها لمسات وحيل امومية، والصور الفوتوغرافية.
واجرت المجلة حوارا مع لميس ابراهيم عبر تطبيق "زووم" تناول كيف يمكن للطهي ان يعيد تشكيل الروايات المؤلمة، وكيف امكنها تأليف كتاب في ظل قيود الاغلاق في لندن بسبب كورونا، وكيف لها ان تلهم جيلا جديدا، متناولا الكمأ في الصحراء والعديد من القضايا.
وحول دوافعها لنشر كتابها الاول حول الطبخ العراقي، قالت لميس ابراهيم "الكتاب فرض نفسه علي. لم اذهب الى العراق طوال السنوات التي كنت فيها طالبة. وعندما سنحت لي الفرصة للذهاب (في العام 2004)، كان البلد في حالة سيئة من الاهمال. تطلعت حولي، وبغداد لم تكن بغداد التي اعرفها. كنت مكتئبة بالفعل، وبحاجة ماسة الى شخص ما ليخرجني من حالتي المزاجية السيئة. فقالت لي ابنتي (ميساء)، "امي، ما زلت تقولين انني لن ارى العراق الذي تعرفينه، فلماذا لا تكتبي لنا شيئا؟. انا لست شاعرة. وبامكاني شرح العلاقة بين خلايا الكبد، لكني لم اعرف كيف اكتب مقالات غير علمية. شيئا فشيئا، طورت ما وجدت من الكثير من الذكريات المرتبطة بالطعام".
وحول العراق الذي كانت تعرفه خلال طفولتها، قالت "كان رائعا. لا يزال العراق مكانا سعيدا في ذهني بذكريات سعيدة. عندما كنا اطفالا، كان لدينا الكثير من الحرية. تغيرت الحياة. لا يتمتع الاطفال بالحرية التي نتمتع بها. واذا تزوجت ابنة احدهم، فسنكون في ذلك المنزل لنغني ونرقص ونرتدي ملابسنا الجميلة وتناول الاطعمه التي تؤكل بالاصابع مذهل. وهكذا، يمكن للطعام ان يحافظ على الذكريات حية".
وخلال طفولتها، قالت "كنا في الشتاء نأكل اللفت الابيض ونقوم بغليه بالدبس (دبس التمر) ويتغير لونه وطعمه. وكان الرجل الذي يبيع اللفت يغني. وكنا نركض جميعا الى الخارج لشراء كمية صغيرة ونأكل في الشارع".
وحول رد الفعل من داخل العراق ازاء كتابها، قالت "انهم يحبونه. لم اسمع اي شيء سلبي، وهذا يسعدني كثيرا".
وردا على سؤال حول دوافعها لكتابة كتاب الطبخ النباتي العراقي، قالت لميس ان "العراق كان منسيا، ولم تكن الاخبار سعيدة ابدا، ولم يظهر ان هناك من يبالي بذلك. واعتقدت انني اذا ادخلت شيئا الى الساحة ، فان العراق سيتطور في اذهانهم". واضافت ان "العديد من الناس يعتقدون ان الطعام العراقي يعتمد على اللحوم، وانا كنت نباتية لسنوات عديدة، ولدينا ما يكفي من الوصفات النباتية لاعداد كتاب. ومعظم الاشخاص الذين يشترون الكتب ليسوا من جيلي. عندما نظرت الى بناتي وابني وجيلهم، رحبوا بالمطبخ النباتي العراقي".
وحول تأثير اجراءات الاغلاق في لندن بسبب كورونا على اعداد الكتاب واصداره، قالت "لم اكن اعتقد ابدا ان كوفيد-19 سيستمر لفترة طويلة، كما ان التصوير لم يكن سهلا، وعندما وصل الكتاب الى المطابع (الاوروبية) حدث ان خرجت بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وانتهت التجارة الحرة، وتوقف الكتاب. ولكن عندما وصل الكتاب الى بريطانيا، كان هذا اسعد الاوقات".
وحول الوجبة العراقية النموذجية التي يمكن ان تقدمها خلال عشاء خاص، قالت لميس "يوجد فصل في الكتاب النباتي تحت اسم Small Bites وهذه هي المقبلات مع السلطات. ويتمتع العراق بصيف طويل وشتاء قصير جدا، لذا فان الحساء في الشتاء. ولكن في الصيف، هناك الكثير من السلطات. ثم طبق رئيسي، الدولمة وبعض اليخنة (حسب المواسم) مع الارز. الارز هو نظامنا الغذائي الاساسي في وسط مائدتنا. ثم نقوم بالتنظيف، ويتم تقديم الشاي والعديد من الحلويات".
وبالنسبة الى الاطباق التي تستخدم فيها وصفات الكمأ، قالت لميس "ينمو في العراق بكثرة. في الصحراء، ولا تنمو في الحدائق او الحقول. عندما تمطر، تحصل على الكمأ، واذا كان موسما جافا، فلن تحصل عليه. عليك ان تغسلها وتغسلها لانها مليئة بالرمال الناعمة جدا.ثم بمجرد ان تنظفها، تغلي فقط ثم استمتع. في العراق ، يحبون اكلها على هذا النحو. انها لذيذة، لكني احب الارز مع الكمأة".
وردا على سؤال من المجلة حول ان الكتاب يمثل عراقا لا يتم تعريفه بعدم الاستقرار السياسي وعن سبب اهمية مشاركة الفرح من خلال الكتاب، قالت لميس "لا يمكنك فصل الثقافة عن المطبخ او المطبخ عن الثقافة، وهناك دائما قصة. كل هذا مرتبط باطباق مختلفة، لذلك اجد انه لا يمكنني فصل هذا عن ذلك. اريد للعالم ان يرى هذا المكان الذي يسمى العراق بجماله وخيرته ومتعته وتعاضده".