شفق نيوز/ يُعرف متحف گیلان البيئي الريفي بأنه تجربة ناجحة في مواجهة تغير المناخ والربط بين التراث المادي وغير المادي في العالم؛ ما حدث بعد زلزال رودبار ومنجيل المدمر عام 1990 أصبح الآن تجربة عالمية.
محافظة گیلان هي إحدى محافظات إيران الإحدى والثلاثين، ومركزها مدينة رشت، وتبلغ مساحتها 14711 كيلومتر مربع. تقع بين خط 36.34 درجة وخط 38.27 درجة عرض شمالي، وبين خط 48.53 درجة وخط 50.34 درجة طول شرقي.
المتحف البيئي للتراث الريفي في گیلان
وفقا لتقرير لموقع همشهري الإلكتروني الإيراني وترجمته وكالة شفق نيوز، فان المتحف الريفي الحي في گیلان، يعتمد بالكامل على أسلوب الحياة ومعيشة أهالي گیلان القدماء ويمكن استخدامه كتجربة قيمة في أجزاء أخرى من البلاد للحفاظ على التراث المادي وغير المادي بهدف تنمية مستدامة.
الحياة في المتحف
دمر زلزال رودبار ومنجيل المميت 700 قرية في گیلان؛ ولم يقتصر الأمر على المنازل فحسب، بل أخذ معه كل الذكريات والتراث المادي وغير المادي. خطرت الفكرة الأولية لإنشاء متحف حي للتراث الريفي لگیلان في ذهن محمود طالقاني، مؤسس ورئيس متحف التراث الريفي لگیلان.
وذكر في كتاب «التراث الريفي»: «في عام 2001 تم توفير الظروف المناسبة لإجراء دراساته الأولية، وأخيرا، في ربيع عام 2004، انطلقت الورشة الأولى للمتحف في منتزه غابة سراوان».
كل ما تراه اليوم في متحف گیلان البيئي الريفي يختلف عن كل ما رأيته وسمعته عن المتاحف. فهذا المتحف البيئي، الذي تم إنشاؤه على مساحة 263 هكتارا، يحتوي على حيوية الحياة الريفية بكل تفاصيلها.
والزوار القادمين الى المنطقة عند دخولهم يشاهدون القرويين في يوم عادي وكأنهم دخلوا القرية القديمة من الهندسة المعمارية للمنازل إلى الملابس المحلية والطعام. ويستمعون إلى الموسيقى المحلية، ويطلعون على خصوصيات وعموميات صناعة الحرف اليدوية، ويتعرفون على طريقة وعادات الحياة الريفية في گیلان. ويستذكر الزائر من السكان الأصليين أيضا ذكريات الماضي من خلال الدخول إلى المتحف البيئي الريفي.
وبحسب طالقاني فإن الهدف من هذا المتحف هو حل المشاكل الثقافية والاجتماعية والتصالح بين سكان هذه الأرض وماضيهم القريب. لأنه من خلال هذه الطريقة، يصبحون على دراية بالمعرفة والتكنولوجيا القيمة لآبائهم، ويتعرفون على أخلاقهم ومعتقداتهم وقيمهم في مجال القضايا الثقافية، وبالنتيجة يقل تأثرهم بالهجمات الثقافية بشكل كبير.
البيوت والذكريات
أتوسا مؤمني، كاتبة مقال "مراجعة وتحليل دراسات حماية التراث غير المادي في إيران مع نظرة على المتحف البيئي الحي للتراث الريفي في گیلان" تقول: "المتحف البيئي في ريف گیلان ليس مجرد متحف مادي". ففي هذا المتحف تم تقسيم منطقة گیلان إلى 9 مناطق جغرافية ومن ثم تم وضع المنازل والحياة الريفية على أساسها. كما تم بحث الدراسات الأنثروبولوجية، وإرث نوع المعيشة واقتصاد المجتمع المحلي، وقدرات الخصوبة وحاجة المجتمع لحصاد المحصول، ونوع المحصول المزروع وكل هذه الأمور. ويتم عرض الهندسة المعمارية للمنازل الريفية في مناطق مختلفة من گیلان في هذا المتحف تماما كما كانت قبل الزلزال.
وتم عرض تفاصيل الهندسة المعمارية وحياة القرويين في جلگه الغربية جلگه الشرقية والمناطق الجبلية والسفوح والمناطق الساحلية لگیلان في متحف (واچیني).
