عندما اعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي موقفه من العقوبات الأمريكية الجديدة على الجارة إيران، وأكد عدم تعاطفه معها، لكنه سيلتزم بها بمقدار ملاءمة الأمر لمصلحة الشعب العراقي كانت ردود الفعل قاسية من تحالف دولة القانون، وتحالف الفتح، والفصائل المسلحة التابعة للحشد الشعبي دليل قربها من الموقف الإيراني، وكلها تصريحات منددة ورافضة ومتوعدة جعلت من العبادي في مواجهة داخلية غير مسبوقة، وجرى توظيفها لإضعافه، والإشارة الى نيته بإسترضاء الجانب الأمريكي لدعم بقائه رئيسا للوزراء لدورة ثانية بعد أن وصلت الأمور الى درجة الحسم النهائي.

 

يقترب العبادي الذي يرأس تحالف النصر من التفاهم مع تحالف سائرون الذي يتقاطع مع أغلب فصائل الحشد، وعلى علاقة في غاية السوء مع تحالف المالكي، ويبدو جليا حجم الهوة بين الفريقين. وصحيح إن الولايات المتحدة تبحث عن حكومة متوازنة، وتدرك صعوبة أن يكون العبادي منقادا بالكامل لطموحاتها، فإن الفريق الرافض للحصار على إيران، والمندد بموقف الحكومة العراقية منه هو الأكثر جرأة في بيان مواقفه، والإصرار عليها، ولايتردد في إعلان دعمه للموقف الإيراني من الحصار، والعقوبات المفروضة على طهران.

 

في موضوع تشكيل الحكومة المقبلة لايبدو أن هناك رغبة للإندماج بين التيار الصدري ودولة القانون للوصول الى إتفاق، ولذلك يرجح ان يكون تحالفا الفتح والقانون مع كتل صغيرة وبعض القوى السنية القوية والتحالفات الكردية التقليدية في طريق التفاهم ليس لإعلان الكتلة الاكبر وهو هدف القوى الأخرى ولكن على أساس تثبيت مواقف وتمييز المعسكرات عن بعضها دون التردد في عمل كل شيء يتيح الظروف الملائمة لإعلان الكتلة النيابية الأقرب لتشكيل الحكومة.

 

وهنا السؤال الأهم: ماهي الحكومة المقبلة، ومادورها.هل هي حكومة حصار بمعنى أن تكون مؤيدة للموقف الإيراني ومتمردة على القرارات الأمريكية، أم هي حكومة خدمات؟ وقد يعترض البعض، ويقول: هل إن نيتة تشكيل حكومة مناهضة للموقف الأمريكي من إيران يعني إنها لن تعتني بالخدمات، ورعاية مصالح الناس؟ في الواقع فإن تعقيدات المشهد العراقي تثير الشكوك في طبيعة الوجهة التي ستسير فيها الحكومة المقبلة التي ستكون بين مطرقة واشنطن وسندان طهران… وعلينا أن ننتظر لبعض الوقت..