يمتاز النظام الانتخابي المعمول به في العراق المسمى بنظام القائمة النسبية، بقلة الاصوات الضائعة فيه وامكانية تمثيل الاقليات والنساء بسهولة وبنسبية نتائجه وتشجيعه التعددية الحزبية وانعدام او قلة الحاجة فيه لترسيم الدوائر الانتخابية وانعدام الحاجة فيه للانتخابات الفرعية وسهولة اقتراع الخارج فيه، كذلك يحد من انتشار المناطق التي ينفرد فيها حزب واحد بالسيطرة عليها ولكنه يعاني من ضعف مساءلة ومحاسبة النواب بسبب ضعفه في التمثيل الجغرافي ويسهل وصول احزاب متطرفة للبرلمان ولا يمكنه من اقصاء حزب ما عن السلطة ويتسبب في ازدياد تشكيل الحكومات الائتلافية، لكنه يعطي قوة زائدة للاحزاب السياسية، لذلك هو ملائم بشكل ما للعراق ولكنه لا يعتبر النظام الافضل للعراق.
يحتاج هذا النظام لطريقة حسابية جيدة وعادلة لتوزيع المقاعد الانتخابية على كل حزب وحسب الاصوات التي حصل عليها، قد تكون طريقه الباقي الاكبر من افضل الطرق واسهلها على الفهم لاحتساب المقاعد الانتخابية، حيث يحصل كل حزب على عدد من المقاعد يتناسب كليا مع نسبه الاصوات التي حصل عليها في الدائرة الانتخابية، ساعطي مثالا بسيطا لتوضيح هذه الطريقه، فلو افترضنا إن هنالك منطقة انتخابية لها عشرة مقاعد وصوت فيها مائة ناخب وحصل فيها الحزب س على 25 صوت، الحزب ص على 21 صوت، الحزب ع على 18 صوت، الحزب ك على 9 اصوات، الحزب ل على 8 اصوات، الحزب م على 7 صوت، الحزب ن على 6 اصوات، واحزاب اخرى صغيره حصلت على صوت او صوتين بما مجموعه 6 اصوات وحاولنا توزيع المقاعد العشرة عليهم بنوع من العدالة وبحسب الاصوات التي حصلوا عليها، سنحتاج اولا لمعرف عدد الاصوات اللازمه للحصول على مقعد واحد والذي يسمى احيانا بالعتبة الانتخابية وهي تساوي عدد الاصوات الانتخابية الاجمالية الصحيحة مقسوما على عدد المقاعد، في حالتنا هذه هنالك مائة صوت يقسم على عشرة مقاعد، اي ان العتبة الانتخابية ستساوي عشرة واذا قسمنا اصوات كل حزب على قيمة هذه العتبة الانتخابية، سنجد ان ناتج القسمه يتكون من عدد صحيح و كسر عشري وهذا العدد الصحيح سيمثل اولا عدد المقاعد التي سوف يحصل عليها كل حزب في البداية، اي ان الحزب س سوف يحصل على مقعدين وكذلك الحزب ص، في حين يحصل الحزب ع على مقعد واحد، اما بقية الاحزاب فليس لها شيئ في هذه المرحلة، واذا جمعنا هذه الارقام الصحيحة سنحصل على خمسة مقاعد، وستبقى لدينا خمسة مقاعد اخرى يجب توزيعها على الاحزاب، وتقتضي العداله ان توزع هذه المقاعد المتبقية على الاحزاب التي حصلت على اكبر الكسور وهنا نجد ان اكبر خمسة كسور متبقية هي للاحزاب ك، ثم للحزب ع، ثم للحزب ل، ثم للحزب م، واخيرا للحزب ن.
لقد استخدمت هذه الطريقه في كثير من الدول الاوربيه في بدايات تطبيق الانتخابات فيها في القرن التاسع عشر، لكن هذه الطريقه تعاني من مشكلة واحدة وهي ضرورة اعادة جميع الحسابات في كل مرة يحصل فيها تغير في عدد الاصوات لاي حزب بسبب الاعتراض او حدوث خلل في احتساب الاصوات او حرمان او انسحاب حزب ما من الانتخابات، حتى لو حصل تغيير في صوت واحد فقط، حيث يتم احتساب العتبة الانتخابية من جديد، ثم قسمة اصوات الاحزاب على العتبة الانتخابية الجديده لمعرفة حصة كل حزب من المقاعد النيابية.
