في بغداد، شكر رئيس الحكومة العراقية السيد حيدر العبادي، حكومة إقليم كوردستان على إستمرار تعاونها معه، ووصف علاقته مع السيد نيجيرفان بارزاني بأكثر من مجرد إجتماعات رسمية، وأكد على عقد إجتماعات وتواصل مستمر بينه وبين البارزاني، وقال: أن حكومته فتحت صفحة جديدة مع إقليم كوردستان، تبدأ برفع الحظر عن مطاري أربيل والسليمانية الدوليين.

وفي أربيل، شكر رئيس حكومة إقليم كوردستان السيد نيجيرفان بارزاني نظيره العراقي حيدر العبادي على قرار رفع الحظر عن المطارات، واصفاً القرار بالبداية المهمة التي تثبت أنه في حال إمتلاك الإرادة الجدية يمكن معالجة المشكلات استناداً إلى الدستور العراقي.

   قبل الإستفتاء الذي جرى في أيلول الماضي، جرى تجاوز كبير على القانون والدستور بإسم القانون والدستور، وبعدهإرتفع التوتر بين أربيل وبغداد وساهمت التصريحات التصعيدية بالتدريج في تفاقم الخلافات بينهما، ووصلت الى مرحلة التشنج والإصرار على الأخطاء الفضيعة، وتناسلت الأزمات وكانت لكل أزمة إرتباط بسابقتها وأسوأ منها، وظهر على الساحة أناس يتلاعبون على حبل المزايدات الرخيصة فأثاروا الفتن وإختلقوا المعضلات، وإحتدم الصراع، وإنتقل الخلاف، الى مراحل حرجة ومستويات خطرة، والى تضارب المصالح، والتخطيط في العمق لتسيير الأمور بإتجاه الإطاحة بالآمال الكوردستانية، وتم تجاهل كل طلبات الإقليم الدستورية والقانونية، كما تم ممارسة الضغوطات من أجل تضييق الخناق على الكورد وتركيعهم للإملاءات المزاجية، ووصلت الأمور الى إستخدام القوات العسكرية والأسلحة الحربية المتطورة ضدهم، وبات رأس الكوردي مطلوباً في غالبية الحسابات السياسية. طبعاً هذا لا يعني أن الجميع (في بغداد) تحولوا الى أعداء وخصوم للكورد، لأن البعض كان يبلي بلاءً حسناً في الحفاظ على أواصر المودة والإحترام المتبادل.

   في أجواء الهلع الذي خيم على العراق إستقرت صيغة مواجهة التحديات في ذهن السيد نيجيرفان بارزاني، الذي قاد الإقليم لتحقيق طفرة نوعية في الاقتصاد والسياسة والعمران وتقديم الخدمات والاستقرار الامني، وتسجيل نجاحات كبيرة تثير الدهشة، تتمثل في إفتتاح العشرات من الممثليات الدبلوماسية لعواصم العالم في أربيل وعشرات الممثليات التجارية فضلا عن مئات الشركات العالمية في المجالات المختلفة وخاصة النفطية منها. وعقد (البارزاني) العزم على التباحث والحوار المباشر مع السيد العبادي، لإثبات الرغبة الصادقة والنيات السليمة والإرادة التي لا تدع مجالاً للشك في إمكانية تجاوز الخلافات التي أوقعت بأهل العراق عامة والكورد بشكل خاص الكثير من المظالم، وقرر أن يشخص ويصحح الأخطاء والنواقص، ومكامن الخلل وأن يضع الأصبع على الجرح لدرء المخاطر، وأن يدفع بإتجاه إبعاد البلاد عن الكوارث، والإستمرار في الحوار والتفاوض لإيجاد تسوية مع بغداد وفق دستور البلاد.

العبادي من جانبه، رغم أن البعض حاول زيادة الخلافات بين أربيل وبغداد وتوسيعها لصالح أجندات خاصة تتمحور حول إضعاف دور حكومة الإقليم وإسقاطها عبر الإنسحاب منها، وتهميش الحزب الديمقراطي الكوردستاني، إقتنع  بأن البارزاني هو المسؤول الكوردي الذي يمكن التباحث معه بشأن القضايا المتعلقة بالكورد في العراق وبما يخص العلاقة بين بغداد وإربيل، والذي بإمكانه ان يلعب دورا فعالاً ومتميزاً في نزع فتيل الأزمات التي تدور في البلاد.

وهذا يعني أن الجانبان توجها نحو البحث عن حلول للمشكلات، وتبادل الإتصالات والزيارات ووجهات النظر، وتحديد المسارات والمنطلقات والأولويات والمسؤوليات الوطنية والأخلاقية، لتحويل الخصام الى الإنسجام، والتنافر والإختلاف الى تفاهم، وإحباط آمال من يحاول أن يوظفه في الخفاء والعلن لصالح أجندته ومشروعه الخاص. وبعد إلاعلان عن التوصل الى إتفاق أولي بين الجانبين، إنتعشت الآمال، وإفتتح الطريق للبدء بوضع حلول (شاملة وعادلة ودستورية) لجميع القضايا العالقة بين بغداد وأربيل، وأصبحت الحلول قاب قوسين أو أدنى، خاصة وأن جميع الشواهد والقرائن تدل على أن التوقيع على هذا الإتفاق الأولي، يغير واقع الحال، وسيخفف الهجمات اللفظية المتبادلة، ويمد جسور الثقة بين الطرفين بعد سنوات من الشكوك والخلافات، ويردم هوة الإنقسام ويعالج الأخطاء، ويدفع بإتجاه توحيد الصفوف من أجل تنفيذ الدستور.