شفق نيوز- كركوك
في مشهد غير مألوف بالنسبة إلى أهالي كركوك، شهدت المحافظة تنظيم عرض مميّز
للزواحف، ضم أنواعاً مختلفة من الأفاعي والعقارب، السامة وغير السامة، في فعالية
هي الأولى من نوعها على مستوى المحافظة، ما أثار فضول واهتمام المئات من المواطنين
الذين توافدوا لمشاهدة هذا الحدث الفريد.
وشهد المهرجان حضوراً لافتاً من العائلات والأطفال والشباب، الذين تفاعلوا
مع المعروضات والتقطوا الصور، وسط شروحات قدمها القائمون على العرض حول خصائص كل
نوع، وطرق التعامل معه، وأماكن انتشاره في العراق.
وقالت أسماء علي، وهي إحدى زائرات المهرجان، لوكالة شفق نيوز، إن المهرجان
كان تجربة جديدة وممتعة، وأسهم في تغيير نظرتها تجاه الزواحف، مؤكدة أن
"كركوك بحاجة فعلية إلى محميات لتربية الزواحف والحيوانات البرية، ليس فقط
للحفاظ عليها، بل أيضاً للاستفادة منها في الجانب التعليمي والسياحي".
وأضافت ان "الإقبال الكبير على المهرجان يعكس تعطش أهالي كركوك لمثل
هذه الفعاليات الثقافية والبيئية"، داعية الجهات المعنية إلى "دعم
المبادرات الشبابية التي تهدف إلى حماية البيئة وتعزيز الوعي المجتمعي".
وجاءت هذه الفعالية بتنظيم من فريق تربية الزواحف العراقي، الذي قطع مسافة
تقدر بنحو 250 كيلومتراً من العاصمة بغداد إلى كركوك، من أجل إقامة المهرجان،
بالتنسيق مع جمعية تربية الزواحف في بغداد، وسط إجراءات تنظيمية وأمنية لضمان
سلامة الزوّار.
وقال منسق المهرجان مراد جان، في تصريح لوكالة شفق نيوز، إن "إقامة
هذا العرض في كركوك تمثل خطوة مهمة لتعريف المجتمع المحلي بأنواع الزواحف المنتشرة
في العراق"، موضحاً أن "المهرجان يضم نماذج متنوّعة من الأفاعي
والعقارب، بعضها سام وبعضها الآخر غير سام، ويتم التعامل معها بأسلوب علمي
احترافي".
وأضاف جان، أن "الهدف من المهرجان لا يقتصر على العرض فقط، بل يتعداه
إلى نشر الوعي البيئي، وتصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة المرتبطة بهذه الكائنات،
التي غالباً ما تُقابل بالخوف والقتل العشوائي، على الرغم من أهميتها في الحفاظ
على التوازن البيئي ومكافحة بعض الآفات".
من جانبه، أوضح عبد السلام دريد، وهو أحد أعضاء فريق تربية الزواحف، أن
"التحضيرات للمهرجان استغرقت وقتاً وجهداً كبيرين، خصوصاً فيما يتعلق بنقل
الزواحف وتأمين أماكن مناسبة لعرضها"، مشيراً إلى أن "جميع الكائنات
المشاركة في المعرض تخضع لرعاية خاصة ويتم التعامل معها وفق معايير السلامة
المعتمدة".
وبيّن دريد لوكالة شفق نيوز، أن "المعرض يسعى إلى إيصال رسالة مفادها
أن الزواحف ليست كائنات عدوانية بطبيعتها، بل تلعب دوراً مهماً في البيئة"،
داعياً إلى "التعامل معها بوعي بدل الخوف المبالغ فيه".
كما أكد أن "المعرفة هي الخطوة الأولى نحو التعايش السلمي مع الحياة
البرية".
بدوره، أكد رئيس جمعية مربي الزواحف، وسام صباح، في حديثه لوكالة شفق نيوز،
أن مثل هذه الفعاليات "تُعد ضرورية في ظل غياب الاهتمام الرسمي بالحياة
البرية في العديد من المحافظات العراقية"، مشدداً على "أهمية إنشاء
محميات طبيعية خاصة بالزواحف، تكون خاضعة لإشراف مختصين، بدل ترك هذه الكائنات
عرضة للقتل أو التهريب".
وأشار صباح، إلى أن "العراق يمتلك تنوّعاً أحيائياً غنياً، لا سيّما
في مجال الزواحف، إلا أن هذا التنوّع مهدد بسبب التوسّع العمراني، والتغيرات
المناخية، والصيد الجائر"، لافتاً إلى أن "نشر ثقافة الحفاظ على
الحيوانات يجب أن يبدأ من المجتمع، وخصوصاً فئة الشباب".
ويرى مختصون، أن إقامة مثل هذه المهرجانات تمثل خطوة أولى نحو بناء ثقافة
بيئية مستدامة، تسهم في حماية التنوع الأحيائي، وتفتح المجال أمام مشاريع
مستقبلية، كإنشاء حدائق حيوانية ومحميات طبيعية، يمكن أن تكون مورداً علمياً
وسياحياً في آن واحد.
ويأمل منظمو المهرجان أن تتوسّع هذه التجربة لتشمل محافظات عراقية أخرى،
وأن تحظى بدعم حكومي ومجتمعي، بما يسهم في ترسيخ مفهوم احترام الحياة البرية،
وحماية الكائنات التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من البيئة العراقية.