تقول المومني في شرح واچیني: "البيوت الريفية في كل منطقة بكل ما حولها من متعلقات، مثل إسطبل أو عش للمواشي والدواجن، تم شراؤها من قبل فريق إطلاق المتحف ثم أعيد بناؤها في المكان الذي يوجد فيه المتحف".
(واچیني: الحصاد المتكرر للمحصول من زراعة واحدة عن طريق قطع النبات قريبا من سطح التربة وتحضيره لنمو البراعم من القاعدة أو الجذر) .
وتعطي مؤمني أيضا مثالا شاهدا من الفترتين الساسانية والاشكانية، فعندما كانت مدينة تتعرض ما للهجوم والتدمير، يجد الناس في المدينة الجديدة نفس المنزل تماما أو نفس رقم لوحة يعيش من خلال ذكريات كل الناس. وهذا نموذج فعال هذه الأيام للتنمية المستدامة في المواجهة مع تغييرات المناخ.
يقول مؤمني: "هناك حياة اجتماعية في المتحف البيئي الريفي في گیلان ، ولهذا السبب فهو نموذج ناجح كمرجع وموديل جديد للبناء".
نموذج لگلستان
تكمن قيمة هذا المتحف في إجراءات الاحياء والتنشيط التي يتخذها؛ اذ يتم الحفاظ على التفاعل بين الإنسان والطبيعة فيه. و(رشت) هي مدينة الإبداع في الطعام، وفي هذا المتحف البيئي، تحتوي المنازل على تنانير (جمع تنور=فرن شواء الخبز) كما في السابق ويتم طهي الأطباق المحلية.
وتؤكد مؤمني: "ليس هناك متحف مشابه بهذه المكانة في العالم. وطبعا هناك ما يشبهه بأبعاد صغيرة جدا في فرنسا. ولهذا السبب يعد المتحف البيئي للتراث الريفي في گیلان أعجوبة للعالم أجمع."
وردا على سؤال حول إمكانية استخدام هذه القدرة في مجالات أخرى، تقول مؤمني: "تمت الموافقة على دراسات المتحف البيئي في گلستان ومدينة گرگان ويجري تنفيذها. وقد تم اتباع هذه الخطة أيضا في جميع أنحاء طهران، لكنها لم تؤت ثمارها".
ماذا يحدث في المتحف البيئي؟
يوجد في كل من السهول الشرقية والغربية لمتحف گیلان البيئي الريفي 6 منازل، لكل منها قصته وتاريخه الخاص.
القسم الثالث من متحف التراث الريفي مخصص للجزء المركزي من گیلان. يوجد في هذا الجزء من المتحف 5 منازل ومدرسة ومقهى وورشة حدادة وحقل أرز ومخزن أرز وإسطبل وتلمبار (مكان لتربية دودة القز) وقن دجاج.
المنازل في قرى هذا الجزء من گیلان لها إطارات خشبية. كما أن أسطح المنازل مغطاة بسيقان الأرز أو الكلوش.
المهنة الرئيسية لسكان هذه المنطقة هي زراعة الأرز بشكل رئيسي. ولهذا السبب، يوجد حقل أرز تقليدي بجوار أحد المنازل، يتم زراعته وحصاده كل عام.
القسم الرابع من متحف التراث الريفي گیلان مخصص لجبال گیلان الشرقية ويضم شرق نهر سبيدرود. و يحتوي هذا القسم على منزلين يسمى كل واحد منها (خانه). منازل القسم الخامس من متحف التراث الريفي گیلان تقع في المناطق الجبلية والريفية والقسم السادس هو السفوح الشرقية لگیلان على الحافة الشرقية لسبيدرود وهي منطقة سفوح وتضم 3 منازل. اما الجزء السابع من السفوح الغربية لگیلان فيضم 3 منازل. والقسم الثامن من الساحل الشرقي لگیلان والقسم التاسع من الساحل الغربي لگیلان يحتوي كل منهما على منزل واحد.
وتعتبر أكشاك الحرف اليدوية وورشة الفخار وكشك الحصير وقسم نسج الدمى وقسم نسج السجاد (الكليم) أجزاء أخرى من المتحف البيئي للتراث الريفي في گيلان.
ترجمة: وكالة شفق نيوز