لذلك اقترح عالم الرياضيات الفرنسي اندريه سانت ليغو طريقة رياضية اخرى عام 1912 لاحتساب كيفية توزيع المقاعد على الاحزاب، وسميت هذه الطريقة باسمه، وتعطي نفس نتائج طريقة الباقي الاكبر او قريبة منها جدا، لكنها لا تحتاج لاعادة احتساب العتبة الانتخابية في كل مرة يتم فيها اكتشاف حصول خطأ ما في اصوات اي حزب، ثم اعادة احتساب المقاعد من جديد لكل حزب، خاصه ان العمليات الحسابية كانت تجري يدويا في تلك الايام، وطريقه سانت ليغو كانت تقتضي عمل جدول توضع فيه اصوات جميع الاحزاب بشكل تنازلي، ثم ناتج قسمه اصوات كل حزب على الارقام الفرديه المتسلسلة 1، 3، 5، ،7 و هكذا، بعدها يتم اختيار اعلى الارقام في الجدول والتي يكون عددها مساويا لعدد المقاعد، فاذا كان عدد المقاعد يساوي عشرون مقعدا مثلا، يتم اختيار اعلى عشرون رقما في الجدول وتكون حصة كل حزب من المقاعد هو عدد الارقام الكبيرة التي تم اختيارها من الجدول والعائدة له، وهذه الطريقة لا تعتمد على حسابات العتبة الانتخابية، او حتى على عدد المقاعد، اذ يمكن استخدام نفس الجدول للحصول على اي عدد من المقاعد ومن دون اجراء اية حسابات اضافيه، ولا نحتاج لاعاده جميع الحسابات كلما حصل هنالك خطأ ما، فقط نحتاج الى اعاده حسابات ارقام الحزب الذي حصل فيه الخطأ، وقد لا يكون مؤثرا اذا حصل نقص في اصوات حزب ليست له مقاعد منذ البداية، ولدقه هذه الطريقه فهي تستخدم في كثير من دول العالم الان مثل النرويج، السويد، المانيا، البوسنه، نيوزيلاند، النيبال، لاتفيا، كوسوفو، الدنمارك، بوليفيا، بولندا والعراق، وفي عام 1980 اثبت العالم الالماني هانس شيبرز رئيس فريق معالجة البيانات، اي رئيس مركز الحاسبه في البرلمان الالماني ان طريقه سانت ليغو تعطي نفس نتائج طريقة الباقي الاكبر وكذلك تمنع خساره الاحزاب الصغيرة لاصواتها لذلك اعتمدت طريقه سانت ليغو في انتخابات برلمان المانيا منذ عام 2009 وكذلك في انتخابات برلمانات بعض المقاطعات الالمانية، اضافة لانتخابات البرلمان الاوربي. اذا رجعنا لمثالنا السابق البسيط، فسنجد ان الجدول المتكون من تقسيم اصوات الاحزاب على الارقام 1، 3، 5 سيعطي نفس نتائج طريقه الباقي الاكبر اي مقعدين للاحزاب س، ص، ع، ومقعد للاحزاب ك، ل، م واخيرا للحزب ن، ولقد حاولت بعض الدول القليلة اقصاء بعض الاحزاب الصغيرة و ذلك بابدال القسمة على الرقم 1 برقم اكبر، فقاموا بالقسمه على الرقم 1.4، واذا طبقنا هذه القسمه على مثالنا فسنجد ان مقاعد الحزب س ستكون 3 بدلا من اثنين، وسيخسر الحزب ن مقعده، واذا استخدمنا الرقم 1.7 بدلا من 1، كما جرى في العراق حاليا، فسنجد ان الحزب م سيخسر مقعده ايضا لصالح الحزب ص، لتكون مجموع مقاعد ص ثلاثة مقاعد ايضا، وهنا نلاحظ ان الحزب ص، والذي لديه 21 بالمائه من الاصوات حصل على ثلاثة مقاعد اي 30 بالمائة من المقاعد، في حين ان الحزب م، والذي لديه 7 بالمائة من الاصوات لم يحصل على مقعد، اي لديه صفر بالمائة من المقاعد، اي ان توزيع المقاعد لم تكن عادله باستخدام الرقم 1.7 .
