هذا عنوان لبرنامج تلفزيوني يعرض على شاشة فضائية (روداو) منذ أن بدأت الحملة الإنتخابية الحالية. تعني بالعربية، ماذا تفعلون ؟ أو ماذا تعملون؟. شاهدت قبل أيام أحدى حلقاته، وكانت مع السيد نيجيرفان بارزاني، رئيس حكومة إقليم كوردستان، الأحاديث التي أدلى بها في البرنامج، كانت ذو شجون تستحق البحث عن تفاصيلها وتداعياتها والتوقف عندها لتناوها بإسهاب، لأنها تقدم أدلة ساطعة على أنه سياسي يؤمن بعمق بأهمية دوره القيادي ويملك صفات القائد، ويمتلك قناعة مؤكدة تجاه عودة الأمور في المدى المنظور إلى ما كانت عليه  قبل أكتوبر2017، ويتصرف فعلياً وبشجاعة وبكل وضوح وصراحة على هذا النحو. وتؤكد أن الثوابت الوطنية والقومية مصانة، وأن المجتمع الكوردستاني لم يعد في محطة الانتظار، وأننا  قادرون على التفاهم فيما بيننا كأطراف سياسية في الإقليم ومع بغداد والدول الإقليمية ولو في الحدود الدنيا، وأننا ذاهبون إلى مرحلة كتلك التي سادت قبل إجراء الإستفتاء في كوردستان. وأنه هو( البارزاني)وحكومته منخرطون فعلياً في صناعة مستقبل مختلف بعد الذي جرى من تفتت وتشرذم وتشظي، وبعد أن كان الكثيرون يترقبون حدوث أسوأ الاحتمالات، وبعد أن كان البعض يظن أن المشكلات المزمنة الصلبة والعسيرة، مستحيلة العلاج في المدى القريب. وظهر الخير أكثر مما كنا نظن، وتحول بصيص الأمل البعيد والمستبعد، الى ضوء ساطع في بداية الطريق، يضىء صور الأعمال الواسعة النطاق، والمتعددة الأبعاد، ويعيد صياغة الأهداف بشكل يتجاوز ما كنا نتصوره ونتوقعه.

  سنتوقف عند أمرين فقط تناولهما السيد بارزاني، يستدعيان التوقف والتأمل الأكثر، وتشكلان علامة فارقة في المشهد الكوردستاني الجديد. يتعلق الأول بالشخصيات السياسية الكوردية التي تهاجم الاستفتاء الذي جرى في أيلول الماضي، وتلقي باللائمة عليه. ونقول:

   مشهد من يهاجم الإستفتاء، في الحملة الإنتخابية الحالية، ويصفه بالفاشل أو المشؤوم، وهو يواضب على إطلاقها مرة بعد مرة، وقد رأيناه يرفع إصبعه البنفسجي فخراً في 25 أيلول الماضي، ويدعو المواطنين للمشاركة فيه بحماس والتصويت لصالح الإستقلال. مشهد مقزز بغيض يدعو إلى الغثيان، ويكشف عن النفاق وزيف الوعي والحس الوطني والديني والإنساني. وتعبير عن نزعة خيانية عفا عليها الزمن، ولا تليق بالرجال، نزعة تعود إلى ما قبل تجريم التجحيش،وتعكس حقيقة ومساراً صممته جماعة محددة، تريد الهيمنة على مقدرات البلد وتوجيه مساره، كي يخدم أغراضها هي، وليس مصالح البلد وأبنائه. كما تشكل عبثاً خطيراً بالمسارات السياسية والدستورية، ويشرعن قانون الاستخفاف والتمادي بالحقوق الكوردستانية.

ويتعلق الثاني، بالجهات التي لا تهمها كيف سيكون مصير هذا البلد. حاولت التشويش على العبادي بشأن الإقليم والرواتب في لحظات معينة كنا نعيش حالات الاستنفار المختلفة، ورائحة البارود تزكم الأنوف، تخطى ذوو النفوس المريضة، كل حواجز المرؤة والقيم الإنسانية، وبلغت عندهم البلادة والقسوة والوقاحة والصلف والانحطاط الأخلاقي، ما لم يبلغه من كنا نسميهم جحوشاً، تمنوا الخراب لكوردستان وتمزيق الوطن وتدمير الشعب، تسابقوا فيما بينهم نحو بغداد، لتحريض حكومتها على الإستمرار في قطع أرزاق الكوردستانيين وشن الهجمات العسكرية على المدن الأمنة. إعتقدوا وهم واهمون وباحثون عن المال والمناصب، أن طريق إعتلاء السلطة يمر عبر الحصول على رضا حكام بغداد، ومعاداة شعب وحكومة الإقليم، والإعراب عن اللإستعداد لتقديم الخدمات، والتبرؤ من إستفتاء الإستقلال.

الأحداث تثبت أن حكومة الإقليم ما زالت صامدة وستصمد أمام التقلبات والتجاذبات، وأن أرض كوردستان لاتكون ميدان مواجهة وساحة معركة بين القوى المتصارعة، وأن التعايش يقوم على الاحترام المتبادل، والتمسك بالمبادئ والحقوق الدستورية هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار، ويحسن صنعاً من يعتذر عن أخطائه ويصححها و يعيد الالتزام بما سبق له الالتزام به.