تحررت مدينة الموصل وعادت لحضن العراق وسقطت دولة الشر والاجرام والخرافات وعادت لجيش العراق وقواته المسلحة ومتطوعيه وعشائره وحشوده شيئاً من هيبتهم وسمعتهم برغم انهم خسروا قبل ان يحاربوا عندما سقطت الموصل وصارت مثلبة عليهم لكنهم عادوا ليثبتوا ان العراق يمرض ولكنه عصي على الموت وانه كما قال عنه سيدنا عمر "العراق جمجمة العرب ، وكنز الإيمان ، ومادة الأمصار ورمح الله في الأرض ، فاطمئنوا فان رمح الله لا ينكسر " وكما قال شاعر العرب الاكبر الجواهري يعز علي كسر عين العراق فعين العرُاق لن تكسر .
عادت ولكن ثمن عودتها غالٍ بقدر قيمتها وغلاتها لدى العراقيين ،نعم عادت الحدباء ولكن بسيل من الدماء ، نعم عادت ولكن بحجم هائل من الدمار ، عديد من الارواح قد ازهقت وعديد من البيوت قد دمرت وألاف من العوائل قد تشردت وكثير من الاثار عمرها ألاف السنين قد تحطمت ، عديد من المذابح قد حصلت ، ثلاث سنين عجاف قد مرت اكلت الأخضر واليابس واهلكت الحرث والنسل .
فرحتنا بعودة الموصل لأهلها يجب ان لاتجعلنا ننسى من كان السبب في سقوطها ومن ضيعها وفرط فيها وسلمها واهلها واكثر من ثلث العراق لعصابات وشراذم لا يتجاوز عددهم 198 مجرماً من شذاذ الافاق وصعاليكها ، يجب ان نفرح ولكن ليس علينا ان ننسى من كان سبباً في مجزرة سبايكر والحويجة والبو فهد والنخيب ، فرحتنا يجب ان لا تنسينا دماء الابطال والشهداء والضحايا يجب ان لا تنسينا بان القتال لم ينته بعد وما هي الا معركة فاصلة والقادم اصعب ، فالبناء لايقل عن القتال والاعمار وتحرير باقي ارض العراق في الحويجة والانبار وعنه وهيت هي معاركنا القادمة ، ربحنا معركة الحسم لكن لدينا معارك اخرى لا تقل اهمية عنها فتقديم الجناة المسببين لضياع الارض والعرض للمحاكمة واعادة الناس الى بيوتهم ومناطقهم واعمار المحافظات والمدن والنفوس ومحاربة الفساد هي معركة العراقيين الكبرى بل هي ام المعارك وتاجها ، فالفساد اصل كل خراب وسبب لكل دمار ومشكلة .
سنحتفل ونملأ العالم بهجة ونزغرد للفرح ولكن يجب ان نزغرد بصوت خافت حتى لانفزع من توسدوا الثرى يجب ان لانثير عويل الامهات ونحن نهلل للنصر يجب ان لا نغفل أنين المكلومين ونحن نغني يجب ان نسمع صياح اليتامى وقرقرة بطون الجياع ودموع الثكالى وصراخ المفجوعين. سنفرح وسنسمع صوتنا لكل العالم ونريهم بان لأهل العراق يد تحارب واخرى تبني وقلب يحب وعقل يدبر وان للعراقيين عند الله حرمة ومنزلة وكرامة "حوبة" وان فيهم الخير الكثير كما قال سبحانه لأبو الانبياء ابراهيم عليه السلام "يا إبراهيم ربك يقول لا تدع على أهل العراق، وقد جعلت فيهم خزائن علمي وخزائن رحمتي" وسئل نبينا الاكرم صلى الله عليه واله وسلم "لو نفد الخير بالجزيرة اين نذهب يا رسول الله ؟ قال اذهبوا الى اليمن ، قالوا لو نفد الخير باليمن اين نذهب يا رسول الله ؟
قال اذهبوا الى الشام قالوا ان نفد الخير بالشام اين نذهب ؟
قال اذهبوا الى العراق قالوا :
ان نفذ الخير بالعراق اين نذهب ؟
قال رسول الله ان فيه خيرا لن ينفد الى يوم الدين" .
يجب ان نفرح وان نقرأ الفاتحة لكل روح ازهقت وقضت لكي نرى هذا اليوم ولكي يقف العراق شامخ عزيز مقتدراً ، لكل الشهداء نقول دمكم دين في أعناق العراق وان ثأركم لن يضيع فاطمأنوا فان حرمة العراقي ودمه لن يضيعها الله أبدا ودماءكم وتضحياتكم لن تذهب سدا .