ان الشعب الكوردستاني قرر ان يعبر عن رأيه في أستفتاء شعبي ليقرر مصيره ، و يتجاوز كل المحن ،و المعاناة السابقة ،و من ان أجل ان لا يتكرر مأسي الماضي المرير، و يبدو هذا القرار ثمار التجارب الفاشلة في العيش مع العراق ، و بناءه على أسس ديمقراطية يكون التعامل معه على أساس المواطنة و الشراكة الفعلية ،و لكنها كانت دون جدوى ، لأن التغيير يجب ان تبدأ من عقلية الحاكم و السلطة ، و ليس بالشعارات و الكلام اللبق و الجمل الرنانة و الوعود الكاذبة التي ولت عليها الزمن , هذا القرار الجرئ تأتي من حب هذا الشعب بكل مكوناته للعيش بسلام و اطمئنان على ارضه ينعم بالحياة ، و يخدم الانسانية كالسابق ، و يريد الخير للجميع بعيداً عن لسان التهديد و الوعيد اليومي من رؤوس السلطة الاتحادية في العراق او الجوار الاقليمي , هذا الاستفتاء بنى على مجموعة من المقومات التي تضمن له النجاح ، باعتباره التجربة الفريدة و الوحيدة في المنطقة أملاً من الجميع ان يكون بادرة خير للمنطقة برمتها ، و مثالاً يحتذى به الشعوب ، و من هذه المقومات على سبيل المثال :
- حب الشعب الكوردستاني بكل مكوناته القومية و الدينية للاستقلال و بناء كيان سياسي خاص له ، يضمد به جراح الآهات و الآلام ، و يسقي ضمأ السنوات السابقة بالحرية و التعايش السلمي الذي طالما عمل عليها الاعداء بكل ما أوتي من قوة في سبيل تجزئته و زرع الفتنة لأضعافه ، و شراء ذمته , إن حماس الشعب الكوردستاني و عشقه للاستقلال يدفعه لحساب الدقائق و الساعات ، ليعانق اليوم التاريخي في (25/9/2017) و يدلي بصوته (بنعم) ، و ان اقليم كوردستان بات حديقة للأزهار بكل الالوان و تفوح رائحة الفول و الياسمين ، فحماس المسيحي لا يقل عن الكوردي و التركماني و حب اليزيدي و الكاكائي و الاشوري و المسلم قد امتزج ليكون سهماً قوياً مسموماً نحو صدور الاعداء و راية خفاقة ترفرف في سماء كوردستان ، ليثبت للعالم اجمع بأن التعايش السلمي هي أساس الحياة في كوردستان منذ القدم .
- قيادة سياسية حكيمة : يملك الشعب الكوردستاني قيادة سياسية حكيمة يجتمع تحت مظلتها غالبية القوى و الاحزاب السياسية العاملة في الساحة الكوردستانية بمختلف توجهاتها القومية و الدينية ، و على اختلاف ثقلها الجماهيري ، و خلفياتها التاريخية . هذه القيادة التي تمثل الشعب و تعبر عن تطلعاتها و طموحها قررت إجراء الاستفتاء بصورة جماعية باعتبارها مسؤولية تضامنية و قضية ذات أبعاد وطنية و لا يجب ان يحتكره حزب سياسي او شخصية قيادية أو فئة شعبية معينة، و انها ملك الجميع و موضوع عام ، التعامل معه بعيداً عن المصالح الشخصية و الحزبية الضيقة ، و ان تشكيل مجلس أعلى للاستفتاء يأتي في هذا السياق .
- قوة الاعلام الكوردستاني : يمتلك اقليم كوردستان عدداً كبيراً من القنوات الفضائية و المحلية و الصحافة و المواقع الالكترونية على اختلاف ارتباطاتها و مسمياتها او المستقلة التي تلعب دوراً بارزاً في نقل الاحداث و المواقف من داخل الاقليم الى المحيط الخارجي و بالعكس ، و ساهمت بشكل فعال في نشر الوعي الثقافي الوطني بضرورة وجود الدولة الكوردستانية ، و يحرك الشارع الكوردستاني لتحقيق الهدف المنشود من الاستفتاء ، باعتبارها اداة لبناء كيان سياسي مستقل، و عززت ثقة الجماهير بمطاليبها المشروعة على انها السلطة الرابعة بل و احياناً كثيراً تأتي في المرتبة الاولى من حيث التأثير ، و كما كان للقنوات العربية (الجزيرة و العربية و غيرهما) الدور الكبير في الربيع العربي قبل سنوات نأمل من الاعلام الكوردستاني أن تلعب دورها في بناء الدولة المستقبلية .
- العلاقات الدبلوماسية : يمتلك الاقليم شبكة واسعة من العلاقات الدبلوماسية مع الدول الكبرى ذات الثقل في صنع القرارات الدولية ، و مع المنظمات و الشركات المتعددة الجنسيات و الشخصيات السياسية و العسكرية و هي ثمار السنوات الطويلة و الجهود المبذولة وفق الرؤى الواضحة و وجود السفارات والقنصليات ومكاتب التمثيل للدول برهان على ذلك ، و كان لحرب داعش دوراً في توسيع هذه الشبكة و جذب الانظار حيث تمكنت قوات الثيَشمةرطة من دحر هذه الجماعة الارهابية و كسرت شوكتها و اثبتوا للعالم بأنهم الدرع الحصين لحفظ الامن و السلم العالمي و هم يحاربون في الخندق الامامي ضد ألد أعداء الانسانية و ذاع صيته في الارجاء المعمورة و بات رمزاً للنضال و الحرية .
- عدم الاستجابة : منذ ان قرر الشعب الكوردستاني إجراء الاستفتاء و بدأت الضغوطات الاقليمية و الدولية بأساليب مختلفة في سبيل التأجيل او الالغاء ، حيث جرت الاتصالات المكثفة و الوفود تأتي من كل صوب وتلتقي برئيس الاقليم و اعضاء المجلس الاعلى للاستفتاء ، و لكنها كانت دون جدوى بل زاد من اصرارهم على عدم الرضوخ لمطلبهم ، و دل على مدى ثقل القضية في المنطقة و مالها من تأثير على مجريات الاحداث و إن عدم الاستجابة يشكل عامل نجاح للاستفتاء .
- شخصية السيد مسعود البارزاني : معروف بأن السيد رئيس الاقليم هو امتداد لعائلة عريقة ضحت بالنفيس في سبيل إحقاق الحق ، فقد كان الاباء و الاجداد على رأس الثورات و الانتفاضات العديدة من اجل حقوق الشعب الكوردستاني , انه الشخص الذي يحضى بالاحترام و التقدير من قبل الجميع و بات اسمه نجماً لامعاً معروفاً بمواقفه و ذو بصيرة و بعد نظر و رؤيته للامور و الاحداث مختلفة ، و هو يمثل عاملاً مهماً لنجاح الاستفتاء .
هناك الكثير من المقومات ولكننا تكتفي بهذا القدر .....