ياسر عماد/ منذ أن انطلقت احتجاجات تشرين الأول/أكتوبر في العام 2019 في العراق شهدت الساحة السياسية تغيرات مختلفة عصفت بالبلاد طالت حتى المصطلحات والمفاهيم التي اعتدنا على سماعها منذ سقوط نظام صدام حسين في ربيع العام 2003، ولكن بعض التغيرات في هذه المصطلحات لم تراعِ شريحة واسعة من شرائح المجتمع وأقصد هنا الكورد الفيليين، فعادت مرة أخرى تقرع أسماعنا مفردة "التبعية" مهيجة آلماً واشجاناً نالت منالها من أُسر و أبناء هذه الشريحة طيلة عقود من الزمن، فقد قام النظام السابق وتحت ذريعة "التبعية" بمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة، وسحب المستمسكات الثبوتية، وإذابة أجساد طاهرة لآلاف الشباب، اضافة الى ارتكاب جريمة الترحيل والتسفير ناهيك عما لهذا المصطلح من تبعات وضغوط نفسية لاحقت من بقوا في هذا البلد المنكوب بما تُسمى الرعوية للأم، وعدم قبول المتخرجين من أبناء الشريحة في جامعات ومعاهد العراق فضلا عن حرمانهم من التعيين والوظائف إضافة إلى انتهاكات أخرى ابتدعها النظام لم تمرّ على ذهن أحد قط في هذه البسيطة.

رغم أن أغلب المحتجين في تشرين كانوا صغارا بالأعمار نسبة إلى الويلات التي مرت على الكورد الفيليين فقد ظهر هذا المصطلح السيء الصيت مرة أخرى في تلك التظاهرات مما يبعث على الريبة من وجود جهات تعمدت على اقحامه، ولم يكن الأمر عفويا لمن يتابع ويراقب الأوضاع في العراق لأنه لا يوجد مبرر ان تُستخدم هذه الكلمة والتي كانت أساسا بأن تصدر محكمة الجنايات العليا في العراق حكمها باعتبار ما أُرتكب بحق الفيليين جريمة إبادة جماعية.

أن ما يؤسف له حقا ويثير الحزن والشجون ان هذه الكلمة باتت اليوم شائعة و رائجة لدى أطراف سياسية بعضها تنتمي إلى مذهب أهل البيت الذي ينتمي إليه الكورد الفيليون دون أدنى مراعاة لمشاعر شريحة بحجم الفيليين الذين يُقدر تعدادهم بمئات الآلاف في العراق، ولم ينبرِ أحد للتصدي والدفاع والتوضيح بأن هذا المصطلح يسيء لهذه الشريحة نعم والحق أقول بإستثناء النائب أحمد الأسدي الذي رفض في إحدى المقابلات التلفزيونية ترديد هذه الكلمة احتراما لما جرى على سكان شرق دجلة من مصائب.

باتت هذه الكلمة تؤرقنا مرة أخرى كأبناء الكورد الفيليين فرغم عدم تطبيق قرار محكمة الجنايات العليا وعدم اعادة معظم الحقوق إلى أصحابها، وتعويضهم عما لحق بهم نشاهد على شاشات التلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي ما يخدش مشاعر الشريحة، ويعيد إلى أذهاننا إلى الماضي الأليم، فهذه شقشقة قد هدرت من كاتبها في ظل الفوضى التي يعيشها هذا البلد.

وما يُلاحظ أن بلداناً قد تعرضت إلى أنظمة دكتاتورية وشمولية وبعد زوالها قامت الحكومات الجديدة لتلك الدول بحظر الكلمات والمصطلحات والمفاهيم والشعارات التي كانت ترفعها وتتبناها تلك الأنظمة على سبيل المثال ألمانيا التي تعاملت مع النازية بهذه الطريقة غير أن العراق ورغم الأحكام القضائية التي أدانت نظام حزب البعث ورموزه إلا أن حظر فكره لم يتم تطبيقه على أرض الواقع بشكل كامل ومصطلح التبعية خير دليل على ذلك.