شفق نيوز/ ساهمت الطائرات المسيرة في إحداث ثورة بمجال الحروب، حيث مكنت الأخيرة مستخدميها من توجيه ضربات جوية ضد العدو من دون الحاجة لإرسال الطائرات التي يقودها الطيارون.
من جهة ثانية، تستخدم المسيرات بالعديد من المهام الأخرى حيث يمكن الاعتماد عليها لأغراض تجسسية عن طريق تصوير مواقع العدو وثكناته العسكرية.
ولتبلغ ما هي عليه اليوم من تطور، مرت الطائرات المسيرة بالعديد من المراحل. وفي البداية، كانت المسيرات عبارة عن بالونات متفجرة يتم إطلاقها نحو مواقع العدو اعتمادا على اتجاه الريح.
بالونات حارقة
حسب العديد من المصادر، يعود استخدام أول نوع من المسيرات لمنتصف القرن التاسع عشر، فأثناء حصارها لمدينة البندقية بإيطاليا عام 1849، أقدمت القوات النمساوية على إطلاق نحو 200 بالون حارق نحو المدينة. ولتوجيهها بشكل جيد، اعتمد النمساويون على اتجاه الريح.
من جهة ثانية، أطلق النمساويون هذا الكم الهائل من البالونات إما من اليابسة أو من على متن السفينة الحربية فولكانو (Vulcano). وفي الأثناء، أصاب بالون واحد هدفه بينما وقعت بقية البالونات بأماكن بعيدة خارج أسوار البندقية.
ومطلع القرن العشرين، باشر عدد من العلماء أبحاثهم حول إمكانية اعتماد طائرات يتم التحكم بها عن بعد لتقليص الخسائر البشرية التي سببتها حوادث الطائرات. بأكاديمية العلوم بباريس عام 1903، قدم المهندس الإسباني ليوناردو توريس كيفيدو (Leonardo Torres Quevedo) نظام تحكم عن بعد بالراديو أطلق عليه اسم تيليكينو (Telekino) مؤكدا على إمكانية اعتماده لقيادة الطائرات عن بعد والاستغناء عن الطيارين.
وإضافة للفرنسيين والبريطانيين، دخل الأميركيون على الخط بمجال ابتكار الطائرات المسيرة. فعام 1918، ابتكر المهندس الأميركي تشارلز كيترينغ (Charles Kettering) طائرة كيترينغ باغ (Kettering Bug) التي حلقت بنجاح. ولتشغيلها والتحكم بها، اعتمد تشارلز كيترينغ على موجات الراديو. إلى ذلك، رفض الجيش الأميركي اعتماد هذه المسيرة وتخوف من إمكانية سقوطها فوق قواته أثناء نقلها للمواد المتفجرة. ومن جهتهم، حاول السوفيت إنتاج طائرتهم المسيرة اعتمادا على نموذج من قاذفة القنابل توبوليف تي بي 1 (Tupolev TB-1). وفي الأثناء، تم التخلي عن الفكرة خلال الثلاثينيات بسبب فشل العديد من التجارب.
المسيرات المعاصرة
خلال فترة الحرب العالمية الثانية، اتجهت ألمانيا لتطوير واستخدام عدد المسيرات التي يتم التحكم بها عن بعد. وانطلاقا من ذلك، استخدم الجيش الألماني مسيرة أرغوس أي أس 292 (Argus As 292) كما اعتمد في الآن ذاته على القنبلة الطائرة فاو 1 (V-1)، التي كانت قادرة على نقل 850 كلغ من المتفجرات، لاستهداف المدن البريطانية.
عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، واصل الأميركيون أبحاثهم على الطائرات المسيرة. وأثناء حرب فيتنام، عبر المسؤولون الأميركيون عن سخطهم من ارتفاع عدد الطيارين القتلى والمفقودين. وعقب إسقاط السوفيت طائرة التجسس الأميركية يو 2 (U-2) عام 1960، عجّل الأميركيون بأبحاثهم على المسيرات. لاحقا، أفضت هذه الأبحاث عن دخول المسيرات الأميركية رايان موديل 147 (Ryan Model 147) وأي كي أم 91 فايرفلاي (AQM-91 Firefly) ولوكهيد دي 21 (Lockheed D-21) الخدمة. وبحرب فيتنام أجرى الأميركيون 3435 مهمة اعتمادا على المسيرات. وبالتزامن مع ذلك، فقدت أكثر من 500 طائرة مسيرة أميركية لأسباب مختلفة.
خلال حرب 1973، اتجهت إسرائيل لتطوير طائرات IAI المسيرة. وبهذه الحرب، استخدمت إسرائيل المسيرات بمهام الاستطلاع بهدف التقاط صور لمواقع تواجد القوات المصرية والسورية.