رحل فنان الشعب الدكتور حمودي الحارثي (عبوسي) الذي أمتع العراقيين بأطيافهم ومذاهبهم ومكوناتهم المختلفة، رحل وترك إرثاً كبيرا من الفن الاصيل الذي مازال حاضرا  في ذاكرة كل عراقي، حتى أصبح ايقونة الفن البغدادي  .. التحق بصديقه ورفيق دربه وأستاذه "حجي راضي" الفنان سليم البصري،  الذي سبقه بسنوات طويلة. واللذين شكلا معا ثنائيا كان يضاهي ثنائيات الفن العالمي بالانسجام والتكامل الفني تمثيلا وإخراجا وحوارا وحتى أغنية التايتل"عبوسي عنك راضي" التي أصبحت نشيدا عراقيا يشهد على أن الفن الأصيل الملتزم الذي يلامس قلوب الجماهير  لا يموت. 

مَنْ مِن العراقيين ينسى (تحت موس الحلاق) والمريض ، والمدرسة وغيرها من الارث الفني الزاخر ، من ينسى "زورق رزاق مقلوب" ، و"عمو خمو" ، "وكوزي تگوز عليه"  كان فنا هادفا ملتزما  يحترم المتلقي ويبتعد عن الابتذال والتهريج فضلا عن عفوية تمثيله، حتى كأن الشخصيات هذه أصبحت جزءا من العائلة العراقية  

كثيرا ما التقيته ، وأجريت معه حوارات صحفية عدة وبرنامجا تلفزيونيا لمدة ساعة تحدث فيها عن تفاصيل مسيرته الفنية وحياته بث  على شاشة  "قناة عشتار الفضائية"  ،  طلب مني مرة أن أصطحبه لملعب الشعب الدولي ليستذكر في الملعب الأثير مباراة الفنانين التي أقيمت في ثمانينات القرن المنصرم، وأراد ان نلتقط صورا قرب تمثال كهرمانة في الكرادة التي كانت تعني له الكثير ، وصورا اخرى مع تمثال شهريار وشهرزاد ، وفي جو لاهب اشتهى شرب الشاي البغدادي المهيل من گهوة "ابو حالوب" .

في كل مرة يزور فيها بغداد كنت أراه مرحاً مشعاً مبتهجا متفائلاً ،  كنت اتعجب حينما كان يطلب مني ان اصطحبه لأماكن بغدادية قديمة لا تخطر على البال . كان عراقياً اصيلاً يحب العراق   وبغداد بشكل لا يوصف .. رحم الله فنان الشعب الدكتور حمودي الحارثي واسكنه فسيح جناته .