لبنان… عامٌ على وقف إطلاق النار، وأكثر من 330 شهيداً: إسرائيل تعيد البلاد إلى حافة حرب جديدة

سنة كاملة مرّت على اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، لكن هذا الاتفاق لم يصمد على الأرض إلا بالاسم. فمنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، استشهد أكثر من 330 لبنانياً وجُرح أكثر من ألف نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الجنوب. ومع كل يوم يمر، يتزايد القلق من أن المنطقة تُقاد نحو مواجهة شاملة، تُكتب ملامحها بالنار قبل السياسة.

إسرائيل تضع لبنان على شفا الحرب… فمن يدفع الثمن؟

قبل أشهر تحدثنا عن أن إسرائيل ستهاجم جنوب لبنان عاجلاً أم آجلاً، وستبحث عن الذريعة أو تصنعها إن لزم الأمر، تماماً كما فعلت سابقاً. الذريعة جاهزة دائماً: عنوان أمني وهدف معلن اسمه «حزب الله»، وهدف آخر خفيّ يسير في الظل… تغيير قواعد اللعبة في المنطقة.

اليوم لم يعد الأمر توقعاً. اليوم نرى التنفيذ: غارات، تهديدات، أوامر إخلاء، وتصعيد يذكّر اللبنانيين بسنوات الخراب. الأصوات ذاتها تعود: هدير الطائرات، تصاعد الدخان ووجوه تترقب المجهول خائفة على رزقها وأبنائها وأيامها القادمة.

هدنة لا تلتزم بها إسرائيل

إسرائيل لم تلتزم وقف إطلاق النار يوماً، لا في لبنان ولا في غزة، ولن تفعل ما لم تجد قوةً تلزمها بذلك. وما حدث في غزة يؤكد ذلك: هدنة مؤقتة تُستغل لتجميع الأسرى وترتيب الأوراق، ثم عودة فورية للتصعيد. هكذا تعمل حكومة الاحتلال تكتيك قصير يخدم استراتيجية طويلة.

ردّ حزب الله… ماذا لو وقع؟

وإذا ردّ حزب الله اليوم، فلن يكون ردّاً عادياً. الرد يحمل ثأراً لقيادات استشهدت، ويحمل رمزية سياسية وشعبية تتجاوز مجرد تبادل ضربات. أي مواجهة قادمة قد تتحول إلى مرحلة جديدة من الصراع تتجاوز الحدود اللبنانية وتنعكس على كامل المنطقة.

الولايات المتحدة… الدعم المطلق

وكالعادة، تقف الولايات المتحدة خلف إسرائيل سياسياً، دبلوماسياً، وإعلامياً. القرار الإقليمي لا يُصنع في عواصم الشرق، بل في غرف القرار الأميركية. هذا الوضع يضع الدول العربية في زاوية ضيقة؛ بعضها يهاجم المقاومة وبعضها يختبئ تحت شعار «الحياد»، وبعضها يبرر العدوان من خلف الأبواب المغلقة. وهذه هي الفاجعة الأكبر.

من يدفع الثمن؟

الثمن لا يدفعه من يجلس في الفنادق المكيّفة، ولا القادة خلف الجدران المصفحة. الضحايا الحقيقيون هم:

أصحاب الدخل اليومي

سكان القرى الحدودية

أطفال المدارس

العائلات التي تبحث فقط عن يوم هادئ تعيشه بلا خوف

الحرب تُعلَن من فوق، لكن الموت يُحفر في الأسفل.

أما السياسيون والدبلوماسيون في الخارج فيحسبون المواقف بمعادلات باردة: توازن ردع، نفوذ، انتخابات… بينما الناس يُقتلون فقط لأنهم كانوا في المكان الخطأ.

خيارات قليلة… وواقع أقسى

الخيارات المطروحة اليوم محدودة:

ضغط دولي فعّال يحتاج إلى موقف عربي موحد وهذا غير موجود.

حل سياسي يتطلب وساطة نزيهة تضع حياة الشعوب فوق مصالح القوى الكبرى.

أو تصعيد مستمر يقود إلى دمار أكبر، لا ينجو منه أحد.

خاتمة

أختم بدعاء يخرج من قلب يخشى القادم:

اللهم احفظ الأبرياء واصنِ الشعوب من الخراب واهدِ المنطقة إلى سلامٍ يعصمها من نارٍ جديدة قد تبتلع الجميع.