وصفت الحكومة الالمانية بشكل خاص و اوروبا بشكل عام القمة التركية الروسية الايرانية المنعقدة في 4/4/2018 في تركيا من قبل روؤساء الدول المذكورة بأنها (قمة الحرب)، و التي انتهت بأصدار بيان حول ضرورة و حدة الاراضي السورية ناهيك عما تم الاتفاق عليه وراء الكواليس و في حقيقة الامر ان هذه القمة بتوقيتها و مكانها تحمل العديد من الاهداف و المعاني :-
- ان الدول الثلاثة المشاركة في القمة تحتل كل منها جزءاً من الاراضي السورية بشكل مباشر و علني دون خفاء أي ان ما صدر عنها تناقض نفسها ام ان تدخلها و احتلالها لأجزاء من سوريا تأتي بموافقة و مباركة النظام السوري، و انها لبت نداءها لأسعافها من السقوط المحتوم منذ عام 2011 على ايدي المعارضة المختلفة في ألوانها و توجهاتها بين متشددة و متطرفة و اخرى معتدلة بدعم الخارج .
- ان القمة جاءت بعد تصريحات لرئيس امريكا (دونالد ترامب) بأن القوات الامريكية ستغادر سوريا لتسلم المهمة الى الاخرين دون تسمية (للاخرين) و لكن الايام التي تلت ذلك التصريح اكد بأن فرنسا بدأت تلعب على الساحة السورية وتنشر قواتها، لأنها ما زالت تتمسك بتداعيات اتفاقيتها مع بريطانيا قبل اكثر من قرن في اطار اتفاقية سايكس بيكو التي وضعت سوريا تحت الانتداب الفرنسي، لذا فأن هذه القمة جاءت بالخوف من الموقف الفرنسي الجديد خاصة بعد تصريحات تركية حادة بأنها لا تقبل الوساطة الفرنسية في حل اللغز السوري وضرورة عدم دعم القوات الكوردية .
- ان الدول الثلاث تحلم باعادة أمجادها القديمة بعباءة جديدة و في اطار الاتفاق فيما بينها لذا فأنهم يحملون اطماعاً توسعية على حساب شعوب المنطقة بأساليب تختلف عن سابقتها، فتركيا تطمح بجميع الاراضي التي كانت تسيطر عليها الدولة العثمانية قبل انهيارها ،و ايران الدولة الصفوية التي تخطط من اجل الهلال الشيعي ليصل الى لبنان مروراً بالعراق و سوريا ، ناهيك عن اجنداتها في اليمن و البحرين و افغانستان و غيرهم ،اما الدب الروسي يسعى الى اعادة العمل بنظام القطبين و استعادة السيطرة على جميع الدول التي كانت منظوية تحت مظلة الاتحاد السوفيتي و ان خطواتها تتجه الى تحقيق اهدافها اقتصادياً و سياسياً و عسكرياً بروح جديدة بعد انتخاب بوتين لولاية جديدة .
- ان المتضرر الاول من القمة هو الشعب الكوردي في جميع اجزاء كوردستان لأن ما صدر عنها يمثل ضربة قاصمة في وجه طموحات هذا الشعب في تقرير مصيره سواء في سوريا او في العراق ناهيك عن انكار وجودهم في كل من تركيا و ايران , لأنهم كانوا ولا يزال ضحايا الاتفاقيات الثنائية و الثلاثية و اكثر الاقليمية المطعمة دولياً منذ قرون طويلة ، و قد صرح قائد في الحرس الثوري قبل ايام بوضوح و دون خجل و بكل اعتزاز بأن ايران هي التي دحرت داعش في العراق و افشلت مشروع استقلال كوردستان بعد الاستفتاء في 25/9/2017 دون ذكر ادواتها و اساليبها . و تركيا فعلت فعلتها في عفرين و تقصف بشكل يومي مناطق من اقليم كوردستان .
- تبدو القمة بأنها افزعت اوروبا و امريكا لذا سارعت بوصفها بأنها (قمة الحرب) و بداية ظهور جبهة جديدة من دول المنطقة التي اتفقت على ان الوجود الاوروبي و الامريكي في المنطقة تهدد وجودهم و مصالحهم و مزقت سلطاتهم لذا لابد من تكثيف المحاولات لأنهاءها و انهاء كل من يتعامل معهم و انهم ليسوا اصحاب القرار الاوحد كيفما يشاؤون .
معروف ان المصالح الاقتصادية و السياسية و العسكرية و الامنية لا تعرف الافكار و الاجندات بالبعد و القرب فدول القمة باتجاهات مختلفة جمعتها مصالحهم في المنطقة فان تركيا السنية ذات الافكار الاخوانية و ايران الشيعية و روسيا الشيوعية مزيج من الاجندات و الاتجاهات المعاكسة و لكنها تجتمع لتتفق على ضمان مصالحها ونفوذها في المنطقة لذا فأن ما يحدث يجري وفق مخططاتهم .
لذا فأن المنطقة مقبلة على مزيد من التوتر و التصعيد وسط دور خجول او عديم للمنظمة الدولية التي باتت دمية في يد الدول تصنع قرارها و موافقتها وفق رؤيتها و لا يأبه بتطلعات شعوب المنطقة و احياناً تأخذ دور المتفرج لا اكثر و لكن تبقى للمشاكل الداخلية التي تعاني منها كل من ايران و تركيا و موقف امريكا و اوروبا دوراً في الحد من تطلعاتهم التوسعية و اجنداتهم الخارجية اذا لم تكن الجميع متفقين و متأمرين هذا ما سيكتشفه الايام القادمة .