يمثل حكم المحكمة الاتحادية العليا الخاص بمهر المرأة المؤجل واحداً من أهم الأحكام القضائية المنصفة للنساء.

حيث أيّدت المحكمة العليا المعنية بالقضايا الدستورية في العراق، القرار رقم 127 لسنة 1999، والذي ينص على "تستوفي المرأة مهرها المؤجل في حالة الطلاق مقوماً بالذهب بتاريخ عقد الزواج".

وعدّت المحكمة أن القرار لا يتعارض مع الشرع والقانون، وعلّلت موقفها بأن المهر هو دَّين في ذمة الزوج يبدأ يوم نشوءه، وعوّلت على القيمة الحقيقية التي يجب أن تقاس على تاريخ نشوء هذا الدَّين، عند الاستحقاق بحسب الزمان والمكان قياساً على قيمة العملة حينها.

وبهذا يتوجب الركون إلى معرفة المهر المؤخر للمطلقة بتاريخ عقد الزواج، ومساواته وفق المتغيرات الاقتصادية يوم التأدية، من خلال الاستعانة بالخبراء ومخاطبة الجهات المعنية بالسوق المالية.

وذهبت المحكمة الاتحادية العليا أن القرار يؤدي إلى إنصاف المطلقات ويحقق لهن التوازن الاقتصادي بين قيمة العملة حين نشوء الدَّين مقارنة بميعاد استحقاقه، ويوفّر العدالة التي سعت لها ثوابت الشريعة الإسلامية وفق ما ذهب إليه الدستور.

الموقف القضائي، جاء بناءً على دعوى أقامها مدع ضد رئيس مجلس النواب/ إضافة لوظيفته طالباً الحكم بعدم دستورية القرار رقم (127) لسنة 1999، وقد ذهب إلى أن المهر المقوم بالذهب يعارض ثوابت الشريعة الإسلامية ومن المفترض أن يبقى بذات القيمة بلا زيادة أو نقصان.

لكن المحكمة وبعد أن عقدت جلستها ونظرت الدعوى واستكملت إجراءاتها، قامت بردها لأنها فاقدة لسندها الدستوري والقانوني، وبهذا واصل القضاء الدستوري في العراق دوره في الحفاظ على حقوق النساء الاجتماعية، كما حافظ في عديد من أحكامه على حقوقهن السياسية والمدنية.

ونجد أن القرار القضائي جاء متفقاً مع الدستور نصاً وروحاً، والذي أولى اهتماماً كبيراً بالمرأة وأفرد لها مواد تعالج القضايا التي تعاني منها، كما أنه لا يبتعد عن التوجهات العالمية الممثلة بقرارات المنظمات الدولية في ضرورة الحفاظ على حقوق المرأة وعدم انتهاكها، بالاستناد إلى عامل الوقت والتطور الاقتصادي وغلاء الأسعار، وضعف قيمة المهور بمرور الوقت، كما أنه يعالج موضوع التعسف في الطلاق الذي يلجأ له بعض الرجال بحجة أن المهر المؤخر تتراجع قيمته أو تنعدم مع مرور الوقت.

كما أن القران الكريم الذي خص النساء بسورة كاملة، فأنه عندما تناول حقوق المرأة الشرعية لاسيما المالية منها، تضمن إشارات واضحة إلى عدم الاضرار بها، وأكد على توفير العدالة لها.