مع إقتراب موعد تطبیق عدم السماح لدخول الدواجن المجمدة و اجزائها الی العراق، تواجه صناعة الدواجن تحدیا حقیقا یکمن في ظهور مرض انفلونزا الطیور في عدة بؤر، الامر الذي سیشکل عقبة حقیقیة أمام زیادة الانتاج المحلي لتغطیة الطلب في السوق المحلیة.
أعلنت وزارة الزراعة العراقیة في 9 من أیلول من هذه السنة أن مجلس الوزراء صادق علی مقترحها القاضي بمنع استيراد الدجاج المجمد الکامل و المقطع الی العراق، علی أن یکون ذلك بعد 45 یوما من القرار، حیث سیدخل النفاذ في 23/ 10/ 2025 . بالتأکید فإن القرار له أبعاد إیجابیة مهمـة في عملیة إعادة بوصلة صناعة الدواجن الی مسارها الحقیقي و الدفع بعجلة التقدم في جمیع أوجه صناعة الدواجن و التي یأتي في مقدمها اللحم و البیض.
جاء قرار الوزارة بعد محاولات کثیرة من الجهات المعنیة و الشرکات الاستثماریة و کذلك الضغوط التي مارستها الجمعیات و الاتحادات و الاعلام في هذا الصدد، کما أن البرنامج الحکومي کان یتضمن دعما للفلاحین و المربین و المنتج المحلي و السیر نحو الاکتفاء الذاتي في عددة صناعات و منها دواجن.
إن من أهم تحدیات صناعة الدواجن في العراق في الوقت الحالي هي :
- رداءة البنیة التحتیة في قاعات التربیة و التجاوزات من المربین، و عدم قدرة الحکومة ( وزارة الزراعة) علی السیطرة علی المشاریع و المربین الغیر مجازین و الذین لاتتوفر في قاعاتهم الشروط الصحیة و الفنیة المطلوبة. حیث لا نستطیع الحصول علی احصائیات حقیقیة لعدد المشاریع و القاعات التي تربی الدواجن أو التي تنتج بیض المائدة.
- کما أن المربین لا یعتمدون علی أطباء بیطریین و مهندسین زراعیین ذي خبرة بل یکون الرأي لهم في کل صغیرة و کبیرة، بما فیها المسائل الصحیة.
- یرافق ذلك ضعف و عدم قدرة الاتحادات و الجمعیات المهنیة و النقابات علی تجاوز المربع الاول الذي تعیش فیه، و عدم قدرتها الفعالة أن تجاري مثیلاتها في العالم و أن توفر ما لا یمکن للحکومة أو الشرکات من توفیره من تنسیق العمل المهني و فتح دورات تدریبیة و مهنیة و تخصیصیة و مشارکة فعالة في المؤتمرات و النداوت و البحوث،و کذلك صعف مشارکتها للحکومة في وضع السیاسات و الاستراتیجیات المطلوبة للنهوض بهذا القطاع.
- عدم وجود التخصص في المجال المهني في ما یتعلق بالاطباء البیطریین و المنهدسین الزاراعیین، في مجال تربیة الدواجن و إنتاج البیض و إدارة المفاقس و ترکیب و صانعة الاعلاف و تربیة الامهات و الاجداد. مع قلة الکوادر المختصصة في مجال التشخیص للامراض و محدودیة إمکانیاتها.
- کما لایتوفر في البلد معمل خاص بإنتاج اللقاحات التي تضمن وجود عترات محلیة فیها و بالتالي نضمن أن تکون الحمایة متوفرة فیها.
- ضعف في تطبیق أسالیب الادارة العصریة و العلمیة في إدارة مشاریع الدواجن، الصغیر منها بشکل خاص. یشیر الاستاذ الدکتور صلاح مهدي حسن في مقالة له نشر علی موقع شبکة نهرین البیطریة في 21/ 10/ 2025 الی أن ( الأستخدام العبثي للقاحات البيطرية و التي في كثير منها لا يحتاجها الدجاج في العراق فضلا عن الأستخدام الجائر والعشوائي للمضادات الحياتية في علاج الحالات) هي أحد مشاهد الادارة السیئة في الدواجن.
- عدم قدرة الجهاز البیطري الحکومي علی القیام بواجباته بشکل فعال و جدي و خاصة فیما یتعلق بالرصد و التشخیص و العزل و الاعلان عن الامراض و التعویضات، حیث أن الدعم و المتطلبات غیر موفرة بشکل مناسب، بالاضافة الی أن توجیهات المنظمات العالمیة المعنیة مثل منظمة الاغذیة و الزراعة FAOو منظمة صحة الحیوان العالمیة WAHO لا تجد الارضیة المناسبة للتنفیذ.
کل هذ التحدیات و ظهور الامراض و الضغط الذي یمارسه التجار و دول الجوار المستفیدة من تجارتها في مجال الدواجن، تعتبر ممن أکبر عقبات تحقیق الاهداف فوو صناعة الدواجن. إن اللوبیات و المافیات التي یمکنها أن یؤجج الرأي العام ضد هذه الخطط الحکومیةو قابلیتها علی تحرك الاعلام في هذا الاتجاه، بالاضافة الی الضغط من الجهات الداعمة و المشارکة في أعمال التجارة الخارجیة، و لا ننسی الصراع السیاسي الداخلي علی المناصب و إستهداف الجمهور بغیة منع منافسه من تحقیق انجاز حقیقي، کلها مجتمعة تشکل الذراع التي قد تستهدف مشروع بناء صانعة دواجن وطنیة مقتدرة.
مع کل ماذکر فإننا لا نزال نعیش الهاجس الذي یمکن أن یبدد کل الامال و الاحلام في أن تتحول صناعة الدواجن الی مصدر من أهم مصادر الامن الغذائي في العراق و أن تکون له مشارکة فعالة في الدخل الوطني السنوي و توفیر فرص للاستثمار و العمل الحقیقیة للعراقیین .