بعيداً عن الحديث عن العلاقات القديمة أو التاريخية بين الشيعة والكورد والمصير والنضال المشترك والمظالم والمعاناة التي تعرضوا لها خلال عقود حكم البعث، وحميمية المواقف المعلنة، وبعيداً عن مواقف نبيلة سابقة لزعماء شيعة وكورد، وعن مضمون التسوية التي تسمى مرة بالسياسية وأخرى بالتاريخية، الذي جاء بها السيد عمار الحكيم الى كوردستان لعرضها.. وبعيداً عن الأخبار التي ذكرت في وسائل الإعلام بشأن الأحاديث التي جرت خلال لقاءات السيد الحكيم في أربيل والسليمانية، لأننا على يقين بأن الذي ذكر في الإعلام يختلف كثيراً عن الذي تم تداوله في الإجتماعات. هناك رسائل متبادلة بين الشيعة والكورد لا تتناولها البيانات التي تنشر، وطبعا السيد الحكيم ليس صاحب (كل) الشأن في الرسائل الشيعية والعموميات التي تحاول شق الصف الكوردي ودعم طرف على حساب الطرف الآخر، ليكون حملها الوديع، أو الجهات التي تريد تشديد الخناق على الإقليم، أو جزء منه من أجل إضعافه أو إجباره على القبول بشروط الشيعة في هندسة المشهد السياسي العراقي. لكن على ما يبدو ان السيد الحكيم يرغب ان يلعب دورا في تهدئة المواقف وإقناع الكورد بتأجيل الخطوة السياسية الضرورية أو لنسميها، أيضاً، بالتأريخية، رغم المآخذ الكثيرة على عبارة التاريخية. والإستمرار في إجراء الحوارات، حتى في حالة عدم التوصل الى نتائج.
محور الرسائل الكوردستانية المكثفة الى بغداد تتعلق بملفات عديدة مختلفة تدور حول إستشعار الأخطار القادمة اليهم، والمحافظة على الحقوق، وعدم المساومة على المصالح الخاصة والعامة، وجميع ما جرى من ممارسات عدائية وغير الدستورية في عهد الحكومات السابقة تجاه الكورد، والخرق العمدي للتوافقات والإتفاقات، ومستقبل العلاقات بين المكونات بعد القضاء على داعش و التطورات المحتملة، والأسباب التي أدت الى فقدان الثقة بين الفرقاء والتفكير في فض الشراكة والتوجه نحو الإستقلال. وإختصار الطريق على الشيعة، دون خجل، والإعلان بشكل مباشر: إننا ماضون لإعلان دولتنا، لذلك ندعوكم لعدم الإعتراض أو التذمر أو الإنزعاج، لأن دولتنا الكوردستانية، شئتم أم أبيتم ستكون الجارة الشمالية لدولتكم.
أما ما يريده الشيعة من الكورد فيدعونا ان نكون حذرين في التعامل معهم بتريث وهدوء، وبالذات الذين لهم مواقف عدائية واضحة بسبب الخلافات التي تدب في اوساطهم وتتسع بإختلاف الأجندات التي يتبعونها، لأن هؤلاء يريدون أن يقف الكورد في مزاد الرق العلني، ليكونوا عبيداً مطيعين لا يناقشون, لا يترددون, يفعلون ما يطلب منهم مهما كلفهم ذلك.
السؤال ماذا قدم الشيعة الأصدقاء للكورد؟ غير المجاملات والحركات والسكنات والخطابات والزيارات وعقد الإجتماعات واللقاءات (التاريخية) حول موائد مستديرة ومستطيلة ومربعة، والتوقيع على مواثيق الشرف والوثائق والعهود والإتفاقات والوعود. والنتيجة قدموا الشهرستاني الذي برع في بيع الوهم، والمالكي الذي أراد ويريد إستباحة كل المحرمات، والذي سعى ويسعى الى تدمير البنى التحتية لمدنهم، دعا ويدعوا الى الأغلبية السياسية البرلمانية والحكومية، التي تعني حكومة وبرلمان الأغلبية الشيعية.