الحكومة الالكترونية هي إحدى افرازات التطور التكنلوجي المتسارع في العالم ولقد تم تطبيقه في معظم البلدان المتقدمة وكثير من دول العالم الثالث وأصبح سمة حضارية تواكب التطور الهائل وثورة المعلومات التي تتطور بشكل سريع ولقد أجرت الأمم المتحدة استطلاعاً حول هذا الموضوع في عام 2016 بعنوان "الحكومة الالكترونية لدعم التنمية المستدامة"وأشار هذا الاستطلاع إلى ان "هناك اتجاه عالمي ايجابي نحو مستويات أعلى من تنمية الحكومة الالكترونية، إذ إن جميع المناطق تحتضن بشكل متزايد الابتكار والاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الجديدة".
لايخفى على أحد حجم الفوائد الكبيرة عند تطبيق هذا النظام في أي دولة ولعل من أهم هذه الفوائد هو تحقيق
عملية تغيير وتحويل العلاقة بين المؤسسة الحكومية والمواطن من خلال تكنولوجيا المعلومات الى علاقة تذلل كل العقبات الموجودة في معاملة المواطن بما يقلل الجهد والوقت للطرفين ويحقق الانجاز بشكل سريع ويوفر الشفافية ويقلل من حجم الفساد والابتزاز الذي يتعرض له المواطن عند مراجعته المباشرة للمؤسسة الحكومية وكذلك يحقق تخفيض النفقات والزخم في المؤسسات الحكومية ويقلل من المعاملات الورقية.
لقد اثبت هذا النظام نجاحه بما لايقبل الشك في جميع الدول التي تم تطبيقه فيها, ولقد تعالت الأصوات المطالبة لتطبيق هذا النظام في العراق منذ سنوات طويلة ولكن تعثرت عملية التنفيذ طوال السنوات السابقة وبعد طول انتظار تبنت الحكومة تطبيقه في جميع مؤسساتها وأصدرت تعليماتها لتنفيذه ووضعت الآليات لذلك وتم التطبيق في مؤسسات كثيرة واستبشرنا خيراً لنقلل جزء من معاناتنا الكبيرة مع كل معاملة رسمية في أي مؤسسة حكومية ولكن من خلال مراقبتنا لأداء هذا النظام في معظم مؤسسات الدولة وجدنا مع الأسف خللاً كبيراً عند التطبيق وعدم جدية في التعامل الصحيح معه ولانعرف الأسباب الحقيقية حول هذا الاهمال وللتأكد من هذا الكلام يمكن لأي شخص من زيارة أي موقع حكومي سيتفاجيء أن آخر تحديث للبيانات قد مضى عليه عدة أشهر وسيجد أرقام هواتف مثبتة للاستفسار أو الشكاوى وعند الاتصال سيجد جميع هذه الأرقام أما مغلقة أو غير معرفة وسيجد الكثير من المواقع الالكترونية معطلة أساساً والأمثلة كثيرة جداً ولايمكن حصرها هنا, وقد جربت بنفسي عدة مواقع الكترونية لوزارات ومديريات ومؤسسات ووجدت نفس الاهمال وهذا ان دلّ على شيء فانه يدل على أمور كثيرة أهمها بأن الوزير ورئيس المؤسسة والمدير العام مقصرون ولايتابعون مواقعهم الالكترونية بشكل صحيح والأمر الآخر ان هناك أيدي خفية ليس من مصلحتها أن تسير الأمور بهذه السلاسة وان ينجز المواطن معاملته وهو في بيته دون أن يدفع رشوة ودون أن يقف لساعات طويلة بطوابير الانتظار ويلاقي كل أنواع الذل والهوان.
دعوتي للحكومة وللوزراء بأن يأخذوا دورهم الحقيقي في مراقبة تطبيق نظام الحكومة الالكترونية ومحاسبة كل الفاسدين الذين يتعمدون إفشال هذا النظام من أجل ديمومة فسادهم ومصالحهم الشخصية, وعليهم تسخير كل الجهود لانجاح هذا النظام المتطور الذي يحقق فوائد كثيرة للحكومة ويقلل من جهد المواطن المسكين المثقل بكمّ هائل من المعاناة والآلام اليومية وليتقوا الله فيه.