كانت تجلس إلى جواري ، فاغتنمتُ اللحظة وهمستُ : أنكِ تشعين ألقاً .. هكذا بدأت حديثي معها، بعدما لمحتُ اسمها مكتوباً بعناية على غلاف دفتر ملاحظاتها .
كانت مدربة تتابع فريقها الرياضي في إحدى الحصص التدريبية التي يقيمها النادي .. تضاحكتْ بعد أن اعجبتها المفارقة وقالت بتعجب كيف عرفت اسمي (ألق)؟!!! اجبتها : لأن الألق يحيط بكِ من قمة رأسكِ حتى قدميكِ .. بدأنا نتبادل الحديث ، وكان للكلمات طابع لا يخلو من غزل هادئ وعذب ، وكانت كل جملة تحمل بين طياتها وعداً بشيء أجمل .
وحين أنهت مهمتها ، جمعت أوراقها على عجل ، ولوّحت لي بنظرة استلطاف خاطفة ، وقالت : إلى لقاء قريب .. غادرت تاركة خلفها شيئاً من عبيرها ، وشيئا من الانتظار الممتزج بالأمل .
استرجعتُ مغامراتي مع الأسماء! يشدني الأسم كثيراً ، حيث كنت أصدرُ حكماً مسبقاً لمجرد أن أعرف أسم من انوي التعرف بها ، فأنا أؤمن بأن لكل إنسان نصيب من اسمه ، فتلك التي كانت تشع ضوءاً ، خمنت حين التقيتها لأول مرة اسمها ، اندهشت من ذلك فكان فاتحة لعلاقة حب ومشاعر جياشة ، وتلك التي تحاكي ربة الجمال عشتار ، تعلقتُ بها بمجرد سماع اسمها توسلت إلى صديقتي ان تعرفني عليها إذ كانت زميلتها في العمل ، وكم خاب ظني حين كانت سطوة عشتار قد تلبستها بالكامل حتى أتخيل أحياناً بأنها سوف تحكم من يعشقها بالحديد والنار ، زهقتُ منها سريعاً ، ليرميني القدر عند صاحبة المجد التليد صديقتي سؤدد ، كنت أخالها تمتطي صهوة فرس حين تأتي إلى لقائي ، كل شيء يشير إلى محتدها الكريم، أمازحها احيانا بقولي أين تركت جيوشك يا ابنة الصحراء؟! وحين تتكلم اتوقع بأنها سوف تلقي خطبة عصماء تهتز لها سيوف الرجال .
هالتني رقتها وهي تذوب حبا بين ذراعي ، لم أعد اطيق ذلك ، إذ لم يكن بمقدوري إزاحة فكرتي عنها ، فهجرتها ، لكنها مازالت تملأ نفسي مهابة لم اجدها عند سواها .
أنصت إلى نغمات لأغنية تركية فتقفز على بالي تلك العثمانية التي مازالت تقبع في قرارة نفسي ، كانت متمردة ، تنادي بالمساواة مع الرجل في كل شيء، اناقشها بأن ذلك يخالف الطبيعة البشرية ، فتهزأ قائلة امرك يا مولانا .
على الرغم من الحب الذي كان يجمعنا ، ولحظات الدفء والصدق التي تنتابنا حينما نكون معاً ، لم أنجح في أن أضمها إلى عالمي كما أردت .. لا لأنني لم أحاول ، بل لأنها اختارت أن تبقى حرة خارج السرب ، فابتعدتْ رغم حبها لي ، ولم أنجح في أن أضمها إلى فيلق الحريم .