الان وبعد اكتمال حساب الاصوات وتحديد المقاعد لكل حزب او تحالف باعتماد طريقه سانت ليغو المعدله باستخدام الرقم 1.7، والذي لم يستخدمه اي بلد في العالم سوى العراق، وبعد قيام المفوضية العليا المستقلة للانتخابات باعلان النتائج النهائية، يمكننا حساب الاثر الذي احدثه استخدام الرقم 1.7 بدلا من 1 و لجميع محافظات العراق، ولقد اعطت المقارنة نتائج مختلفه فيما بين المحافظات، وكانت هنالك سبعه محافظات وهي الأنبار، ميسان، السليمانية، المثنى، القادسيه، كربلاء وواسط، لم تتغير نتائجها بسبب التعديل. لكن كانت هنالك اربعة محافظات وهي بابل، النجف، البصرة وذي قار، اثًر استخدام الرقم 1.7 على نتائجها، حيث خسرت حركة ارادة مقعدا كان من حصتها في ثلاث محافظات وهي بابل والنجف وذي قار، وكسب هذه المقاعد احزاب الحكمة وسائرون وتحالف الفتح وعلى الترتيب، وخسر حزب البناء والاصلاح مقعده في البصرة لصالح تحالف النصر. اضافة لذلك تسببت هذه الطريقه في تغيير النتيجة بشكل اخر في سبع محافظات، اذ تم خساره مقعدين من احزاب لصالح احزاب اخرى، ففي بغداد خسر حزبا ائتلاف كفاءات للتغيير وتضامن مقعديهما لصالح دولة القانون وتحالف بغداد، وفي ديالى خسر ديالى التحدي ودولة القانون مقعد لكل واحد لصالح تحالف الوطنية وسائرون، وفي صلاح الدين خسر عراق الارض وسائرون مقعدا لصالح قلعه الجماهير والقرار العراقي، وفي كركوك خسر تحالف النصر وتحالف الفتح مقعدا لكل واحد منهما لصالح الاتحاد الوطني الكردستاني وجبهة تركمان كركوك، اما في نينوى فلقد خسر تضامن والحكمة مقعديهما لصالح ائتلاف النصر والحزب الديمقراطي الكوردستاني، اما في اربيل فلقد خسر الاتحاد الإسلامي الكوردستاني والجماعة الإسلامية، مقعديهما لصالح الحزب الديمقراطي الكوردستاني والجيل الجديد، وفي دهوك خسر التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة، والاتحاد الوطني الكوردستاني، وكسب المقعدان الحزب الديمقراطي الكوردستاني، اي حصل هنالك تغيير لثماني عشر مقعدا في عموم العراق، وكان اكبر الخاسرين هو حزب ارادة لثلاثة مقاعد، ثم تجمع تضامن لمقعدين وخسر الاتحاد الإسلامي الكوردستاني، والبناء والاصلاح، والتحالف من أجل الديمقراطية والعدالة، والجماعة الإسلامية، وإئتلاف كفاءات للتغيير، وديالى التحدي، وعراق الارض مقعدا لكل واحد منهم، في حين كان اكبر الرابحين هو الحزب الديمقراطي الكوردستاني باربعة مقاعد، و كانت هنالك اربعة احزاب خسرت مقعدا، و لكن ربحت مقعدا في محافظة اخرى، وهي تحالف الفتح ودولة القانون والاتحاد الوطني الكوردستاني والحكمة، وهنالك حزبان كسبا مقعدين وخسرا مقعدا واحدا اي كسبا مقعدا واحدا بالمحصلة النهائية، هما ائتلاف النصر وسائرون، وكسبت ستة تحالفات مقعدا، وهي الجيل الجديد، القرار العراقي، تحالف الوطنيه، تحالف بغداد، جبهه تركمان كركوك، وقلعه الجماهير، ونستطيع القول إنه على مستوى العراق خسرت تسعة كيانات و معضمها صغيره 12 مقعدا، في حين فازت سبعه احزاب وتحالفات معضمها كبيره ومتوسطه وحتى صغيره على عشرة مقاعد، في حين تعادلت اربعة تحالفات كبيرة بالفوز والخسارة لمقعد واحد، وهنالك تحالفان هما النصر وسائرون كسبا مقعدين ولكن خسرا مقعدا واحد لكل واحد منهم، اي كسبوا بالمحصلة مقعدا واحدا لكل منهما، والخسارة الموجعة كانت لحركة ارادة والتي خسرت ثلاث مقاعد واكبر الرابحين هو الحزب الديمقراطي الكوردستاني باربعة مقاعد.
وتؤكد نتائج الانتخابات على اساس الدوائر الانتخابية المتعددة المقاعد وكما هو معمول به في العراق والذي يسمى بنظام القائمه النسبيه، اهميه قيام الاحزاب والقوائم وحتى الافراد ذوي البرامج المتشابة بالاندماج في كتله واحده حتى يضمنوا عدم تفتت اصواتهم وامكانية حصولهم على مقاعد اضافية وخاصه ان القسمه على 1.7 او 1.4 يعاقب فقط الاحزاب و التحالفات التي تفوز بمقعد واحد فقط على مستوى المحافظة، و تستفيد منها الاحزاب الكبيره في معظم الاحيان، نعتقد بان تغيير القسمه على قيمه غير الرقم 1 في نظام سانت ليغو هو اجراء غير عادل، ويحرم كثير من القوائم الصغيرة لاستحقاقها الانتخابي، والاستفادة ليست بتلك المؤثرة في كثير من الاحيان للاحزاب الكبيرة، ولا تُغير معدلات الاستحقاقات النيابيه بشكل كبيراو مؤثر، لكنها غير عادلة لانها تحرم بعض القوائم الصغيرة من استحقاقها الانتخابي، ومن الضروري جدا مراجعه النظام الانتخابي المعمول به حاليا بالكامل واستخدام انظمة اكثر موالمة للعراق مما معمول به حاليا، و لبدء بنقاشه منذ الان، لكي يكون جاهزا للانتخابات القادمه.