في الغالب يعيش بشر طبيعيون قرب المراقد المقدسة، والمزارات الدينية، وقرب الكعبة وفي المدينة المنورة، وفي مصر والعراق ولبنان وسوريا، وغيرها من بلدان تحفل بمواضع يقدسها الناس، ويزورونها ويعتنون بها، ويحافظون عليها بوصفها تراثا دينيا خالصا لايمكن المساس به.
وهولاء ليسوا قديسين، لكننا تعودنا من طفولتنا الساذجة إن كل المدن المقدسة مقدسة بحجرها وشجرها وناسها، وهذا غير صحيح. فالبشر هم البشر في كل زمان ومكان، ويمكن أن يخطئوا، ولكن المقامات العالية والمناصب والأموال تجعل التافه شخصا عظيما في نظر العامة من الناس خاصة السذج والبسطاء، فمابالك والناس يعتنون بالقبور والمراقد التي يسجى فيها أنبياء، وأصحاب أنبياء، وذراري أنبياء؟
في العادة تتحول تلك المواضع الى مستوى من القدسية لايمكن معه تصنيفها في إطار يبتعد عن القدسية المطلقة المتصلة بقدسية الرب، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال الممارسات الطقسية للبشر وليس المسلمون لوحدهم بل يتعداهم الى أتباع الديانات الأخرى السماوية كالمسيحية واليهودية، وديانات صنعها البشر كالمانوية والبوذية، وسواها من إعتقادات.
يؤمن ملايين البشر إن الأماكن المقدسة يمكن أن توفر ضمانات العيش الآمن في العالم الآخر بوجود الرمز المقدس. لذلك يتم دفن الموتى قرب تلك الأماكن، وبمرور الزمن تتحول المقابر الى مزارات، وهذا شائع حول العالم، وعند الشيعة والسنة المسلمين، وعند أتباع بقية الديانات، ولكن تتفاوت قدسية كل مكان حسب نوع الإلتزام الديني، والحماسة الروحية التي تحرك الناس، ووفقا لها يتصرفون ويقررون.
في العادة تقسو قلوب كثير من البشر، ويتحولون عن القدسية المفرطة، ويسلكون مسالك غير محمودة، وقد يخطئون ولكن الأدهى أن الناس بقصد وبغيره تجعل من تلك الأخطاء عارا على أتباع الدين، أو المذهب وكأنهم كلهم مارسوه. فلايعود التمييز ينفع، وقد تدخل السياسة كعامل مساعد في تأجيج الحماسة لإظهار الآخر كفاسد ومنحرف ومستغل وكافر. والبشر لم يعودوا مختلفين عن التكفيريين الذين يشتمونهم، فالتكفيري يمارس نوعا من الجريمة، ولكن بقية البشر يمارسون أصنافا من التكفير مع بعضهم، أو التدمير والتعرية، وكل أشكال الزنا والفساد والسرقة والغيبة والنميمة والخداع والنصب والإحتيال وهذا طبع بشري يتم من خلاله حصر عدد الداخلين الى النار، والناجين منها.
التوقيع على مؤخرة مواطن لايعني نهاية العالم.