رحل رجل السلام و التسامح – رحل بابا شيخ الايزيدية الاب الروحي لأتباع الديانة الايزيدية في العالم وهو يترك مجتمعه مشتتا، مقسما، مهاجرا، نازحا، مختطفا، مدمرا قراه، مفقودين الالاف من أبناء شعبه، منقسمين على كل شيء إلا في محبة بابا شيخ و الولاء له والاستماع إليه والدعوة له للبقاء في موقفه دوما، ذلك الداعي الحقيقي والفاعل والأمين للسلام والعدالة والمساواة .
رحل بابا شيخ وهو يترك شعبا ممزقا ومجتمعا مستمرا في مواجهة أقسى إبادة جماعية تعرض لها في الثالث من أغسطس 2014 ومساراتها مستمرة والالاف كانوا ينتظرون اليوم الذي يطل عليهم بابا شيخ بخبر تحرر آخر مخطوفة لاتزال تئن تحت قبضة تنظيم داعش الارهابي .
رحل بابا شيخ الايزيدية وهو يترك محبته في قلوب الايزيدية كما المسيحيين في قلوب المسلمين كما الصابئة والبهائية - رحل وهو يعرف مكانته في قلوب اتباع الزرادشتية واليهود والكاكائية وكل المكونات المجتمعية وكل القيادات التي تسارعت في ارسال برقيات العزاء التي تعني الكثير .
رحل بابا شيخ وهو الذي لم يبقي جهدا إلا وقام به وطريقا إلا وسلكه، وبابا إلا وطرق عليه بشدة يدعو إلى حماية الايزيدية من الابادة، وضمان حقوقهم والدعوة الى إنصاف الايزيدية ودعمهم وإعادة النازحين إلى ديارهم وتعزيز اللحمة الإنسانية والتواصل وبناء الثقة بينهم وبين بقية المكونات.
رحل بابا شيخ وهو إلى آخر أيامه كان داعيا لأنصاف الايزيدية وإحقاق الحق وتحقيق العدالة واللجوء الى القانون وعدم الانجرار وراء الفتن التي كانت ولاتزال تريد زج الايزيدية في خطاب الكراهية وأتون الانتقام دون وازع من ضمير .
بابا شيخ – الاب الروحي للايزيدية قضى عمره في خدمة مجتمعه – جلست معه كثيرا ألتقيت به مع البرلمانيين والوزراء والسفراء و مبعوثي الامم المتحدة وقادة المنظمات العالمية والمحلية – مع النشطاء و الاكاديميين، لم أراه يوما إلا والبسمة على شفاه كل من إلتقاه .... كان صاحب النكتة الحكيمة مع الكل – والكلام الدقيق مع الكل - صحيح لم يكن بليغا كثيرا في الكلام ولكنه كان بليغا في إفهام سامعيه ما يريد أن يوصل من رسالة - يشرح المواقف ويقدم القصص والتجارب التي مرت به بطريقة لايمكن ان يتقنها غيره ..
بابا شيخ خرتو اسماعيل – 87 عاما قضى اكثر من نصفها في خدمة ابناء شعبه وهو يحل أكثر المشاكل الاجتماعية تعقيدا ويحقق الصلح بين ابناء مجتمعه وكما الحال مع ابناء المجتمعات الاخرى .
حقق في تاريخه صفحة ناصعة البياض تحدث عنها قادة العالم والرؤساء ومسؤولي الامم المتحدة بإجلال إلا وهي الدعوة الى أحتضان الناجيات الايزيديات من قبضة تنظيم داعش الارهابي ودعمهن ومساندتهن – لأنهن لايتحملن ذنب ما تعرضوا أليه.
لم يكن بابا شيخ شخصية أعتيادية سواء بسبب مكانته الدينية او المجتمعية او بسبب قطعه اشواطا في النضال والعمل المستمر من أجل أن يكون مساهما في تطوير الأسس والمفاهيم بخصوص الايزيدية لكي تتوافق مع العصر الحديث – لم يكن في أي يوم معترضا على اي خطوة للاصلاح والمسامحة والمصالحة ولم يكن في أي يوم من الايام يوافق على ان ينقسم الايزيدية على اي شيء .
التقيت مع وفد أجنبي ضم ممثلي عدد من المنظمات به في منتصف 2016 كان يضم ثلاثة نساء كانوا مترددات هل يسمح لهن بمصافحتهن،،،،، أخبرته بالامر ضحك وقال اخبرهم بأننا لسنا مثل الاخرين - وأصر ان يجلس بينهم وأن لايخرجوا ألا ويتناولوا الغداء في دار ضيافته – بعد مناقشة استمرت حوالي ساعة، التفتت مبعوثة الامم المتحدة إلي لتقول – أخبره بأن هذه فرصة كبيرة لنا وشرف لن نناله في كل مضيف بهذا الشكل أن نجلس بضيافته وقالت لي : كم محظوظين الايزيدية بأن لديهم أب روحي مثل هذا الرجل العظم والمستمع الحكيم – كانت سباقة في ارسال رسالة تعزية أليي حالما سمعت خبر وفاته .
ترك بابا شيخ وراءه الكثير من الصور الايجابية بين أبناء جلدته و مع الأخرين الذي مضى بهدوء لنهاية العمر ولتنتقل روحه الى الاخدار السماوية - الخلود لأسمه – الخلود لروحه ..