رائد الهاشمي/ إنتهى إجتماع فيينا لوزراء دول منظمة أوبك في 30 نوفمبر 2016 والذي كانت كل أنظار العالم تتوجه اليه وتترقب نتائجه, وجاء هذا الاجتماع بعد مفاوضات استمرت عدة أسابيع بين الأعضاء الـ14 في أوبك ، وكانت من أهم نتائجه هو اتفاقها على خفض إنتاج النفط بمقدار 1,2 مليون برميل يومياً، أي سيحدد انتاج دول أوبك إلى 32,5 مليون برميل يومياً, وتأتي أهمية هذا القرار أنه لأول مرة تتفق أوبك منذ عام 2008 على قرار موحّد يخص تحديد الأنتاج بشكل عام لما كان من حجم الانقسامات والتناقضات الكبيرة داخل أروقة المنظمة ومحاولة لتحسين أسعار النفط المتدهورة بسبب تخمة المعروض منذ صيف 2014 ولمعالجة المشاكل الاقتصادية الكبيرة والعجز الذي أصاب إقتصاداتها, والأمر المهم والجديد في نتائج هذا الاجتماع أن اتفاق خفض الإنتاج يقضي بانضمام دول من خارج المنظمة إليه، والتي من المفترض أن تخفض إنتاجها النفطي بمقدار 600 ألف برميل يوميا,وأن روسيا التي تعدّ أحد أبرز منتجي النفط في العالم تعهدت بتقليص إنتاجها النفطي بمقدار 300 ألف برميل يومياً ، ويعتمد الاتفاق بشكل رئيسي على السعودية، أكبر منتج للنفط، التي وافقت على خفض إنتاجها بنسبة 4.5 في المئة، أو ما يساوي نصف مليون برميل يوميا, وكذلك وافقت المنظمة على تثبيت انتاج ايران من النفط عند مستوى ما كان عليه قبل الحظر اي انه سيبلغ 3 ملايين و 975 الف برميل يومياً, واتفقوا على تقليص العراق لإنتاجه بواقع 200 ألف برميل يوميا إلى 4 ملايين و351 ألف برميل يوميا بدءاً من شهر كانون الثاني 2017 , وستعقب هذا الاجتماع لقائات عديدة مع الدول المنتجة للنفط من الدول الغير أعضاء في المنظمة وخاصة روسيا للاتفاق على آليات قرار تخفيض الانتاج ووضعها حيّز التنفيذ.
بعد الإعلان عن نتائج هذا الاجتماع مباشرة تأثرت اسعار النفط في الأسواق العالمية بشكل ايجابي حيث ارتفع سعر مزيج برنت الى 50,05 دولار للبرميل فيما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الى 48,70 دولاراً للبرميل وبعدها بدأ بالتراجع قليلاً بعد نشر تحليلات المختصين في هذا الشأن وبيان صعوبة تنفيذ قرار الأوبك بشكل سليم على أرض الواقع لعدم توّحد الرؤى داخل أروقة المنظمة وان سجل المنظمة حافل بالإخفاقات والتناقضات في هذا المجال وبعد ذلك عاودت الأسعار بالارتفاع والتعافي متخطية حاجز الخمسين دولار بالرغم من قوة الدولار الذي يُعّد عاملاً مؤثراً على أسعار النفط, وهناك توقعات كبيرة متفائلة بأن تتراوح معدلات الأسعار بين 55 الى 60 دولاراً قبل نهاية العام لعدة أسباب أهمها زيادة نسبة الطلب على النفط وذلك لارتفاع نسبة الاستهلاك بسبب انخفاض درجات الحرارة عالمياً وكذلك توقف الإنتاج في بعض المواقع مثل نيجيريا نتيجة إضرابات وهجمات على منشآت نفطية.
في الجانب الآخر ظهرت آراء متشائمة صرحت بتوقعاتها بعدم نجاح قرار الأوبك على أرض الواقع لعدة أسباب أهمها ان الولايات المتحدة، من المرجح أن تزيد من إنتاجها مع ارتفاع الأسعار، مما قد يلغي أثر الاتفاق ويفقده أهميته, وكذلك هناك مسألة هامة جداً أن قرار الأوبك بالتخفيض كان مشروطاً بالتزام الدول المنتجة من خارج المنظمة بتخفيض انتاجها الى 600 ألف برميل يومياً وفي حالة عدم التزامها بذلك يعد القرار لاغياً والتزام هذه الدول غير مضمون لحد الآن.
ماعلينا غير الانتظار والمراقبة عن كثب لما ستحمله الأسابيع القادمة من أحداث كثيرة هي التي ستحدد مسار أسعار النفط العالمية وستبين لنا مدى جدية دول الأوبك في تنفيذ قرارها بالتخفيض.