حينما يقول شخص ما في العراق انه "عربي عراقي"،.. بتقديمه القومية على الهوية العراقية، يصفق له من حوله ويمسح شاربه الذي بجانبه وآخر يفتل ذوائبه غبطة ووجوه تنفرج واسارير تزهو، فتراهم سكارى بنصر لايفقهوا ان كان للدين ام للقومية ففي ذهنهم كلاهما سيان لايفترقان حتى يردا برزخا هم عنه في غفلة، بل وكأنهم حققوا نصرا مهما على الطائفية وهم اقرب اليها من حبل الوريد..
وحين يقول شخص آخر انه كردي عراقي، تقوم القيامة ويرمى بالخيانة، فكيف قدم قوميته على الهوية العراقية.. وتفتل نفس الشوارب وتقطب الحواجب وتكفهر نفس الوجوه حقدا وضغينة وكأن الكردي ارتكب اثما عظيما..
ماحدث ويحدث في مدينة مندلي نموذجا لما يحدث في عراق اليوم، بعد ان تم صب الزيت على نار دفينة لتتأجج بوجه ابناءها في صراع تحت ذريعة "الاستفتاء" في حين ان الحقيقة لاتتجاوز عن كونها صراع من اجل كسر الارادات وفرض الوصاية على مدينة مهملة اساسا لكنها وبقدرة عليم خبير اضحت اكثر اهمية للحفاظ على وحدة العراق حتى لو تم سحق ابناؤها.. فضيوف الامس القريب اضحوا اصحاب الدار بل وتحالفوا مع الشيطان من اجل ان يطردوا اصحاب الدار ليحصلوا على صك الوصاية على المدينة واهلها.. بل والأدهى من ذلك ان ضيوف المدينة استنجدوا بأفراد من عشائرهم في وسط وجنوب العراق لدعمهم في سلب الحق من اصحابه، وغرروا بالكثير منهم بحواسم جديدة او فرهود جديد يستعدون له.. متناسين ان ابناء مندلي من الكرد لم يرضخوا لسياسة التعريب ولم يغيروا قوميتهم رغم النار والحديد الذي احاطته بهم سلطات البعث المقبور، فكيف تريدون منهم الان ان يرضخوا لارادة عدد من الـ"هتلية" والـ"دمبكجية" و"سماسرة الدين" و"انصار الحواسم" واحفاد "الفرهود" والذين يراهنون على كسر شوكة العشائر الكردية في مندلي ومتجاوزين بذلك كل الاعراف والتقاليد التي تحتم على الضيف احترام نفسه والمكان الذي يأويه..
قال جل وعلا (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى) (البقرة-120) وليس بعد كلام الباري جدل، فمنه تضرب أروع الامثال والحكم اذ يمكن ان نقول بناءا على واقع الحال الذي يراد فرضه في مندلي انه لن ترضى عنكم "ايها الكرد" العرب العاربة والمستعربة حتى تنصهروا في ملتهم، لكن هيهات لهم مايريدون، فأرادة الباري فوق كل ارادة مهما لبستم عمائمها زورا، فقد خلقنا شعوبا وقبائل لنتعارف لا لنتناحر، وماهي الا اضغاث احلام ترونها، فصبر جميل..