جزء من مقابلتي مع تلفزيون "كلمة" حول قضية الكورد أدّى إلى اتهامي بالانفصالية، والواقع أن كل من يدافع عن الحقوق المدنية للكورد أو غيرهم من الأقليات في إيران يُتّهم تلقائياً بالانفصالية وخيانة الوحدة الوطنية والسلامة الإقليمية لإيران.

حتى الكورد أنفسهم، ما داموا لا يتحدثون عن حقوقهم المدنية، يُعتبرون "إيرانيين أصلاء"، وتُقال عنهم شعارات مثل: "من زاهدان إلى كوردستان، روحي فداء إيران"، و"الكورد هم حماة حدود إيران الأوفياء"، وغيرها. ولكن ما إن يتحدث أحدهم بكلمة عن حقوقه المدنية، حتى يُتّهم بالعمالة للأجانب، والانفصالية، وإثارة الفتنة، وغيرها من التهم. فالكورد يُعدّون وطنيين وأصليين ما داموا مطيعين وخاضعين لطهران.

هذه هي حكاية الكورد في التاريخ المعاصر لإيران. في مؤتمر جورج تاون، عندما جلس السيد عبد الله مهتدي إلى جانب الامير (ابن شاه ايران السابق)، ثارت ضجّة كبيرة. ولو كان جنكيز خان المغولي، الذي دمّر أرض إيران، حاضرا في جورج تاون، لما قُوبل بمثل هذا الاعتراض. وبسبب الخوف من انخفاض شعبيته، لم يشأ الامير أن ينطق بكلمة دفاعا عن الكورد. فبصفته زعيم المعارضة، لم يتمكن من تقديم أي خطة طريق أو "ما العمل؟" بشأن القضية الكوردية في مستقبل إيران، سوى تكرار مجموعة من العبارات المنمقة حول الحرية، والديمقراطية، والعلمانية، والوحدة الوطنية، والسلامة الإقليمية، والعلم الثلاثي الألوان... وكأن لا وجود لقضية اسمها "الكورد" في إيران.

لقد كان الأمر كذلك في الماضي أيضاً، حيث لم تكن السلطة المركزية مستعدة في أي وقت لاتخاذ خطوة نحو تحقيق مطالب الكورد. كان رضا شاه يعيّن أكثر قادته العسكريين قسوة كحكام لإقليمي كوردستان وأذربيجان. واستمرت السياسات الصارمة تجاه الكورد في عهد محمد رضا شاه بهلوي، وكذلك بعد الثورة. في المقابل، كلما انفتحت الأجواء السياسية في البلاد قليلا، اغتنم الكورد الفرصة ورفعوا مطالبهم في ظل هذه الدورة من ضعف سلطة الدولة المركزية، ومن ثم إيجاد مساحة للكورد لطرح مطالبهم، ثم يليها انغلاق تلك المساحة وعودة سيطرة طهران بقوة، هي ملخّص تاريخ كوردستان في إيران منذ بداية الحداثة. على مدى قرن من الزمن، لم تكن طهران مستعدة لاتخاذ أبسط خطوة نحو الحقوق المدنية للكورد. فقد كان انعدام الثقة وسوء الظن هو النظرة الثابتة من طهران تجاههم. وبالإضافة إلى سوء الظن، لا بد من إضافة تهمة الانفصالية أيضا؛ فالكوردي الوحيد الموثوق هو من يكون مطيعا لطهران.

صادق زیباکلام/ أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران

ترجمة وكالة شفق نيوز عن الفارسية