في الأنظمة الدكتاتورية يتحكم بالقرار السياسي شخص واحد والمعية تضعن للقرار بالسمع والطاعة سلبا كان أو إيجاباً  دون إعتراض بقدر مباركتهم وإستعدادهم للتنفيذ بدون مناقشة من باب الإطاعة العمياء وتمجيد خطوات صاحب القرار من خلال وضع هالة من الهيبة والخوف ليصنع من خلالها الطغاة والجبابرة , حتى قيل في أمثال هؤلاء الإمّعات والذيول من الذين يفتقدون للقرار ( لا تسألوا الطغاة لماذا طغوا , بل إسألوا العبيد لماذا ركعوا ) , لكن المشهد السياسي تبدل نوعاً ما بعد تحريرالعراق بتغييرالنظام الدكتاتوري والتوجه الى الديمقراطية بمشاركة الأحزاب السياسية المعارضة في الحكم , وتنفست الأقليات والطوائف الصعداء بعد رفع الظلم الذي كان قابعاً على صدورهم ليمسكوا بزمام الأمور ويديروا دفة الحكم من خلال مبدأ التوافق والشراكة السياسية بين جميع مكونات المجتمع المتمثلة بالكتل والأحزاب السياسية ليكون القرار تشاركياً دون تفرد فئة أو حزب أو طائفة .
أحياناً تتعرض الأحزاب السياسية الى إنتكاسات خارجة عن إرادتها نتيجة للظروف الموضوعية التي تحيط بها , ومنها الحزب الديمقراطي الكوردستاني بعد أحداث السادس عشر من أكتوبر وما رافقتها من إجراءات تعسفية بحق الكورد , وبفضل حنكة وحكمة القادة السياسيين من الرعيل الأول ممن تخرجوا من مدرسة النضال والفداء والتضحية التي أرسى دعائمها الأب الروحي الملا مصطفى البارزاني تمكنوا من إستيعاب وتسوية الأزمة المفتعلة من قبل بغداد , ولن يرضخوا الا لله سبحانه وتعالى إيماناً بقضيتهم المشروعة في الدفاع عن الحقوق المسلوبة بعد سنوات من الضياع على يد أعتى نظام دكتاتوري شوفيني عرفه التأريخ , ليعودوا أقوى مما كانوا عليه بعد حصولهم على أكبر عدد من المقاعد النيابية كونهم القوة السياسية الأولى على مستوى الإقليم شاء الأعداء أم أبوا .
وبعد إعلان نتائج الإنتخابات النيابية وما شابها من إشكالات بانت خيوط وملامح الخارطة السياسية , حتى بادرت الكتل والأحزاب السياسية للتحالف لتشكيل الكتلة الأكبر وتشكيل الكابينة الوزارية بعد الإتفاق على البرنامج السياسي بعيداً عن التخندق الفئوي والطائفي , حتى تزاحمت الكتل السياسية للتسابق الى هولير صاحبة القرارالسياسي للتشاور مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني لتهيئة الأرضية المناسبة وإنضاج العملية السياسية ورسم الخطوط العريضة لها , كما فعلت من قبل عند تشكيل الحكومات السابقة , حيث لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة بل هناك مصلحة دائمة , وبدأت بفرض شروطها بعد أن كانت ترضخ لشروطهم , ومن أبرزها عودة قوات البيشمركة الى كركوك والمناطق المتنازع عليها والإلتزام بمبدأ التوازن والتوافق والشراكة بحيث تكون مصلحة الكورد وكوردستان من الأولويات في جدول التفاوض , حيث لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين , بعد أخذ ضمانات دولية وبإشراف أممي بتنفيذ بنود الدستور العراقي دون إنتقائية  وتطبيق المادة 140 الخاصة بالمناطق المتنازع عليها .
كانت هولير ولا زالت وستبقى مركز القرارالسياسي وبيضة القبان في تسوية المشاكل العالقة تحت سقف الدستور ,  وستكون لها كلمة الفصل في تشكيل الحكومة الجديدة بعد دخول العراق الى فراغ تشريعي لحين إعلان النتائج النهائية والمصادقة عليها من قبل المحكمة الاتحادية العليا وبجهود شخصية من السيد الرئيس مسعود البارزاني كونه قائد المرحلة بلا منازع ومقبول سياسياً لدى جميع الكتل والأحزاب السياسية ولما له من دور فاعل في العملية السياسية ويتميز بتأريخ مشرف من النضال ضد الدكتاتورية .