بعدما قرأت عن مقترح قانون القومية الإيزيدية، وتابعت الجدل الدائر حوله في العراق وإقليم كردستان عامة، وبين الإيزيديين خاصة، تيقنت - كما غيري - أن المعضلة ليست في اقتراح القانون بالذات، فهذا يمكن أن يُقترح اليوم وفي المستقبل بشكل مستمر، بل هي في العقليات التي تؤيد تحول الإيزيديين من كرد إيزيديين إلى إيزيديين - إيزيديين، أي تحويلهم بشكل خارق، غير طبيعي، إلى قومية خاصة وديانتها الخاصة الإيزيدية. هذه العقليات (الشوفينية) لا يمكن التحدث معها بالمنطق والعقلانية والواقعية، لأن المصالح السياسية التي تبحث عن تحقيقها فوق كل المنطقيات العقلية والقوانين الاجتماعية والحقائق التاريخية.

وهنا أخذت أتساءل: إذا كان مجرد جمع التوقيعات يجيز أن يغير قومية فئة من الناس، فلماذا لا يحدث الأمر مع كل القوميات في العراق؟ وكمثال: ماذا لو جمع النواب العرب في البرلمان العراقي التوقيعات وقرروا إصدار قانون يحول، بالقوة، جميع الكرد في العراق الذين يسكنون خارج إقليم كردستان إلى عرب؟ وفي المقابل، ماذا لو اجتمع جميع النواب الكرد في برلمان إقليم كردستان وقرروا إصدار قانون يحول، بالقوة، جميع العرب الذين يسكنون في إقليم كردستان إلى كرد؟ عندئذ ماذا ستكون ردود العرب والكرد على بعضهم بعضًا؟

هل تخيلتم؟ إنها العبثية المطلقة في دولة يعاني أساسًا من معضلات وأزمات ومشاكل لا حصر لها، سياسية وطائفية واقتصادية واجتماعية وقومية، تهدد بانهيار النظام الذي يحكم الدولة. فلماذا إذن مقترح قانون القومية الإيزيدية في هذا الوقت بالذات؟

من الواضح جدًا أن الهدف في ذلك هو محاولة إضعاف الكرد سياسيًا من قبل الجهات السياسية التي تؤيد القانون، وتستغل ما حدث للإيزيديين في زمن سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مناطقهم (2014-2017)، هذه من جهة، ومن جهة أخرى، الجهات التي تؤيد القانون تخلق دائمًا أزمات ومشاكل ثانوية للشارع العراقي لينشغل بها ويتناسى حقوقه التي ضاعت على أيديها. 

وفي الختام، على الإيزيديين أن يكونوا حذرين من استغلالهم سياسيًا من قبل كل الأحزاب السياسية في العراق، وعلى الكرد والعرب أن يفهموا أن: في العراق ما يجمعهم ويشتركون فيه أكبر وأكثر مما يفرقهم ويضيعهم في المتاهات معًا. فلا ينبغي أن يؤيدوا الأصوات التي تنادي بالشوفينية والطائفية.