شفق نيوز- الأنبار
في قلب محافظة الأنبار،
وُلدت فكرة "سعفة"، لتكون مركزا للفنون وفضاء ثقافي مفتوح للشباب
والمجتمع المحلي، خاصة وأن المحافظة تعاني من نقص بالأماكن الثقافية والفنية.
هذه الفكرة، أوجدها
الفنان عمر فواز، الحاصل على شهادة البكالوريوس في الفنون الجميلة والفريق الذي
يعمل معه، حيث يقول خلال حديث لوكالة شفق نيوز، إن "تأسيس سعفة جاء بعد تجربة
شخصية شهدت فيها نقصاً شديداً في الأماكن الثقافية والفنية بالمحافظة، وهذا ما شكل
الشرارة والحافز لإطلاق المشروع، الذي أصبح اليوم ملاذاً للجميع ومركزاً لتجربة
فنية متكاملة تجمع بين الإبداع، التعلم، والتواصل المجتمعي".
ويحتل سعفة مساحة 600
متر مربع، يحمل كل متر فيها كما يرى الفواز، قصة جمالية وحالة فنية فريدة.
ويضيف، "ركزنا في
هذا البيت على جمع تفاصيل مختلفة من عالم الفن، إذ يضم جميع أنواع الفنون
والتخصصات، ويتيح للشباب والمجتمع فرصة التفاعل مع كل هذه الأنماط الفنية في مكان
واحد".
ويشير فواز إلى،
"إقامة ورش عمل متعددة امتدت لأشهر كاملة، وأسفرت خلال فترة قصيرة عن نتائج
ممتازة عززت الحركة الفنية في الأنبار وشجعت الشباب على تطوير مهاراتهم وتوسيع
آفاقهم الإبداعية".
وأوضح: "تجسد تسمية
المكان بسعفة ارتباطنا بالبيئة المحلية والهوية الأنبارية، فهي تحاكي البيئة التي
نشأنا فيها كمؤسسين والمجتمع المحلي".
ويضيف، ان "الهدف
من التسمية ليس شكلياً، بل يعكس رغبتنا في ترسيخ قاعدة فنية للأجيال القادمة
يمكنهم الانطلاق منها رغم محدودية المساحة، فبينما سعفة صغير بمساحته، إلا أنه
كبير في أهدافه وطموحاته".
ولا تعتبر سعفة مجرد
مركز فني بالنسبة للفواز وفريقه، فهي مساحة اجتماعية وإنسانية، لكون المركز يفتح
أبوابه لجميع الفئات، بما في ذلك الطلاب وذوي الاحتياجات الخاصة ومرضى التوحد،
ليعبروا عن رغباتهم ومواهبهم من خلال الفن.
وأضاف الفواز:
"نستخدم الفن كوسيلة للتواصل والعلاج الاجتماعي، حيث نقدم ورش عمل في مجالات
مثل الخط العربي والموسيقى والخزف، كما نعرض الأفلام المستقلة التي تشجع التفكير
النقدي وتعزز الثقافة السينمائية، أما جدار السعف، فهو يمثل هوية المكان وبيئته
المحلية، ويعد رمزاً نحاول من خلاله نقل ثقافة الأنبار إلى العالم".
يتضمن المكان مطبخاً
يقدم أكلات أنبارية بسيطة تحافظ على الطابع التراثي، ويقول فواز، إننا "نعمل
على نقل ثقافة الطعام المحلي للأجيال القادمة والزوار على حد سواء، هذا يعكس
اهتمامنا بالجانب الثقافي الشامل وليس الفني فقط".
كما تحتوي السعفة أيضاً
على قاعة "كاليري" مخصصة لعرض الأعمال الفنية للفنانين المحليين
والترويج لها، ما يتيح لهم فرصة البيع والتعرف على جمهور أوسع.
ويقول فواز إن
"فريقنا يعمل على تطوير مشروع ثقافي وفني متكامل يتم توثيقه بشكل مستمر لضمان
استدامته ونشره كمرجع للأنشطة الفنية في المحافظة، وقد استقبلنا زواراً أجانب من
دول مختلفة، ما يعزز السياحة الثقافية ويقدم صورة إيجابية عن الأنبار كمنطقة نابضة
بالحياة الفنية".
كما يؤكد أن "سعفة
ليس حكراً على الفنانين فقط، بل هو بيت لكل الأنباريين، يتيح للجميع التعبير عن
أفكارهم ومواهبهم الفنية، إنه مساحة آمنة، متنفس للشباب المبدع، وبيئة حاضنة
للأفكار التي تسعى لنقل ثقافة وفكر محافظة الأنبار إلى العالم، وإرساء قاعدة فنية
متينة للأجيال القادمة".
ويضيف: "تأتي أهمية
مشروع سعفة في سياق نقص الفضاءات الثقافية والفنية في محافظات العراق عموماً
والأنبار خصوصاً، حيث يعاني الشباب من محدودية الفرص للتدريب الفني والتعبير
الإبداعي".
وأوضح أن "المساحات
الثقافية المتعددة التخصصات تساهم في تعزيز المهارات الاجتماعية، وتقليل السلوكيات
السلبية بين الشباب، كما تساعد على دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع من خلال
النشاط الفني، واهتمامنا بالجانب التراثي والمطبخ المحلي جزء من الحفاظ على الهوية
الثقافية وربط الجيل الجديد بجذوره".