رفعُ نِسَبِ الرسومِ والضرائبِ، ورفعُ أسعارِ البنزين، في ظلّ نسبةِ تضخّمٍ مرتفعة، وعدمِ مواكَبةِ الرواتبِ ووارداتِ المواطنين معها، سيدفعُ الاقتصادَ إلى مزيدٍ من الركود، والبطالة، والفقرِ، ناهيك عن تسبُّبِه بالمزيد من رفع أسعار السّلع والخدمات.
أتفهّمُ، بالطبع، الحاجةَ الماسة إلى سدّ العجز الحاصل في الموازنة العامة، التي اصطنعَتْها الحكومة عن سبق إصرارٍ وترصّد، حينما أعدّت الموازنةَ وأقرّتْها، ولكن.. الذي لا أتمكّن من فهمِه، هو جهودُ الحكومةِ المبذولةُ في تلافي هذا العجزِ المقصود، والمَشوب بالفساد، بخطأٍ افظع وأفسد منه، وهو إثقال كاهل المواطن برفع نسب الضرائب وأسعار البنزين، وتحفيز التضخم نحو الارتفاع، في ظلّ موارده الثابتة التي تتحطم تحت وطأة الأسعار وغلاء المعيشة.
الأوَلى بكِ، يا حكومة، أن تبحثي عن مصادر دخلٍ أخرى لسدّ عجز الموازنة، تُدرّ عليكِ المال، من غير إثقالٍ لكاهل المواطن.
وأودّ أن اقترح بعضًا من هذه المصادر: كمعالجة البنى التحتية للإنتاج (الصناعي والزراعي)، وتشجيع الاستثمار الأجنبي، والتيسير النقدي، والشمول المالي، ولكنكِ، يا حكومة السوداني، قطعتِ عني هذه الرغبة، وهذه الاقتراحات، لأنكِ، تمارسينها بالفعل، مع كمٍّ هائل من الفساد والفاسدين، فالقروضُ، والشمولُ المالي، ودعمُ الاستثمار محصورٌ في الشلة المعلومة التي أفرغت خزائنَ الدولة، وبالشاحنات، نهارا جهارا، فأفرغتْ بذلك كلَّ مشاريع التنمية، وتنويعَ مصادر الدخل، من محتواها، حتى أضحت حِبرا على ورق، بل وهدرًا للمال العام.
حقًّا، أخشى على العراق، أن يقع بين مَطرقة جهل وفساد الحكومة وشلّتها الفاسدة المحيطة بها، وسَندان الأزمات العالمية الاقتصادية والجيوسياسية.