شفق نيوز/ أصدر الروائي عبد الكريم العبيدي، رواية بعنوان (بوست) عن دار: london book Bookuk "دار لندن للطباعة والنشر والتوزيع" في العاصمة البريطانية لندن.
ويأتي صدور هذه الرواية بعد آخر رواية له صدرت عن دار "منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق" في العاصمة العراقية بغداد في العام 2022 بعنوان "جمجمة تشرين".
وقال الأديب عبدالكريم العبيدي، في حديث لوكالة شفق نيوز؛ إن (بوست)، هي رواية وقائع ومقاربات ومقارنات مَرْوِيَّة بحبكة سردية متعددة الأصوات، تتدفق تباعا، وتتميَّز بإيقاع تأمليٍّ بطيء، وبتلقائية نقية في التعبير، تركها أبطالها تنساب كما تشاء، في توالٍ حركي سيمفوني، يبدأ من داخل الأمكنة التي ظهرت فيها، ثمَّ تتشعب في غموض عجائبها بالتدريج، حتى يبلغ التّيه ذروته، وحالما تقف على عتبة التغريب، تبادر من ذاتها إلى فصل الوقائع عن مسارها الستاتيكي، وتلجأ إلى تعددية المعاني، واحتمالات التأويل، للحفاظ على سحر الحوادث، ثمَّ تواصل العزف على نغمات الخراب، وما تكتنفها من غموض وشائعات وأسرار.
وأضاف العبيدي: تخط رواية "بوست" مسار رحلة غرائبية من أوسلو إلى بغداد، يقوم بها فنان عراقي "مسيحي" مغترب – صانع أفلام، "مُصوِّر ومونتير ومخرج"، لتصوير مشاهد فيلم سينمائي عن معاناة المكون المسيحي في العراق بعد الغزو الأمريكي للبلاد في التاسع من نيسان أبريل عام 2003، وما رافقها من عمليات قتل واغتيالات وتشريد واختطاف ونهب وتهجير، وكذلك تفجير بعض الأديرة والكنائس والبيوت والمحال التجارية. وتستلهم الرواية مقاربات التراث والأساطير والطقوس بين بلدي الرافدين والنرويج.
وبيَّن العبيدي أن: "بطل الرواية يواجه واقعاً مأزوماً يفوق تصوراته المشيدة بمخيلته "النرويجية" المغتربة، ويغرق في سلسلة عنيفة من الصدمات الغرائبية، أبرزها المجزرة الدموية التي ارتكبها انتحاريون منتمون لتنظيم الدولة الإسلامية الارهابي في العراق داخل كاتدرائية سيدة النجاة في بغداد وذهب ضحيتها أكثر من "58" شخصاً، بينهم كهنة ونساء وأطفال وعجائز كانوا يحتفلون بقداس الأحد في الثلاثين من شهر أكتوبر/ تشرين أول عام 2010. وهو العام الذي يمثل امتداداً مأساوياً لاضطرابات الأعوام العصيبة التي مر بها العراق بعد الغزو الأمريكي لهذا البلد، ودخل فيها الشعب العراقي في صراعات اثنية وعرقية، صنعت أزمات حادة مصاحبة لأعمال عنف وتهجير وعمليات قتل جماعي وتشريد وتفجيرات، استهدفت أشخاصاً وتجمعات سكنية أو مدنية عامة، بهدف الانتقام أو التصفية الطائفية، بناءً على أيدولوجيات ونزعات متعصبة".
وتابع العبيدي: "في ظني أن الرواية هي "بحث في النسيان"! ثمَّة نسيان مُهدد بالاستذكار، سرعان ما ينقشع، لينال رهائنه المجدودين حريتهم. ربَّما هو هذا الذي كان البطل عالقًا به، ويتبجح بأنَّه من لائحته، بأنَّه الشخص المعني الذي لن يُمحى من الذاكرة، ومن المحال أن يُهزم. لكن تبقى أقسى الخيبات، هي تلك الناجية من سخرية النسيان، التي تظهر كقوس المطر، وندركها دفعة واحدة".
وكشف الروائي العبيدي عن أن روايته الجديدة "تحاول رسم صورة جلية عمّا حصل في عراق ما بعد الغزو من توترات حادة وصراعات وشيوع مشاعر الاغتراب والنفور والشك والحذر والانتقام بين مختلف أفراد وتجمعات القوميات والطوائف، وتختتم الرواية مسلسل صدماتها الدموي بصدمة فنتازية تختزل جدوى الرحلة الغرائبية ومرارة انتكاستها في العراق.
واختتم العبيدي تصريحه بالقول: "شخصيا لا أروم الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك، اكتفيت بعزف فصول نَكْبَة "بوست"، مزامير المحنة الشجيَّة، وضعتها في مكانة أقرب إلى القبول والتصور، بوصفها نكبة بلد، لا بوصفها قضية خاصة، إِنَّها فاجعة أليمة، ابتلاء، ربما سيبيح استرجاع مؤثراتها العودة إلى العقل، والكشف عن أوجه الرعب والتهجير والخراب، وتقصّي جذور الدافعية الدموية التي أشاعت الموت، وانتهكت الحقوق، وآلمتنا وضيعتنا، تلك النزعة الشريرة التي لم تُردع بعد، لم تنته، فقط توارت مُؤقتًا عن الأنظار، اختارت شَهْوَة التربص، وهجعت.
يذكر أن الأديب عبدالكريم العبيدي كان قد أصدر عدداً من المؤلفات، منها: ضياع في حفر الباطن "رواية"، الذباب والزمرد "رواية"، كم أكره القرن العشرين "رواية"، ثمانية أعوام في باصورا "مجموعة قصصية"، قصة عرش "رواية"، جمجمة تشرين "رواية، إضافة الى مسرحية فوبيا، وروايته "اللحية الأمريكية – معزوفة سقوط بغداد" التي حازت على جائزة كتارا للرواية العربية عام 2018.