مايحدث على الساحة العراقية السياسية يمكن تشبيهه برجل متزوج وعنده مجموعة من الأطفال وهو غير منسجم مع زوجته وتشاجر معها شجار قوي فقام بقطع المصروف عن البيت بالكامل وترك أطفاله بلا مورد رزق يعتاشون منه ويعانون شظف العيش وحجته أنه يريد معاقبة الزوجة.
الكتل السياسية عودتنا على هذه الخلافات منذ عام 2003 ولحد الآن فاختلفوا على تشكيل الحكومة وعلى تفسير القوانين وعلى تفسير الكتلة الأكبر حيث يتغير هذا التفسير كل دورة انتخابية حتى بات معناها لايعرفه الا الله والراسخون في العلم, وما أريد أن أتحدث عنه ليست خلافات الكتل التي باتت أمراً طبيعياً ولكن إقرار الموازنة العامة التي ترتبط بها كل مفاصل الحياة وترسم خارطة طريق الاقتصاد لعام كامل وتحدد فيها فرص العمل والدرجات الوظيفية والتخصيصات للمشاريع الاستثمارية بأنواعها وتخصص فيها النفقات التشغيلية للوزارات والمؤسسات الحكومية,وترسم فيها الخطط الكفيلة بتقليل معدلات التضخم وتقليل حجم المشاكل الاقتصادية الموجودة في البلد وأهمها البطالة والفقر والمشاكل الصحية ومشاكل البنى التحتية في القطاعات الرئيسية التي تمس حياة المواطن مثل قطاع الكهرباء والماء والنقل والمجاري, وتعتبر الموازنة العامة دائماً ترجمة لبرنامج الحكومة الموضوع مسبقاً, وإقرار الموازنة والمصادقة عليها من قبل مجلس النواب محكوم بتوقيتات دستورية يجب أن تحترم من الجميع حيث يجب أن تتم المصادقة قبل نهاية العام وبعدها ينشر في صحيفة الوقائع العراقية باعتباره قانون منفصل يجب أن تتوفر به كافة المقومات القانونية حتى ينتقل الى حيز التنفيذ.
عام 2022 شارف على الانتهاء ولحد الآن لم تلوح بالأفق أي بوادر لحل النزاعات السياسية وبالتالي لن ترى الموازنة النور وسيبقى الركود الاقتصادي هو السائد وسيبقى الدستور مخترقاً ويبقى المواطن العراقي هو الخاسر الوحيد في معادلة ظالمة تتكرر كل عام ويبقى يلعب دور المتفرج على طبقة سياسية همها الوحيد مصالحها الشخصية وتقاسم المغانم والامتيازات ويبقى الوضع كما هو عليه.
أصبح العراق على سطح صفيح ساخن بسبب سوء الإدارة لطبقة سياسية لم تقدم للمواطن العراقي المغلوب على أمره أي إنجاز يذكره لهم, ويبقى مستقبل البلاد مجهولاً لا يمكن التكهن به في ظل غياب الحلول بين المتنازعين وفي ظل تمسك كل طرف بموقفه وعدم تقديم التنازلات والى الله المشتكى.