على الرغم من التأكيد المستمر على أن الاستفتاء الذي سيجري في الخامس والعشرون من سبتمبر (أيلول) المقبل لا يعني إعلان إقليم كوردستان – العراق دولة كوردية مستقلة بالرغم من إن الاستفتاء هو بداية لهذا الحلم ، لكن بعد الاستفتاء سيكون ستجري مباحثات حثيثة وبطريقة سليمة وديمقراطية وحضارية أساس الحوار والتفاهم من أجل نيل حقوقهم المشروعة وهذا ما تؤكد علية القيادة الكوردية ، وان الاتهامات الموجهة إلى القيادة الكوردية وحكومتها عارية عن الصحة حيث كانت توجهه إليها منذ مرحلة الملا مصطفى البارزاني متهميهم بالعمالة لإسرائيل والصهيونية والولايات المتحدة .
إنما السؤال الذي يجب أن يوجه إلى المعترضين على أن يقرر هذا الشعب لا بل هذه الأمة مصيرها كشعوب وأمم هذه المنطقة هو لماذا يا ترى يحرم الشعب الكوردي من ما حصل علية الأتراك والإيرانيون والعرب أيضاً ، ناهيك عن دورهم الرئيسي والتاريخي في الدفاع عن هذه المنطقة ضد الغزوات التي استهدفت المنطقة من المغول إلى الصليبيين (الفرنجة) إلى الاستعمار الغربي الذي فرض نفسه على الشرق الأوسط كله بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية .
صحيح إن تركيا خسرت الإمبراطورية العثمانية إلا أنها أبقت على نفسها في أعلى مستوى من الحقوق التي لم ينالها الكورد وأسست دولة قوية هي تركيا الحالية مع عدم الاعتراف بالكورد وتسميتهم بأنهم أتراك الجبال ، وكذلك الإيرانيون فقبل و بعد سقوط حكم الشاه لم يكن هناك أي اعتراف بالكورد ولم تعطى حقوقهم و إلى زماننا هذا ، وعندما تسلم الخميني السلطة هناك وأسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، مجحفا بذلك كل حقوق المكونات والأقليات الأخرى وخاصة الكوردي ، ولم تكتفي بذلك فقط وإنما عملت على تصدير الثورة والسيطرة على دول أخرى كما هو الحال قي العراق و سوريا ، أما بالنسبة للدول العربية ليست موحدة من الخليج إلى المحيط بل مقسمة إلى دول قطرية ألا أنها حافظت على كيانها كدول مجتمعة بمجلس جامعة عربي مكون من دول تقارب العشرون دولة بعد انسلاخها من الإمبراطورية العثمانية وما حصل بعد اتفاقية سايكس بيكو التي كان ضحيتها الشعب الكوردي حيث تقسم إلى أربع أجزاء هم إيران وتركيا وسوريا والعراق .
أن ما صرح به رئيس إقليم كوردستان في الحل بإقامة دولتين جارتين وان تكون العلاقة مبينة على أساس حسن الجوار والمصالح والمشتركة وهو نابع عن حقيقة لا يمكن إنكارها إن الدولة العراقية قد انهارت سياسية واقتصاديا وكل ذلك على يد من يعترضون على الاستفتاء كإيران وتركيا ، حيث دعمت إيران الفوضى في العراق ومنذ بداية سقوط نظام صدام وجعلت المظاهر المسلحة والميليشيات الموالية لها والتي تعمل لصالحها هي المسيطرة على مفاصل الدولة كل ذلك اسقط هيبة الدولة ولم يبقي لها سيادة ، وكذلك الحال بالنسبة لتركيا ودعمها الظاهر للعيان لداعش وإدخالها إلى الأراضي السورية والعراقية وكان السبب في دمر العراق واحتلال ثلاث أراضيها ، وما قامت به من توغل قواتها إلى الأراضي العراقية وإقامة معسكر في بعشيقة مخالفة بذلك كل الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية ، والعجيب في الأمر هو ادعاء هاتين الدولتين أنهما حريصون على وحدة العراق وسلامة أراضي وسيادته .
أن أول دولة كوردية في التاريخ الحديث هي التي قامت في " مهاباد " سنة 1946 على يد القاضي محمد شرق كوردستان ، وان إنكار الوجود الكوردي لا يعني أنهم غير موجودين وأنهم ليسو مكوناً رئيسياً من مكونات هذا المنطقة وقد ظلموا على مر المائة عام الماضية وليس من المنطق استمرار هذه الظلم ، أن الاستفتاء المرتقب سياليه محادثات مكثفة بين بغداد واربيل ناهيك عن التأييد الذي يجب إن يحظى به استقلال كوردستان من الدول الصديقة وفي طليعتهم الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا الاتحادية ومعظم الدول الأوربية الأخرى فضلاً عن الدول العربية المعنية ، وقبل هذا وذلك تفاهم الكورد فيما بينهم وهو ما يحصل ألان من انفراج للازمة السياسية من خلال إعادة تفعيل البرلمان .