يخرج بحذر وهو يزرر قميصه، متخذا الليل ستاراً لمغامراته وغزواته الدونجوانية ، كان يعشق الليل يراه حافظاً للأسرار ، لا يفضح او يهتك ستراً ، لذا اتخذه ملاذاً ، حيث يقضي نهاره في عمل متواضع بالكاد يدر عليه قوت يومه ، حتى إذا جن الليل خرج لشؤونه العاطفية ، يتقلب بين أحضانهنّ ، يحاول جاهداً ان يكون عادلاً بهذا الشأن فلا يسمح لواحدة منهن ان تستحوذ على كل وقته .. فالحق هو الحق .. هكذا يردد بينه وبين نفسه ، موهماً كل واحدة منهنّ بأنها حبه الأوحد ، مع انه يعترف في قرارة نفسه بان الحب لم يلامس شغاف قلبه يوماً .

من خلال خبرته الطويلة أصبح مهندساً في المواعيد الغرامية ، وخبيراً استراتيجياً ، يضع خططه بإتقان ، كيف يتسلل داخلاً أو خارجاً ، وكيف ينقذ الموقف لو صادفه طارئ ما .

أو كيف يتخلص منسحباً (انسحاباً تكتيكيا) كما يسميه ، لو أنتابه الشعور بالملل من إحداهن ، وكثير ما كان يحدث ذلك له .

كانت جارته ترقبه من شباك دارها المطلة على الشارع ، حيث تنتظر زوجها الذي يعمل مناوباً ليلياً ، إذ غالباً ما يعود إليها متعباً ، بالكاد يخلع ملابسه ويغط في نوم ليعلو شخيره الذي يصك مسامعها ، تعود إلى النافذة .. ملاذها الوحيد ، تضحك بسرها حين تراه يتسلل خفية ، وتقلق عندما تشعر بوجود خطر عليه ، تتمنى احياناً أن تحذره .

اختلقت عذراً للحديث معه ، فقد لمحته يدلف الى البناية خرجت مسرعة ممسكة بمصباح ، رأته وهو يهم بالصعود مسرعاً إلى الشقة التي تقع في الطابق العلوي ، طلبت منه أن يساعدها في تركيبه ، حيث كان الممر الذي يحاذي شقتها يغرق في ظلام دامس .

تحسس على ضوء بطارية هاتفه السلم وقفت بين الضوء والظلام انشغل بهمة في تبديل المصباح على عجل لئلا يتأخر على موعده .

حين أضاء النور وقف مبهوتاً وهو يشاهد قطعة من الرخام الصقيل تنتصب قبالته .. إمرأة باهرة الجمال والفتنة .

تعمدت حينها ان ترتدي ما يبرز مفاتن جسدها

تثنت أمامه وهي تشكره وتدعوه ان يشرب قدح ماء .

لم يدر ماذا قال وماذا شرب إذ انتفض قلبه بقوة وكان صعقة كهربائية أصابته ، حيث أدرك أن السلك الذي أضاء المصباح قد أوقد عتمة رغبته .

لم يشعر إلا وهو ينهال عليها بقبلات امطرت جسدها كله ، لم يعودا يباليان بما حولهما ، بعد ان غابا عن العالم تحت ضوء ذلك المصباح اللعين .