ما دام الكل يدعو للتغيير بما في ذلك الشخصيات التقليدية التي تواجدت في المشهد السياسي العراقي، وما زالت تتشبث بوجودها وتحرص على تواجدها في قلب المشهد السياسي، فإنها بلا شك ستخشى أي أسماء قادمة، وبلا شك أيضًا فإن السياسيين التقليديين سينكبّون على الأسماء الجديدة التي تروم اقتحام المشهد السياسي من خلال صناديق الانتخاب وتأمر ماكينتها الإلكترونية بالشروع بحملات تسقيط وإستهداف.
لن نتحدث عن الأمر هذه المرة في المنطقة السياسية الشيعية، لأنَّ الحرب الاستباقية هناك أخذت طابع الصراع بين المدنية والإسلاموية. أما في الواقع السني السياسي فإنَّ الحرب بدأت تأخذ طابع التسقيط الشخصي والاستهداف على أُسس الانحياز غير الواعي إلى حد ما.
وفي مثالنا وعند استعراض الوجوه الجديدة في المشهد السياسي السني نجد أن "وضاح الصديد" يكاد يكون أكثر الأسماء تداولًا في مرحلة ما قبل الانتخابات، بل في مرحلة التهيؤ للانتخابات والتحالفات، حيث سعى هذا الرجل لجمع شتات الكتل "السنية" في مؤتمر عام، وقرر أنْ يخوض الانتخابات، لكنه على ما يبدو لم يستطع إقناع الجميع، وهذا الذي لم يتفق معه بدأ بشن حملة تشويه منظمة اعتمادًا على الجيوش الالكترونية.. اللعبة التي لم يتمكن منها الصديد.
ما يهمنا هو أنَّ التغيير يجب أنْ يتم التأسيس له من خلال دعم الوجوه الجديدة لتحل بدلًا عن الوجوه التقليدية التي سادت طيلة السنوات العجاف المنصرمة، ولم يكن لها القدرة على البناء والتواصل مع الجمهور بشكل يليق بمحنة المناطق التي يمثلها هؤلاء.
لذا فإنَّ المرشحين الجدد حينما يتعرضون للاستهداف من قبل "حيتان" قديمة لا يجوز أنْ يروا في أنفسهم أنهم أسماك صغيرة ليكونوا طعمًا لمن سبقهم وأتقن لعبة السياسة القذرة التي تتأسس على تسقيط الآخر واستهدافه بسكاكين الشائعات والأخبار الكاذبة والوقائع الوهمية التي يتم بناء الأخبار عليها. إنها مهمة الذين يخشون على مناصبهم.
من جانب آخر فإنَّ الذين تقادموا على البقاء في المشهد السياسي العراقي يحرصون على إدامة البقاء لسببين أساسيين:
الأول: يحاولون تمديد فترة تمسكهم بالحصانة التي تقيهم من احتمالات الاستدعاء القضائي لأنهم يعلمون أنَّ قضايا الفساد لم تغلق بشكل نهائي وإنها قد تفتح عليهم إذا ما فقدوا قوة مجابهة القضاء.
الثاني: شيوع حالة الفساد فرضت على كثير من السياسيين الدخول في مشاريع اقتصادية خارج اطار القانون، وبالتالي فَّإن هذه المشاريع لا تستمر بدون الغطاء القانوني عبر الامتيازات الخاصة التي يتمتعون بها، وبالتالي فإنَّهم سيكونون قادرين على الوفاء بإلتزاماتهم مع شركائهم من داخل ومن خارج السرب الحكومي والسياسي.
ومن صور المعركة في الساحة السياسية والانتخابية السنية إنَّ بعض الكتل والأحزاب المعروفة بتشددها وجرائمها بحق العراقيين بدأت تدفع بأسماء من ذاتها وتروج لها بأنَّها أسماء جديدة على الواقع السياسي العراقي والمشهد السني، إلّا أنها في الحقيقة تعد مكملًا لأجندات التكفير ومشاريع الاحتقان والاتكال على الخارج في تثبيت دعائمهم، والدعائم هذه المرة هي العملية السياسية.
وأخيرًا... فإن العراقيين سنَّة وشيعة مع الوجوه الجديدة. ويرفضون الوجوه القديمة أيًّا كانت مشاريعها.. فالمجرب لا يجرب على حد قول المرجع السيستاني.. وهذه الجملة يفترض أنْ يلتزم بها جمهور كل المكونات العراقية فهي ليست حصرًا على الجمهور الشيعي، لأنَّ الحكم في العراق وحسب التجارب لن يكون لمكون دون آخر، ولذلك يفترض أن يتم تعاضد الجميع من أجل الخروج بمشهد انتخابي ينجب الجديد كي لا تستمر المأساة والمعاناة.