رغم مرور سبع سنوات على رحيلكِ عن عالمي، مازلت احتفل بذكرى ميلادكِ كل عام، وأجهز الكعكة كما كنا نفعل، نشعل الشموع ونزين المكان وأغني لكِ "هابي بيرث دي تو يو " وكإنكِ معي، وها انا اقول لكِ في عشية ميلادك اليوم: ميلاد سعيد وعمرٌ لاينتهي وكل عام وانتِ معي تسكنين قلبي وتغفين بعمق تلك الغفوة العاشقة، سأبقى أعيش مع ذكرياتكِ التي لا تغيب عني، ذكريات عشت معها وعاشت معي وستبقى تلازمني حتى أنفاسي الأخيرة، حيث سنجتمع مرة أخرى في حفرةٍ صغيرة تضمنا معاً، فقد طلبت من أولادنا أن يكون مسكن جسدي وجسدكِ في مكانٍ واحد، اعلمي حبيبتي بأني أشتاق لذلك اليوم ولا تهمني هذهِ الحياة التي اصبحت لاتعني لي شيء بعد رحيلكِ.
صدقيني حبيبتي، لم ولن تغيبي عن ذاكرتي يوما، فأنا ذلك الشخص الذي كان يعيش معكِ حياته بسعادةٍ غامرة حتى وإن رحلتي الى عالمٍ آخر، مازلتُ اتذكركِ في كل اغنية احببناها وسمعناها سويةً، أتذكر حينما كنا نسمع فيروز وهي تغني من بعلبك، "بعدك على بالي" واغاني صباحية أخرى كانت تشدو بها.. وأُمُ كلثوم التي كانت تغني عبر اذاعة صوت القاهرة في كل أمسية من أماسي الخميس، إسأل روحك، سيرة الحب، أغداً القاك، واغاني مطربنا التركي المفضل فردي تيفور الذي كنا نحرص لشراء شريطه كل بداية عام ونُطرب مع صوته الشجي.
مازلت أتذكركِ، كل صباح، مع انبلاج الفجر، وشروق الشمس حتى يحين الغروب، كنتُ امسكُ أصابع يديكِ الناعمتين في لحظات السعادة والحزن، اتذكركِ، في عيون اولادي ثمرة حبنا الطويل، والذين مازالوا ينمون في اعماقي يوماً بعد يوم، دموعي تتساقط احيانا وانا أضع رأسي على قبركِ في كل زيارة احرص على تكرارها، تلك الدموع كانت أصدق دموع سكبتها شوقاً وحنيناً لايامكِ التي أصبحت من الماضي، كانت تلك الدموع تلتصق على خدي وكانت تشتهي السقوط على احضانكِ، أحببتكَ بصدق لكنكِ رحلتِ رغم ذلك الحب والوفاء، فالاشياء الجميلة لاتدوم.
سأبقى أتذكركِ، في عيون كل من احبكِ بصدق وأوفى لعهدكِ وأخلص لصحبتكِ وعرفكِ عن قرب. سأشعل الشموع أمام صورتكِ التي أعلقها على جدار صالون البيت وانتِ تبتسمين فيها ببراءة عاشقةٍ طيبة، سأبقى أتذكركِ، كلما تشرق الشمس وانتِ تستيقظين من النوم، ترتدين ملابسكِ الزاهية تستعدين لعملكِ المنزلي وتجهزي الفطور الصباحي وتبدين كوردة ياسمين عطرة تفتحت في يومٍ شتائيٍ مشمس ملأت المكان بعطرها بهجةً وسرور.
اتذكركِ بسوق منطقتنا، حينما كنا نبتاع منه احتياجاتنا اليومية، وفي اماكن جميلة زرناها وقضينا فيها اوقاتاً ممتعةً، اتذكركِ كلما تتفتح زهور حديقة منزلنا بألوانها وروائحها الزكية.
أتذكركِ، كلما وضعتُ رأسي على وسادتي، ودارت عيني في أرجاء الغرفة التي احتوتنا سنين طويلة، فلا أجد فيها غير صورتكِ أمامي ولا اسمع سوى صوتكِ وكلماتكِ الحنونة، مازلتُ حبيبتي احتفظ بقميصك الازرق الذي كنتِ تعلقيه في خزان ملابسكِ، كلما اشتاق لكِ اخرجه واشم منه رائحتكِ ثم أُعيدهُ لمكانهِ، واحياناً أضعه قرب رأسي وأنا احاول النوم على سريرنا القديم. مازلتُ اعلقُ معطفكِ الجميل بجوار ملابسي، ومازلت احتفظ ببدلتكِ الانيقة التي اشتريتها لكِ، وكنتِ تفضلينها على باقي ثيابكِ لانها كانت هديتي في عيد زواجنا العاشر، مازالت زجاجة عطركِ قرب وسادتي، اشمُ من خلالها رائحتكِ التي لا تفارقني رغم مرور سنواتٍ طويلة على رحيلكِ، لروحكِ الرحمة والغفران ياطيبة الذكر، لقد تركتي لي فراغاً كبيراً من الصعب ان يعوضهُ أحد غيركِ. لكن اعدكِ بأننا سنلتقي قريبـاً في حياةٍ ابديةٍ لاتنتهي فـ "انتظريني".