اتخاذ قرار تحديد موعد الاستفتاء في كوردستان في الـ 25 من أيلول المقبل،للتعبير عن رأي ورغبة الكوردستانيين في تقرير مصيرهم، أهاج روح العصبية القومية والكراهية الشوفينية عند المتناحرين والمتنافرين فيما بينهم والمتحدين ضد التطلعات الكوردستانية، وأعادهم الى حقدهم الاعمى الذي هو الأساس في تعاملهم مع الكورد والقضية الكوردية، وراحوا يصبون جام حقدهم الأعمى وبغضهم المسموم على الموقعين على قرار إجراء الإستفتاء الذي قلب المعادلة في نفوس الذين تسري في عروقهم الجهل والغباء، والذين لايعرفون أن السياسة عبارة عن مجموعة من الممكنات، والعاقل يختار أحسنها، والذين لم يستفيدوا من تجارب الماضي وآلام الحاضر والتخوفات من المستقبل، بل من التاريخ كله، ودفعهم لكي يتهموا الكوردستانيين دون تروي ودون إدراك ان أقوالهم وتصريحاتهم السيئة والمسيئة ستحرجهم وتحرج الجهات التي ينتمون اليها، وأن الإستفتاء عملية ديمقراطية لا يمكن أن تعارض في دولة تدعي الديمقراطية، وأن اتخاذ القرار هو حق شرعي للشعب الكوردي بكل المقاييس الديمقراطية والحضارية والمبادئ العالمية ولايمكن أن تكون هناك رجعة فيه، ولايمكن إتخاذ أية خطوات من قبل الحكومة العراقية وغيرها لتعطيل هذا المسار لأنه منسجم مع الدستور العراقي، ولأن التداعيات السلبية لتلك الخطوة ستكون أكبر وأخطر من تداعيات إجراء الاستفتاء نفسها و ستخلق شروخاً جديدة وكبيرة بين الكورد و العرب وعلى جميع المستويات الرسمية والشعبية،ولأن الحكومات العراقية السابقة تعامت وتجاهلت الحقائق ومارست كل الأساليب العنصرية البشعة والخبيثة للنيل من وجود وإرادة الكورد، وكانت النتيجة، سقوطها في مزابل التاريخ وصمود شعب الكوردستان راسخاً على أرضه، متمسكاً بقيم التفاهم والتصالح والتسامح، متطلعاً لاعلان دولته المستقلة أسوة بالآخرين.
أحد فقرات القرار يدعو الى إرسال وفد الى بغداد للتحاور بشأن الإستفتاء،حوار( من وجهة النظر الكوردستانية) مختلف عن كل الحوارات السابقة، من حيث طرح الأفكار بوضوح شديد، وتعيين الدلالات المهمة والمشتركات الإيجابية، ودراسة المواقف والاراء ووجهات النظر، للخروج برؤية موحدة تدعم القناعة والرغبات والتنسيق المستمر والصادق من جهة، والاستقرار والأمن والسلم والتعاون والمصالح المتبادلة من جهة أخرى.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو : مع من يتحاورهذا الوفد الكوردستاني ؟
لست متشائماً ولكني أرى أن الحوار والإجتماع مع الرئاسات الثلاثة، معدومة الفائدة، لأن : رئيس الجمهورية، رمزي مجرد من الصلاحيات وكما يقول المثل العراقي لايحل ولايربط، وكذلك الحال بالنسبة لإثنين من نوابه (علاوي والنجاًيفي)، فوجودهما وعدم وجودهما مع رئيسهما لايغير شيئاً، أما الثالث ( المالكي) فمواقفه معروفة والحقد والمؤامرة تسري في عروقه ويعمل ليل نهار، في السر والعلن، من أجل بث روح الانشقاق فيما بيننا، ويستخدم جيشه الألكتروني ووسائله الاعلامية لتأجيج الفتن بشكل دائم، لذلك فإن الجلوس والإجتماع معه تكون دون جدوى.
رئيس البرلمان، قومي متعصب يعبر عن المكنون الحقيقي للخطاب العروبي الشوفيني، متخندق على الدوام ضد تطلعاتنا القومية والدستورية المشروعة المثبتة في الدستور العراقي وكل المواثيق والمعاهدات الدولية. يعتبرنا تهديداً لأمنه القومي، كل قراراته ومساعيه هي فقط لتحقيق أطماعه ورغباته ومصالحه، ويؤكد ضرورة الإبقاء على الحدود المفروضة من قبل سايكس وبيكو، بل يعتبرها مقدسة.
رئيس الحكومة، شخص جريء متفتح متفهم لحقوقنا، لكنه إحتوائي لايمكنه إتخاذ القرار، محاصر من جهات عدة. ففي الحزب الذي ينتمي اليه (الدعوة) ليس له الموقع الأول أو الثاني أو الثالث، يعاديه رئيسه (المالكي) ويرصد خطواته، ويسخر الكثير من إمكانياته من أجل إفشاله لكي يحل محله في رئاسة الحكومة، وفي الإئتلاف الشيعي الذي ينتمي اليه، ينافسه رئيس الإئتلاف (عمار الحكيم) وغيره، وفي البرلمان يترقبه الكثيرون، لذلك لانصل الى نتيجة مقنعة معه، ولايمكن أن نتوقع منه قراراً أو كلاماً أو تصريحاً علنياً يشير أو يلمح في الى أنه مع إستقلال كوردستان.
أما نتائج الإجتماعات مع الأحزاب السياسية، فلا تختلف عن نتائجها مع الرئاسات، خاصة، ونحن نعرف مواقف حزب الدعوة، وبعدما سمعنا الموقف السلبي للسيد عمارالحكيم تجاه دولة كوردستان الذي قال فيه : لايعترف بها غير إسرائيل .
بعد كل هذا لابد من إجراء الإستفتاء أولاً، وبعدها فتح باب آخر للحوار، حوار مع النخب الثقافية ومنظمات المجتمع المدني والفئات والشرائح الشعبية العراقية، حوار وتفاهم بعيد عن الشعارات الجوفاء والمزايدات السياسية لأنه هو الطريق الوحيد للوصول لحل مرض للجميع، وهذا الحوار يتم عبر مواقع ألكترونية خاصة أو قنوات تلفزيونية فضائية خاصة، نوضح لهم فيها ما نريد دون مجاملات، ونستمع لأرائهم الحرة تجاه قضايانا المصيرية دون مواربة، خاصةً وأننا نريد العراقيين قريبين أكثر من غيرهم بعد إعلان دولتنا.